يجمع الشريط الحدودي الممتد بين المملكة واليمن على طول 1400 كيلو متر سكان ما يعرف بالقرى والهجر الحدودية التي تتناثر على جانبي الشريط وتتداخل في العديد من المواقع. وتتداخل العادات والتقاليد القديمة بين سكان قبائل تلك القرى، والتي تعارفوا عليها منذ القدم إلى حد لا يستطيع أن يفرق الزائر فيما بينهم، إذ يكادون ينصهرون في الترابطات الأسرية الكثيرة وحسن الجوار وحالة الألفة. ويلجأ سكان تلك القرى في حال وقوع خلافات فيما بينهم إلى حلها عبر (أعراف عامر بن خولان)، التي تعالج أية مشكلة مهما كبرت، إذ لا شيء يعكر صفو حياتهم التي اعتادوا عليها منذ عشرات السنين. ورغم محاولات المتسللين تعكير صفو تلك العلاقات الجيدة بين سكان قرى البلدين، عبر إثارة النعرات القبلية، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل، إذ أن جميع قاطني قرى الشريط الحدودي سعوديين ويمنيين، عبروا عن استنكارهم لعدوان المتسللين واصفينهم بأنهم «فئة ضالة وخانت المواثيق». ويؤكد شيوخ تلك القبائل أن الأخوة بين البلدين لن تتعكر بسبب تصرفات هوجاء لمجموعة ضالة خرجت عن الطريق، وأن صلة الرحم ستستمر بين سكان البلدين الشقيقين، مشددين على أنهم سيبذلون قصارى جهدهم لإعادة الهدوء للمنطقة الحدودية بين المملكة واليمن. تناغم فريد وجوار تاريخي تجده واضحا بين قبائل سعودية تسكن جبال بني مالك والعارضة وفيفا وهي آل عطيف وآل محمد والكعوب واللغوب وسحار وآل قيس، وتقابلها على مرمى حجر قبائل يمنية ملاصقة للشريط الحدودي هي آل وقيش وأزهور وآل عطيف اليمنية وغمر وبني معين اليمنية وآل أمشيخ ومنبه، الذين تجاوزوا رسم الحدود. وتأتي الروابط الاجتماعية بين تلك القبائل لتلعب دورا مهما في عملية التعايش السلمي حيث يتم التزاوج بين أفرادها، بكل سهولة، ما ساهم في تعزيز صلة الأرحام وزاد في تكثيف عدد الزيارات الواجبة. يقول ل «عكاظ» بائع البن اليمني أحمد علي: دخلت منفذ الطوال لبيع البن والبهارات ونعطى تصريح دخول لمدة عشرة أيام نبيع خلالها بضائعنا ونشتري ما نريد من الأسواق السعودية ونخرج بها من المنفذ بدون أية مضايقات ومثلي كثير. ويشير علي المحمدي بيده إلى قرية معمال سافع ويقول إنها من قرى سحار والمسافة الفاصلة بين القرية والقرى اليمنية لا تتعدى 500 متر، مشيرا إلى روابط تجمعهم بأبناء هذه القبائل، وهي روابط الدين والرحم والجوار والعادات والتقاليد. ويؤكد محمد حسين عثمان بائع سوداني داخل بقالة في قرية المرابي السعودية أنه لا يستطيع أن يميز بين سعودي أو يمني، مشيرا إلى أن الجوار الموجود بين أبناء القرى في البلدين فريد من نوعه، إذ أفراحهم واحدة وكذلك أتراحهم.