لم تكن الحياة طبيعية أمس بالقرب من جبل دخان جنوبي جازان على الحدود السعودية اليمنية، فدوي القصف للجبل كان هو المشهد المسيطر على الصورة العامة، على الأرض رجال الأمن في حالة ترقب شديد ومتابعة دقيقة، وفي السماء تمشيط جوي لطائرات سعودية لا تكاد تغيب الأولى حتى تظهر الأخرى في الأفق، محيط الجبل طوق أمني محكم ورصد على مدار الساعة. هناك على بعد كيلو مترات من المواجهة، وقفت «عكاظ» ميدانياً على الوضع العسكري، الصورة هي حركة لا تعرف التوقف قوات تحمل رجال أمن، مدرعات تتجه في كل صوب، تمشيط جوي، معلومات تمرر عبر الأجهزة اللاسلكية لتقييم الموقف، وفي الشأن المدني بدت حالة من الرضا واضحة على السكان، فالمقيمون الذين يغادرون المملكة بعد انتهاء فترة عملهم ويتجهون عبر النقاط الحدودية لا يعبؤون بما يجري على اعتبار أن حركة التمرد التي يقودها الحوثيون مصيرها إلى الزوال، كونها تواجه ضغطا من الداخل اليمني ومن الجانب السعودي. أما المواطنون من أبناء تلك القرى، فقد انشغلوا تماماً بتأمين المياه الصحية وخدمات الإعاشة والدعم لمن يحرسون أمن الوطن، وبدوا غير عابئين بالمقاومة غير المجدية التي ينفذها المتمردون، الكل في سباق مع الزمن وكأن عقارب الساعة تسير بوتيرة أسرع، يقول عبده الفيفي (60 عاماً) نحن لا نخشى الموت، نريد أن نطهر الأرض من دنس الخائنين الذين داهموا قرانا ليلاً للاستيلاء على جبل يعتقدون أنه سيكون ملاذاً آمناً لهم. ويتحدث موسى زوالي «قد لا تتخيل الوضع الذي يعيشه المواطنون هناك إصرار على استئصال شأفة المتسللين من أفراد الحوثيين، الكل هنا يجمع على أن الموت دفاعاً عن الوطن أمنية» ويضيف «أبناء القبائل الذين كانوا خارج المنطقة عادوا إليها، أما النساء فلا تسأل عن الجهد الذي يقمن به، فكل همهن تعبئة السكان بما يجب أن يكونوا عليه». سالم الفيفي الذي التقته «عكاظ» في مزرعته يقول بلغة تفاؤل «أنا وأفراد قبيلتي متفائلون أن مصير هؤلاء إلى الزوال، لأنهم وضعوا أنفسهم في مواجهة خاسرة من كل الأطراف،فهم خسروا أي تعاطف مستقبلي، كما واجهوا قوة لا تهزم». عسكرياً، ردعت قوات الأمن فلول المتمردين، ووجهت بحسب المصادر ضربات أمنية مركزة على مواقع يختبئون فيها في جحور جبل الدخان، وتشير مصادر مطلعة أن أصوات رصاص المقاومة من الجبل بدأت في التلاشي تماماً إذا لا يكاد يسمع سوى صوت طلقات رصاص، أما الطيران الجوي السعودي فهو يمشط المنطقة على مدار الساعة ودون توقف. معنويات رجال الأمن من أفراد حرس الحدود والقوات المسلحة بدت مرتفعة، وهم يوجهون الضربات الموجعة لأفراد التمرد الحوثي.