في مناطق الغربية يسمونها «الشعبنة»، و «الشعبانية» في مناطق أخرى. وهي عادة قديمة جدا أخذت ألوانا اجتماعية مختلفة، قد يكون المقصود منها زيادة الارتباط الاجتماعي بين الأسرة والأقارب، وقد يكون المقصود منها إدخال الفرح والسرور، فتنشد الأناشيد، غير أنها حديثا تحولت إلى ضرب من الترفيه عن النفس قبل مجيء شهر رمضان، وقد يكون هذا ما جعل البعض ينظر إليها من زاوية البدعة المحدثة في الشرع. وبالنسبة للشباب ف «الشعبنة» تعني لهم تجمعات شبابية في مخيمات برية أو رحلات تجديف بحرية، وقد تكون صحراوية حيث الشواء، وقد تصل إلى أن تكون في فنادق خمسة نجوم، حيث مظاهر الترف على أنغام الموسيقى وقد تصل إلى ما هو أكثر من هذا. يقول الشاب محمد السهلي إن الشعبنة عندهم تكون بخروجهم إلى البر في إحدى ليالي شعبان التي تلي النصف منه ثم يطلبون من المجموعة التي ستخرج معهم إلى البر أن يجمعوا مبلغا من المال ليتم بها تسيير أمورهم ويجلسوا للسمر أيضا في المكان المختار للجلوس ومن ثم يخصصوا الوقت المتبقي للعب الكرة حيث يكونون فريقين. وقال السهلي إن الشعبنة في مفهومنا قد تختلف عن بعض الناس الآخرين فلكل طريقته في قضاء وقته وفراغه فنحن نأخذها لغرض التسلية والسمر ليس إلا، ونحرص في نفس الوقت ألا تحتوي جلستنا هذه على أي منكرات وهدفنا الوحيد الترفيه والتسلية في حدود المسموح شرعا. إبراهيم الموسى متحمسا «بدأت أشارك في الشعبنة قبل سنتين حيث اتفق الأصدقاء على الشعبنة بالقطة (كل واحد يدفع مبلغا من المال لقضاء تلك الليلة) وقمنا باستئجار استراحة خارج المدينة وأمضينا تلك الليلة في سهر وضحك وغناء ورقص حتى طلع النهار علينا»، وأكثر ما يمتع إبراهيم في تلك الليلة هو مد مائدة الطعام و عليها كل ما لذ وطاب. واتفق إبراهيم مع أصدقائه على قضاء ليلة الشعبنة، وتوقع أن يزيد عدد الشباب المنضم إلى الشلة في ذلك اليوم قائلا «عدم معرفة الشباب بتفاصيل تلك الليلة هو سر إقبالهم وحرصهم الكبير على قضائها». أما عمار اليافعي فكشف عن سر هذه الليلة لدى الشباب قائلا «الكثير من الشباب يعملون ما طاب لهم في تلك الليلة، بعضهم يسافر للخارج حيث لا رقيب عليهم على أساس أن شهر رمضان قد اقترب حيث تغفر جميع الذنوب والمعاصي و خاصة التي ارتكبوها في ليلة الشعبنة»،وتساءل «هل الواحد منهم يضمن نفسه أن يعيش ويبلغ رمضان وتغفر ذنوبه». وعن تخطيطه لليلة الشعبنة يقول الشاب علي عايد «نفعل كل شيء غناء ورقص ولعب ورق وبعض الألعاب الأخرى إلى جانب الطبخ حيث نطبخ اللحم أو الدجاج أو السمك ونعمل كبسة، فهذه الليلة تكون الأشد فرحا و بهجة لدى الشباب». أما «شعبنة» الفتيات فقد تطورت من مجرد الاكتفاء بالمشاهدة والاستماع إلى ما يفعله الشباب والرجال إلى أن يتجتمع عدد من الفتيات في أواخر شهر شعبان، فتدفع كل واحدة منهن «قطة» تصل إلى ألف ريال، ويستأجرن مطربة أو «طقاقة» شهيرة ويسهرن طوال الليل في غناء ورقص ولهو حتى الصباح! وتؤكد ذلك (سهى. م) اذ تقول إن العديد من الفتيات يمضين ليالي الشعبنة في منزل إحدى الصديقات حيث يتم إحضار مطربة وتتحول الليلة إلى حفلة غناء ورقص. وتوصف هذه الليلة أيضا بحسب سهى بليلة البذخ، حيث يقمن بشراء الملابس الجديدة ويرتدين كل ما هو غال كنوع من التباهي أمام الأخريات. مظاهرها عند الأسر الخالة أم فيصل مرزوق تجد أن أجمل ما في «الشعبنة» هو التجمعات العائلية والأهل والأصدقاء سواء داخل المنازل أو خارجها. وتؤكد على أن أهم مظهر للشعبنة هو هذه التجمعات حتى أصبحت عند البعض تقليدا عائليا إضافة إلى العشاء. وعن المظاهر الأخرى ذكرت أن البعض قد يركز على الترفيه في ليلة الشعبنة كالرقص والغناء وتوزيع الهدايا، والسبب كما تقول أن رمضان شهر عبادة واستقامة لذلك يقوم الناس بكل مظاهر الترفيه والترويح عن النفس. من جانبها تذكر أم روان (موظفة) أن السهر حتى الصباح هو أحد مظاهر نهاية شعبان أو مايسمى الشعبنة مع الأهل والأصدقاء بحضور أشهى الأكلات التي تتفنن السيدات في عملها والغرض منها كما تقول هو التجمع العائلي ليس إلا والترفيه عن النفس. وفيما ترفض معلمة التربية الإسلامية ياسمين هذه الأفعال وتقول إن البعض قد يقوم بالذكر الجماعي، والبعض يرتدي الجديد من الملابس، ومن النساء من تضع الحناء فرحا بالمناسبة. وتجتمع الأسر والصديقات على موائد الطعام والترفيه بكل أشكاله تحسبا للحرمان منه في شهر رمضان. لا للأحكام المسبقة من جانبه انتقد أحمد منيع إطلاق أحكام مسبقة على «الشعبنة»، مشيرا إلى أنها ليلة اعتادت أسرته على قضائها كل عام في أواخر شهر شعبان. وحول تفاصيل الليلة يقول أحمد «أفراد العائلة يجتمعون في أواخر شعبان عند كبير العائلة حيث يجتمع الرجال والنساء كل على حدة. العام الماضي تجاوز عدد الرجال 40 رجلا جاؤوا بأسرهم لتناول طعام العشاء عند كبير العائلة، وأخذنا نناقش أمور الأسرة ونحاول حلها. وأعتقد أن البرنامج هذا العام سيكون على نفس المنوال». ويوضح أحمد أن بعض الأسر تقوم بتنظيم هذه الليلة الاجتماعية في إحدى الاستراحات أو القاعات المخصصة التي تستوعب الأعداد الكبيرة، ويقول «أهم ما يميز هذه الليلة اجتماع وتلاقي أفراد العائلة قبل دخول رمضان حيث ينشغل كل بالعبادة والطاعة حتى يتلاقوا مرة أخرى في عيد الفطر المبارك». ويشاركه الرأي عمار قائلا «الكثير من شبابنا يزيد من الطاعات والعبادات في هذه الليلة استعدادا لشهر رمضان فالخير ما زال والحمد لله موجودا في هذه الأمة».