وكأي مواطن من ذوي الدخل المحدود، كانت متعته تقليب القنوات لكسر حدة صيف الرياض الذي وصلت درجة حرارته في العاشرة ليلا إلى 42 درجة. وكان بين حين وآخر يشعر بالغبن فيفكر بأمور تدفع للحنق على كل شيء، لكنه سرعان ما يشتم إبليس الذي دفعه إلى الحنق من كل شيء، فيعود من جديد لوضعه الطبيعي والهامشي قابعا أمام التلفزيون يتابع قضايا المجتمع المهمة والتي لا يمكن لها أن تؤجل من أجل احتياجاته التافهة جدا والتي لا تتعدى الأمان الوظيفي فهو على بند الأجرة اليومية. لفت انتباهه حوار تلفزيوني بين مفكرين مختلفين بالشكل، وكان الحوار حول أي الاتجاهات ستحقق للوطن مصالحه، وما الذي يحتاجه المواطن؟ قال لنفسه: أنا لم ألتق بهؤلاء ولا مرة، ولا حتى المذيع ، فكيف يعرفون ما الذي احتاجه؟ ولأن لا أحد سمع سؤاله مط شفتيه، وراح يتابع الحوار، المفكر الأول: «بداية إن ما يحدث لنا هو محاولة للتغريب لضرب الإسلام بمقتل، لكن الله متمم نور الإسلام ولن يستطيعوا، لا هم ولا أذنابهم بداخلنا الذين يروجون للفسق والفساد والانحلال، لهذا (أطالب الشرفاء في الوطن) بأن يقفوا صفا واحدا ضد من يريدون إفسادنا، وأن يعلموا أن الطريقة المثلى لتطورنا هو عدم السماح للمرأة بالقيادة حتى لا يفسد المجتمع». المذيع: هل بسبب قيادة المرأة سيفسد المجتمع؟ نعم لأن فكرة قيادة المرأة هي فكرة شيطانية. انتقلت الكاميرا لتحصر وجه المفكر الثاني داخل الشاشة، فيما المذيع يسأل: ما رأيك بما قيل؟ الثاني: إن ثقافة الموت دعوة عدمية، والإسلام لا يدعو للموت، الإسلام يدعو للحياة. إن رفاهية المجتمع لن تتحقق ما لم تقد المرأة، فالمجتمعات المتطورة هي التي سمحت للمرأة بأن تكون شريكا في المجتمع، ولو نظرت للغرب الذي هو منبع النور والثقافة والحرية ستجد أنه لم يحقق رفاهيته إلا حين شاركت المرأة في العمل. إن المواطن يبحث عن الرفاهية والحرية، وقيادة المرأة أهم الأدوات المؤدية لرفاهية المجتمع، لهذا يجب إصدار قرار يسمح بقيادة المرأة لمصلحة الوطن». المذيع: هناك من يرى أن قيادة المرأة فكرة شيطانية؟ «هؤلاء هم أصدقاء الشيطان نفسه، لهذا (أطالب الشرفاء في الوطن) بعدم سماع ما يقال من هؤلاء الهاربين من التاريخ». عند هذه الجملة انقطع تيار الكهرباء كالعادة، فابتلعه الظلام، راح يفكر بما قيل. قال لنفسه: أنا عازب وشبه عاطل عن العمل، وقيادة المرأة لن تفسدني ولن توفر لي عملا ولا هي الرفاهية سترفرف علي. كاد أن يوغل في التفكير بهذه القضية المهمة للوطن والتافهة بالنسبة له لولا أنه تذكر تلك الجملة التي رددها المفكران (أطالب الشرفاء في الوطن). شعر بخوف لأنه وعلى نحو ما كان يختلف معهما فيما ذهبا إليه، فهو يرى أن قيادة المرأة أمر لن يحقق الرفاهية ولا المجتمع سيفسد، وهذا يعني أنه لن يكون من الشرفاء. تذكر أن المذيع كان قد نوه عن رقم الهاتف لمن يريد الاتصال بالبرنامج، قرر أن يتصل على البرنامج ليؤكد أنه يختلف مع المفكرين، وأنه سيطالب (الشرفاء في الوطن) بألا ينصتوا لهؤلاء. لم تسعفه ذاكرته بالرقم، اتصل على صديقه، طلب منه أن يضع على القناة ليعطيه رقم الهاتف، سأله صديقه: لماذا؟ قال له: يا أخي القضية قضية شرف. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة