بقيت الصين مثار الاهتمام الأوحد في الغرب، في ما يتعلق بالوباء العالمي (فايروس كورونا الجديد). مبالغات في الأرقام المزعومة لإصاباتها ووفياتها بالفايروس. وذلك على رغم أن الفايروس ينهش أماكن أخرى بقوة لا تقل عنها في الصين. ففيما يتزايد العدد التراكمي لإصابات الدول العشر التي تتصدر قائمة بلدان العالم الأشد تضرراً من الوباء العالمي، وفيما تتقدم اليابان باطّراد لترتقي مرتبة أعلى في تلك القائمة- إذ تقدمت على كوريا الجنوبية، لتصبح السادسة عالمياً، بعد أمريكا، والهند، وفرنسا، وألمانيا، والبرازيل- يتم في الإعلام الغربي تصوير الصين كأنها وحدها الموبوءة بالفايروس، وكأنها ستكون مصدر تفشٍ عالمياً جديد للمرض. وقادت شركة البيانات الصحية البريطانية ايرفينيتي التكهنات حول مدى الأزمة الصحية الصينية، بإعلانها، أمس الأول، أن ما لا يقل عن 9 آلاف شخص يتوفّوْن يومياً في الصين بسبب كوفيد-19. وكانت الشركة قدّرت، الأسبوع الماضي، العدد المحتمل لوفيات الصين بكوفيد-19 بخمسة آلاف وفاة. وذهبت الشركة البريطانية إلى أن العدد التراكمي لوفيات الصين منذ أول ديسمبر 2022 ربما وصل إلى 100 ألف وفاة، ليصل العدد الكلي لوفيات الصين منذ اندلاع نازلة كورونا نهاية سنة 2019 إلى 18.6 مليون وفاة! وأشارت الشركة، في بيان، إلى أنها تتوقع أن تصل موجة التفشي الراهنة في الصين إلى ذروتها بحلول 13 يناير 2023، بعدد إصابات جديدة تبلغ 3.7 مليون إصابة يومياً. وأضافت أنها تتوقع أن تبلغ وفيات كوفيد-19 ذروتها في الصين بحلول 23 يناير الجاري، وبمعدل 25 ألف وفاة يومياً. وبناء على ذلك توقعت الشركة أن يرتفع العدد التراكمي لوفيات الصين بكوفيد-19 منذ ديسمبر 2022 إلى 584 ألف وفاة. وتقول الأرقام المعلنة رسمياً في الصين إن عدد وفيات البلاد بالوباء العالمي لا يتجاوز 5246 وفاة منذ بدء النازلة؛ فيما تقول شركة ايرفينيتي إنها تتوقع أن تُرزأَ الصين ب1.7 مليون وفاة بحلول نهاية إبريل 2023. وقال كبير علماء مكافحة الأوبئة الصيني وو زونيون (الخميس) إن المركز الصيني للحد من الأمراض ومكافحتها يعتزم أن يقوم بتقدير عدد الوفيات بطريقة مختلفة. لا يمكن إهمال الحقيقة المتمثلة في الشكوك الغربية في كل ما تعتزم الصين أن تقوم به، فقد أعربت الولاياتالمتحدة (الجمعة) عن قلقها لمجرد أن الرئيس الصيني شي جينبيغ تلقى، الخميس، اتصالاً مرئياً من نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وفي شأن كوفيد-19، بدأت الدول الغربية لعبة مطالبة المسافرين الصينيين بإبراز نتيجة سالبة لفحص حديث، شرطاً لدخولهم أراضيها. وقالت الولاياتالمتحدة إنها ستبدأ العمل بالفحص الإلزامي للمسافرين الصينيين اعتباراً من 5 يناير الجاري. وسيكون مطلوباً من أي قادم من الصين من عمر سنتين فما فوقها إبراز نتيجة سالبة لفحص أجري قبل ما لا يزيد على يومين من مغادرته الصين، أو هونغ كونغ، أو ماكاو. وقال المركز الأمريكي للحد من الأمراض ومكافحتها، أمس، إن على الأمريكيين أن يعيدوا النظر في أي قرار للسفر للصين، وهونغ كونغ، وماكاو. وفي نيودلهي، قال وزير الصحة الهندي منشوخ مانداويا إن بلاده فرضت إبراز نتيجة سالبة لفحص كورونا من قبل أي قادم من الصين، وهونغ كونغ، واليابان، وكوريا الجنوبية، وتايلند. وسيتم فرض العزل الصحي على أي قادم من البلدان المذكورة إذا تأكد تشخيص إصابته بالفايروس بعد وصوله إلى الهند. وفرضت اليابان تدبيراً مماثلاً على القادمين إليها من الصين اعتباراً من 30 ديسمبر 2022. وانضمت إلى القائمة كل من إيطاليا، وإسبانيا، وماليزيا، وتايوان، وكوريا الجنوبية. لكن دولاً أخرى قررت عدم اتخاذ خطوة مماثلة. لكنها أعلنت أنها تراقب الوضع الصحي في الصين عن كثب. وتلك الدول هي أستراليا، والفلبين، وبريطانيا. وقالت المفوضة الصحية في رئاسة الاتحاد الأوروبي في بروكسل ستيلا كيرياكيديس، في رسالة إلى الدول ال27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إنه يتعين عليها أن تدرس تكثيف فحوص التسلسل الوراثي لإصابات كوفيد-19؛ وأن تقوم أيضاً بتكثيف فحص مياه الصرف الصحي، بما فيها المطارات، لاكتشاف أية سلالة متحورة قد تأتي من الصين. لكن المركز الأوروبي للحد من الأمراض ومكافحتها قال إنه لا يوصي حالياً باتخاذ أي إجراء بحق المسافرين القادمين من الصين، وإن السلالات الفايروسية الفاشية في الصين موجودة أصلاً في أراضي الاتحاد الأوروبي. ونسبت صحيفة غلوبال تايمز الصينية التي تصدر بالإنجليزية إلى خبراء صينيين قولهم، أمس، إن الخطوات التي اتخذتها الولاياتالمتحدةواليابان ودول أخرى «غير صحيحة مطلقاً»، و«تنطوي على ممارسة التمييز». وأضافت أن الهدف الحقيقي من تلك التدابير هو إشانة سمعة الصين، وإحباط الجهود التي بذلتها الصين على مدى ثلاث سنوات للتحكم في تفشي الفايروس. وذكرت «غلوبال تايمز» أن علماء فايروسات صينيين أكدوا لها أن الصين لم تتوقف مطلقاً عن فحص عينات الإصابة لمعرفة أية سلالات متحورة جديدة. وأضافوا أن عدد الحالات الجديدة في الصين يعتبر قطرة في محيط نظيرها في أنحاء المعمورة، وأن الاحتمال الأرجح أن تأتي مخاطر سلالات متحورة جديدة من الخارج، وليس العكس. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبن إن الصين تعتقد أن ردود أفعال تلك الدول حيال الأزمة الصحية الصينية ينبغي أن تقوم على أساس علمي، وأن يتم تطبيقها على جميع شعوب العالم من دون تأثير في السفر وتواصل الشعوب بعضها ببعض. بريطانيا مذعورة من «الإنفلونزا».. وليس كوفيد نقلت صحيفة (ديلي ميل) البريطانية مشاهد مروعة من مستشفيات بريطانية تغص بمرضى الإنفلونزا. وكتبت أن كثيرين من المرضى اضطروا للانتظار في أقسام الطوارئ نحو 40 ساعة قبل أن يعتني بهم الأطباء. ونقلت عن وثائق صحية رسمية أن عشرات المرضى يتم علاجهم في ممرات المشافي، بعدما ارتفع عدد الإصابات بالإنفلونزا الموسمية سبعة أضعاف خلال ديسمبر 2022. وتشكو الخدمة الصحية الوطنية من ارتفاع ملموس في عدد المنومين بكوفيد-19، إلى جانب تسجيل نسبة غياب غير مسبوقة للكوادر الصحية جراء الإصابة بالإنفلونزا. وقال عدد من مسؤولي الخدمة الصحية إنهم يخشون من أن الخوف من «وباء مزدوج» يجمع بين الإنفلونزا وكوفيد-19 قد أضحى واقعاً. وطلبت هيئة الإسعاف من البريطانيين عدم الاتصال هاتفياً لطلب سيارة الإسعاف، إلا إذا كانت حياتهم في خطر داهم. وشكا سائقو وأطقم سيارات الإسعاف من أنهم اضطروا إلى الانتظار أكثر من ساعة أمام المستشفيات، قبل أن يأذن لهم أطباء الطوارئ بإدخال مرضاهم. وأعلنت الخدمة الصحية الوطنية في إنجلترا أمس (السبت)، أن 63 ألف كادر صحي تغيبوا يومياً خلال الأسبوع المنتهي بعيد الميلاد (25 ديسمبر 2022)؛ منهم ثمانية آلاف كادر تغيبوا لإصابتهم بكوفيد-19. وأضافت أن عدد من تم تنويمهم بالإنفلونزا ليلة 23 ديسمبر 2022 بلغ 3800 شخص. وأطلقت صحيفة الغارديان على هجمة الإنفلونزا لفظ «فلو-نامي»، المنحوتة من الإنفلونزا والتسونامي. وأضافت الصحيفة أن أرقاماً رسمية تشير إلى أن عدد المنومين بالإنفلونزا بلغ في المتوسط 3746 شخصاً كل يوم خلال الأسبوع المنتهي في 25 ديسمبر الماضي. وهي زيادة لا تقل نسبتها عن 79.4% عما كان عليه الوضع في الأسبوع السابق. وقال المدير الطبي للخدمة الصحية البروفسور سير ستيفن باويس إن تزايد عدد المنومين بالإنفلونزا يؤكد دقة التحذيرات السابقة من «وباء مزدوج» خلال الشتاء. وبلغ عدد من نقلوا إلى وحدات العناية المكثفة بسبب مضاعفات الإنفلونزا 267 شخصاً الأسبوع الماضي، في مقابل شخص واحد فقط تم تنويمه في العناية المكثفة بالإنفلونزا في الفترة نفسها من 2021. وفي بروكسل، صدرت تحذيرات مشددة من أن رفع القيود الوقائية الهادفة للحماية من فايروس كوفيد-19 قد يكون وراء الزيادة غير الطبيعية في عدد المصابين بالإنفلونزا والتهاب الجهاز التنفسي المخلوي. وقال علماء أوروبيون أمس إنهم باتوا على شفا كارثة من تعرض أوروبا ل«وباء ثلاثي»، نتيجة تفشي كوفيد-19، وفايروس الإنفلونزا، وفايروس الجهاز التنفسي المخلوي.