من أهم أساسيات العمل الإعلامي المحترف، هو التمكن التام من الأدوات والمهارات الصحفية بشكل مهني. ولصحيفة عكاظ تاريخ مهم وطويل جدا في تفريخ المواهب المميزة في المجال الصحفي بمختلف مجالاته. والمؤرخ الإعلامي الموضوعي المنصف كفيل بأن يوثق ذلك بعشرات الأمثلة والتجارب المميزة لها. ومع التحولات الحادة جدا في عالم الإعلام والتقنية والتي أثرت ولا شك على نوعية المضمون لأن القارئ تغيرت ذائقته، إلا أن ذلك لم يغير من فكرة أن المادة الصحفية الجادة أصبحت تنشد قارئها لأنها لا تزال أهم معايير التفرقة بين طبخة سريعة التحضير وبين أخرى طبخت على نار هادئة وأخذت كل وقتها المطلوب والمستحق. والمطبخ الصحفي العكاظي لا يزال بخير، وقادرا على الإنتاج والإبداع والاستمرار في تقديم المادة الصحفية المميزة والمتعوب جدا عليها. فالمتابع لما يقدمه خالد طاشكندي من تقارير استقصائية عميقة وموثقة كمادة تتحول مع الوقت إلى مرجعية بحثية حصرية من عكاظ، لا يملك القارئ سوى أن يرفع قبعة الاحترام له. تقارير خالد طاشكندي أصبحت مادة دسمة ينشدها المتلقي الذي يحرص على مادة علمية عميقة وموثقة، وليس ذلك بغريب على خالد طاشكندي الذي نشأ في جو ثقافي عميق، فهو ابن المثقف الكبير وعميد المكتبات والأرشفة الأستاذ الكبير عباس طاشكندي، الذي زرع في ابنه شغف المعرفة والفضول الثقافي وطور خالد طاشكندي من نفسه وذلك بالغوص في أعماق عوالم التقنية الحديثة وتوظيف أدواتها المختلفة مهنياً لخدمة مجاله. وهناك نموذج آخر لامع من المطبخ الصحفي العكاظي الإبداعي هذه المرة يجيء من الصحفي المخضرم الذي أعاد اكتشاف نفسه من جديد طالب بن محفوظ الذي سخر ووظف خبرته الكبيرة في صحافة البروفايل الشخصي، وهي التي كان يبرع ويتميز فيها ابن مكة الراحل المتألق عمر المضواحي رحمه الله تعالى، أبدع طالب بن محفوظ في إبراز معالم الشخصيات المعروفة والناجحة وأنسنتها بشكل دافئ ومحبب للنفس لتكون جرعة من التثقيف المكثف والتعرف اللطيف في زمن العزلة القاسي. نجمان يتألقان في سماء عكاظ الرحبة ليعيدا إثبات أن الصحافة الجادة لا تزال مفتاح المصداقية وأن المهنية الاحترافية هي أهم وسائل تحقيق ذلك. كاتب سعودي [email protected]