تعيش إيران في حالة من الارتباك والتناقض، وتضاربت تصريحات مسؤوليها بشأن طبيعة وكيفية الرد على اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، فثمة من يدعون إلى سرعة الرد على هذه العملية التي وصفتها طهران ب«القاسية والثقيلة»، ومن يطالبون بالتريث وعدم التهور، ما قد يؤدي إلى الدخول في مواجهات لا تحمد عقباها، ونتائجها يمكن أن تكون كارثية. فبينما حاول رئيس نظام الملالي حسن روحاني، أن يبدو في صورة «الرجل الحكيم»، معتبراً أن بلاده لديها من «الحكمة» ما يمنعها من الانجرار إلى صراع أو فوضى، متوعداً في تصريح أمس (السبت)، بالرد في الوقت المناسب، سارع المرشد علي خامنئي للدعوة إلى ضرورة الرد الحتمي ووضع قضية معاقبة المسؤولين عن تصفية زاده كأولوية. وتوعد خامنئي بالثأر، واصفاً القتيل بأنه «أحد علماء البلاد البارزين والممتازين في المجالين النووي والدفاعي»، الذي بذل حياته الثمينة من أجل جهوده العلمية العظيمة! لكن قائد فيلق القدس اللواء قاآني ذهب بعيداً محاولاً المزايدة على روحاني وخامنئي، وزعم أن «العدو» لا يتجرأ على خوض حرب مع إيران، واصفاً اغتيال زاده بأنه آخر المحاولات اليائسة. في وقت أقر رئيس هيئة الأركان في القوات الإيرانية اللواء محمد باقري، بأن اغتياله ضربة قاسية وثقيلة لإيران. وفيما لم تعلق واشنطن بعد على اغتيال «عراب البرنامج النووي الإيراني»، واكتفاء الرئيس دونالد ترمب بنشر أخبار بشأن الاغتيال، مذكراً فقط بتغريدة لصحفي إسرائيلي وتقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، اعتبرت تل أبيب أن مقتله سيحول بنسبة كبيرة دون مواصلة إيران التقدم في مشروعها النووي. وقال مسؤول إسرائيلي «دون زاده سيكون صعباً على إيران التقدم في مشروعها النووي العسكري». وعلى خلفية هذه المواقف يترقب المحللون والمراقبون رد الفعل الإيراني، وسط مخاوف من احتمال وقوع مواجهة ولو محدودة بين واشنطنوطهران، أو بين إيران وإسرائيل في أجواء تعيد إلى المشهد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني.