«صايم وأفطر عليه».. عبارة تتردد مصحوبة بمقاطع فيديو عن مشاجرات بالشارع في الساعات الأخيرة قبل مغيب الشمس، ويعلل كثيرون ذلك بسبب الجوع والعطش وتأثير النيكوتين على المدخنين في شهر الصيام، فالساخرون من مشاجرات محلات الفول يعلقون «صايم ويدور مشاكل لحد يقرب منه إلا بعد المغرب»! لماذا يربط البعض الصوم بالانفعالات والتقلبات المزاجية؟ هل صحيح أن حدة المزاج تزداد عصبية وتوترا في شهر الصيام؟ أم أن هذه الصورة النمطية أخذت منحى مبالغا فيه وترسخت بأذهان الناس بشكل خاطئ؟ يجيب استشاري الطب النفسي الدكتور وليد السحيباني، ويقول: للأسف هناك اعتقاد وانطباع لدى البعض أن العصبية تزداد في رمضان، وكونه سائدا عند البعض لا يعني أنه من الناحية العلمية حقيقي، صحيح أن فئة من الناس يزداد توترهم لكن هذا الاعتقاد لا يدعمه أي دليل لأنه في المقابل هناك أُناس منضبطون بلا توتر. قد توجد أسباب مفسرة للتوتر والعصبية لدى البعض، منها تغير الساعة البيولوجية في رمضان وتبدل ساعات النوم مساء ونهارا ما يؤثر على الناحية النفسية سلبيا، كون الإنسان بطبيعته يفضل النوم ليلا، وتنطبق الحالة على الموظفين الذين ينامون الفجر ويداومون في العاشرة دون أن يحصلوا على كفايتهم من النوم. ويضيف السحيباني: المدخنون أكثر عرضة للتوتر، والحل هو التوقف عن هذه العادة أو التقليل منها. وفي ما يتعلق بالجوع فتوجد بعض الدراسات التي تشير إلى أنه يؤثر إيجابيا على الناحية الجسدية، بسبب التقليل من السكريات. وينصح استشاري الطب النفسي بالانضباط والتعود على أسلوب حياة صحي في رمضان وأخذ قسط كاف من النوم ليلا، والحصول على التغذية الصحية وقت الإفطار، والابتعاد عن الأطعمة الضارة والدهنية، وممارسة النشاط الحركي والتمارين الرياضية. وعلى الرأي ذاته يمضي الأخصائي النفسي الدكتور عبدالله الوايلي، ويؤكد أن رمضان شهر خير ورحمة وهدوء واستغفار وتنخفض فيه حدة القلق والتوتر التي ترتفع أحيانا في أوقات معينة في الساعات التي تسبق الإفطار، وهذا انفعال شعوري وقتي، ويستطيع الإنسان مواجهة القلق بالاتزان الانفعالي من خلال 3 مكونات؛ المعرفة والمشاعر والسلوك، وفي هذا العام ربما كانت لتأثيرات الجائحة دور في القلق ما يتطلب التوعية النفسية فالوباء عام، ولابد من تهيئة الأفراد والأُسر لمعايشة الواقع المفروض على العالم. ويشير الوايلي إلى أن هناك تأثيرات متعددة ومختلفة على الحالة المزاجية والنفسية للإنسان، ويعتبر الصوم عاملا مساعدا للإنسان على تنمية قدراته العقلية والنفسية والسلوكية من خلال التعامل مع الذات واحتياجاتها وقد تكون هذه التأثيرات إيجابية أو سلبية بسبب توقف الجسم عن الغذاء لعدة ساعات والأمر يعود للفروق الفردية، إلا أن الإنسان في المجمل عندما يتعلم القدرة على تحمل المسؤولية وأداء الواجبات فإنه يتعامل مع الشعور واللاشعور بالنضج الانفعالي، وبالتالي عمل موازنة ذهنية نفسية جسدية يتعلم من خلالها القدرة على التحكم في رغباته.