كثيراً ما ظن البعض أن الحديث عن حقوق الإنسان في المملكة وقضاياه وآلياته أمر شائك، ما دعا المرجفين في الداخل والخارج ليتلاعبوا بالملف عبر فضاء الميديا وتحت أقنعة مزيفة، زوراً وبهتاناً، في وقت أثبتت السعودية جديتها على ترسيخ الفعل لا القول، على أرض الواقع، فشهدت السنوات القليلة الماضية، تحركات واسعة في إطار تعامل صريح من قبل الدولة مع هذا الملف. وبدأت المملكة تخطو خطوات ثابتة نحو تعزيز حقوق الإنسان تحت مبدأ الإصلاحات الاجتماعية الهائلة في البلاد خلال الأعوام الماضية، وخرجت هيئة حقوق الإنسان (المنشأة من قبل مجلس الوزراء في 1426ه) لتتعاطى مع الافتراضات المدسوسة، بواقع مغاير، وباتت تتفاعل بشفافية مع وسائل الإعلام المحلية والدولية بشأن عدد من القضايا والإصلاحات في المملكة. وتصدت الهيئة للعديد من الحملات المسعورة التي تستهدف المملكة، والتي تنطلق أغلبها من مزاعم واهية تقف خلفها منظمات معادية تعتمد في نظرياتها تجاه المملكة على آراء أحادية لا تدع مجالاً للحقيقة بالظهور. كل ذلك وأكثر كان يحدث في وقت تحقق قفزات إصلاحية غير مسبوقة سواء في أداء أجهزتها الرسمية أو في أنظمتها وقوانينها، خلال العامين الماضيين، تؤكد من نظرية الدوافع السياسية التي توقد فتيل المعادين، دون رؤية واقع «حقوق الإنسان» في المملكة. وبدأت الهيئة، أخيراً، في التحدث بصراحة أكبر عن مجالات كان يظنها البعض حساسة، بما في ذلك إساءة معاملة الأطفال وأوضاع السجون. وخلال الأسبوع الماضي، خرجت هيئة حقوق الإنسان السعودية مرتين لترحب بصدور أوامر ملكية، ألغت أولاً عقوبة الجلد في قضايا التعزير، ثم في أمر آخر تم إلغاء إعدام القصّر، ووصفت الأمرين ب«الإصلاح خطوة مهمة إلى الأمام في برنامج المملكة لحقوق الإنسان». وفي المسار ذاته، أظهرت المملكة التزاماً ملموساً تجاه حقوق الإنسان على حد سواء للمواطن والمقيم، خلال أزمة كورونا، من خلال توجيهات الملك سلمان بتقديم الخدمة الصحية للجميع دون مقابل. ويتجاوز التزام المملكة نحو تعزيز حقوق الإنسان كل هذه الإجراءات، إذ تعمل على التخلص التدريجي من نظام الكفالة في سوق العمل، حتى أن رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور عواد العواد أكد في معرض تعليقه على الأمر الملكي بإلغاء عقوبة الإعدام للقصر بقوله «المزيد من الإصلاحات في الطريق». إلغاء إعدام الأحداث بلا استثناءات وأكد الأمر الملكي القاضي بعدم تطبيق عقوبة الإعدام على مرتكبي الجرائم وهم قصر (جميع الأشخاص الذين لم يتموا سن ال18 وقت ارتكابهم الجريمة)، أن ذلك يشمل المحكومين عليهم في قضايا الإرهاب، ومن لديهم أحكام سابقة. وقال رئيس الهيئة عواد العواد في بيان: «الأمر الملكي يعني أن أي شخص حُكم عليه بالإعدام في جرائم ارتكبها عندما كان قاصرا لم يعد يواجه الإعدام، بدلا من ذلك، سيتم الحكم بسجن الفرد مدة لا تزيد على 10 سنوات في منشأة احتجاز للأحداث»، مضيفاً: «هذا يوم مهم للسعودية». وأوضح أن الأمر الملكي «يساعدنا على صياغة قانون للعقوبات أكثر عصرية ويظهر التزام المملكة بمواصلة تنفيذ إصلاحات أساسية في جميع قطاعات بلدنا». اعتراف وتقدير دولي رحبت الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي بقرار الحكومة السعودية بإدخال إصلاحات على القانون الجنائي للمملكة، وذلك باستبدال عقوبة الجلد، بالحكم بالسجن أو بدفع الغرامات أو بكليهما، فضلا عن إلغاء عقوبة الإعدام في حق كل من تمت إدانته بجريمة ارتكبها عندما كان قاصرا. وأشارت الهيئة إلى أن التعديلات المعلنة تهدف إلى تحسين القانون الجنائي والممارسات المحلية الخاصة به بما يكفل ضمان اتباع الإجراءات القانونية اللازمة وفقا لمبادئ التناسب التي تراعي ضرورة الحفاظ على كرامة الإنسان. ولفتت إلى أن الإصلاحات الجديدة تساعد على تعزيز التشريعات المحلية في السعودية بما يتماشى مع الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان دون المساس بروح ومبادئ العدالة الإسلامية. وأكدت الهيئة أن هذه الإصلاحات المحكمة، باعتبارها جزءا مهما من التدابير الاجتماعية والثقافية والقضائية التي اتخذت في المملكة بشكل واسع تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حظيت باعتراف وتقدير أوسع على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية. إيقاف الحكم بالجلد.. «عقوبات بديلة» وقررت الهيئة العامة بالمحكمة العليا مبدأ قضائيا يكون مقتضاه عدم الحكم بعقوبة الجلد في العقوبات التعزيرية والاكتفاء بعقوبات أخرى. وأشار القرار إلى الاكتفاء في العقوبات التعزيرية بالسجن أو الغرامة أو بهما معاً، أو عقوبات بديلة بحسب ما يصدره ولي الأمر من أنظمة أو قرارات بهذا الشأن. وقالت هيئة حقوق الإنسان في تعليقها على القرار إن هذا «الإصلاح المهم جاء بتوجيهات مباشرة من الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان». وقال العواد: «إن هذا الإصلاح خطوة مهمة إلى الأمام في برنامج المملكة لحقوق الإنسان، ومجرد خطوة من أكثر من 70 خطوة إصلاحية نفذتها المملكة في السنوات ال5 الأخيرة».