لا شك أن الحرب بين المشاهير ومشتقاتهم وبين الإعلام التقليدي ومشتقاته هي حرب ضروس وضارية وقاسية، والأهم من كل ذلك أنها حرب غير متكافئة! لأن الزمان غير الزمان، والمعيار غير المعيار، وعقلية الفاكس في السبعينات هي نفسها عقلية الإيميلات في الألفية الجديدة! لذلك فالمفاضلة خاطئة، فحين يثار الحوار حول الصحف الورقية تحديداً، ستجد الكثير من اللاطمين في الجنازة بل ويشبعونها لطماً حتى قبل أن تدفن! نعم قد تكون الصحافة الورقية مريضة الآن، لكنها لم تمت فلم الاستعجال على سرادق العزاء من قبل البعض؟ الجواب على هذا السؤال قد يتشعب لكن في ظني أن لذلك أسبابا كثيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر: 1- عدم تقبل الصحفيين (المحاربين القدامى) لبعض المشاهير والمؤثرين أصلاً لوجودهم تحت بند (إعلامي). 2- تصديق (بعض) هؤلاء المشاهير أنفسهم بأنهم محور الكون، وأنهم أفهم وأعلم وأذكى من الصحف الورقية التي لا يقرأها أحد (حسب وصف بعضهم). لكن بعيداً عن هذا العراك غير المجدي أحياناً أتساءل بيني وبين نفسي وأقول: لماذا لا يتحد المتضادان لتكوين قوة ضاربة؟ لماذا لا تتعاون الصحف مع المشاهير والمؤثرين لتمرير الأشكال الصحفية الأخرى التي قاربت على الاختفاء بسبب اتجاه الناس والمجتمع نحو الأخبار العاجلة والسريعة فقط؟ هذه أيضاً معضلة المعضلات التي تواجه الصحافة الورقية، حيث إن الخبر الذي ما زال يطبخ ويطبع ويحرر في الديسك، هو في ذات اللحظة يتداوله الناس في جميع مواقع التواصل الاجتماعي، وهنا مربط الفرس. وفي الزاوية الأخرى ما زال الكثير من المشاهير والمؤثرين بعيداً عن فهم حدود ومهنية الممارس الصحفي أو الإعلامي ورغم كل الجهود التي تبذل لنشر ميثاق أخلاقي مهني يراعي حدود النشر، إلا أنه ما زال هناك الكثير من التجاوز وبعضها يقع تحت التشهير أو ترويج منتجات طبية غير موثوقة أو حتى تناقل شائعات قد تصنع بلبلة! ما أود قوله إن موت الصحافة الورقية لا يعني اختفاء هذه الكيانات الصحفية للأبد، بل يجب أن تتحد الجهود لصنع كيانات إعلامية مدججة بالعلم والمهنية والتأثير، فالكيانات الصحفية تملك المهنية والمعرفة والمهارة، والمشاهير يملكون التأثير، فلم لا يكون التكامل؟ لذلك -وهذه خاتمتي- يا أصدقائي المشاهير لا تشاركوا في جنازة الإعلام التقليدي، بل حاولوا إخراج الجسد المريض من النعش.