بدأت في شمال شرقي سوريا عمليات عسكرية لاجتياح تركي أسماه الرئيس أردوغان «نبع السلام» بجيش عرمرم أطلق عليه «الجيش المحمدي» ليضفي عليه لمسة دينية ولمحة إنسانية تبتز مشاعر البسطاء في الترويج للبطش والقتل وتمرر رسالة سلام بمداد من دماء الأبرياء ودعاية ترويجية كبيرة من رموز الإخوان الذين أشادوا بالخطوة التي برروها بعملية تطهير المنطقة من الإرهاب ! حين نجحت قوات «قسد» في حربها ضد الدواعش وبعد أن استتب الأمن إلى حد ما شمال سوريا كان للجيش التركي خط آخر مضاد ومناهض للسلام في المنطقة العربية ومغاير لتطلعات دولها في الأمن والاستقرار بعد سنوات من ويلات الإرهاب والتفجير لم يطل تركيا منها إلا بعثرة رصاص قد تكون مفتعلة، فحين بدأ الأمن يستعيد لياقته بعد تقهقر قوات داعش وتجريدها من العتاد وقطع خطوط إمدادها، كان أردوغان يترصد هذه القوات التي تكونت من مجموعة مليشيات وأعراق يغلب عليها الأكراد الذين بدورهم يشكلون هدفاً من الغزو العصملي، فبقاؤهم يعني تكوين كيان كردستادني قوي شمال سوريا ينضوي تحت سيطرته النفط ومصادر الماء والأرض الخصبة وهذا لا شك مهدد إستراتيجي لتركيا، فكان لا بد لجيش أردوغان أن يتواطأ مع داعش في حلف إرهابي غير مسبوق وتخادم تدميري يقوض كل جهود تحجيم داعش وبعثها في المشهد مرة جديدة كوسيلة تهديد لمن يحاول وقف حربه على الأكراد، وذلك من خلال عملية ما اسماه بنبع السلام، وقد رأينا سوياً عمليات التهجير الجماعية للأكراد من أراضيهم وبيوتهم، مقابل فتح السجون لإرهابيي داعش وسفاحيها. هذه باختصار عملية نبع السلام أو بالأحرى «نبع الإرهاب»، التي تعيد تموضع الإرهاب فعلياً وتغلق كل باب للسلام كما حدث قبل أيام من تصفية الأمين العام لحزب سوريا المستقبل هفرين خلف، التي لطالما حذرت من أطماع أردوغان في الشمال السوري ومخططاته في التغيير الديموغرافي فيها، فكانت ضحية رصاصات الغدر التركي التي ترصدت وتترصد لكل حمامة سلام ترفرف في منطقتنا العربية، إذن عملية أردوغان العسكرية جاءت لتحرير الدواعش وإجهاض أي كيان كردستاني شمال سوريا يعيق التحكم بمنابع النفط مع إبقاء الصراع في المنطقة العربية قائماً بما يخدم الأطماع التاريخية لتركيا! * كاتبة سعودية hailahabdulah20@