ملأت استغاثات مربّي القطط السمان مساريب القرية. يعول ويولول على البسّة اللي أصبحت ولا أمست. لمحه الفقيه ونشده: وشبك يا المصفوق تنوح كما الحريم؟ سأله: يرضيك يا فقيه يذبحون بسّة لا في بطنها ولا ظهرها؟ ردّ الفقيه: من ذبحها؟ قال: ورعانكم الشياطين ما تركوا أحد في حاله. ردّ الفقيه: من علّمك أنهم ذبحوا بسّتك اصطفقوا عقلك؟ أجابه: ولدك يا فقيه، يقول انهم اسقوها امسي حليب عنز مخلوط بسمّ الفيران. ردّ: وش لك من كلام ولدي. أهو خِلقتك. وأضاف: من ودّاها عند العنز، فقال: سرحوا بها وراهم، شمموها حُقّ التونة. وزاد: حتى ولدي المروح معهم، خلاها في ايديهم وهو راح يتصيد فرفر. سأله: طيب فين البسة ذلحين، قال: والله ما حقتها عيني يكون حقّتها عينك. قال: يا مخلوق يمكن شردت وإلا التقطها العابرين. سرحت زوجة المؤذن تستقي من بئر (حاسن) وهي البئر العِدّ في بطن واديهم، افتكّت دلوها من فوق ذراعها ومدت الحبل على البكرة وما إن اقترب الدلو من يدها حتى فكّت الحبل بالدلو وهي تصيح (أفووووه) وش تيه الريحة. سألتها جارتها خضراء من سند ركيب الذرة: وشبك يا حمدة تصيحين أخرعتيني الله يخشعك؟ قالت: يخته شي ريحة تعامي الطيور ولون الما متغيّر!! علّقت: الله لا يبيح من سفان الجن. أكيد زقوب فيها شاة ميتة وإلا كلب. توافد النساء للسقيا فحوّلتهن حمدة إلى بئر (سد صمعان) ففيها أنقى ماء وأعذبه، تصدى لهن (الأصمع) وأقسم ما يفرحن بدلو يكون بعد ما يلقطن معه الدجر من بين أعواد الذرة، تحفشن وأنجزن المهمة في أقل من ساعة. استقت كل واحدة وشلّت قربتها على ظهرها وتقاطرن على المطلاع، علّقن القرب، وسرعان ما تناقلت القرية خبر عفونة الماء في بئر حاسن. فزع مربّي القطط بجنبيته إلى بيت العريفة، وطلّق ليعطيه الحق وافي وإلا لياخذ حقه بيده ممن ذبح بسّته. وشوية إلا وحاسن داخل ببندقته يحنم ويتوعّد من رمى الجيفة في بئره ليشرب من دمه، ردّ العريفة عمامته على ثمه، وردد وهو ينظر للسماء ويضحك «يا الله معونتك على ذول الجماعة».. للحديث بقايا.. علمي وسلامتكم.