هناك من اللعب لَعِبٌ بريء، تتحملّه النفس، وتلتمس لصاحبه العذر، ولو كان يلعب، (في) أو (على) أعصابك، وهناك لَعِبٌ ساذج يمكن تعديته، أو التصدي له بلُطفٍ لا يقتضي أكثر من تنبيه الساذج الذي صدر عنه، إلا أن اللعب بخُبث، ودغالة يستفز الأعصاب، ويخل بمبدأ (...)
حلّ شتاء القرية باكراً، والغالبية، أمّنوا ما يكافحون به برودة وقت يمتد لشهور، استثمر بعضهم الخريف في ملء الشقيق بالحطب، والسفل بالعلف، وإذا كانت الخصفة بتنفزر من الحنطة، وعكة السمن تترع من فمها، وعدلة التمر مركوزة، صاحبها يغنّي باللبيني، وملقيها (...)
كان أحد القرويين، يتقاطع في شخصيته، مع شخصية رئيس وزراء بريطانيا (ونستون تشرشل) الذي تولى رئاسة الوزراء بين أعوام (1940-1946)، و(1951-1955).. هذا القروي مربوع القائمة، أقرع الرأس، العاشق للتدخين، يشبه في الشكل أحد دهاة النصف الثاني من القرن العشرين، (...)
اقترحت أُم (المرجوج) على أبيه يخطب له بنت عمّه، فردّ عليها أخاف ولدك ما يتجمّل، ويشرّهني من آخي وبنته، وأضاف إن طعتيني أخطبي له بنت أختك أم السُّبْلة اللي تردح، ودخل عليهما وهم يتلاجون، وتساءل؛ عليش تمخضون وتزبدون صوتكم يسمعونه من رهوة البرّ؛ ردّوا (...)
لا يسير التاريخ في اتجاه واحد، ولا يستمر طويلاً في سلوك خط مستقيم، وهو وإن استمرأ التقليدية وردود الفعل حدّ التواني عن المواكبة، فإن لديه قابلية لركوب موجات التجديد، والسباحة ضد التيارات، وإنْ بحذر، طالما توفرت الممكّنات، فمرونة التحوّل الإيجابي ضمن (...)
مثلما تنبت سدرة في وادٍ لا زرع فيه، نبتت (سعدى) دون أن ينتبه لنموّها المزارعون والرعاة، إلا عندما احتاجوا إلى ظلّها، وأعوزتهم ساعات النهار الطويلة لالتقاط ثمارها، وتناولها على عجل بما فيها من نوى، على أمل أن تُقيم الأَوَد، فيما يُخضّبون بأوراقها (...)
ربما، هناك أمهاتٌ يُشبهن أُمّي، إلا أنّ أُمّي لا تُشبهُ أحداً، ولعلّها لا تُشبهُ إلا نفسها، وربما كان خلقُها من طينة مُقدّسة، أو أنّ جيناتها تمتد إلى سلالة بشريّة لا تعرفُ إلا الحُبّ والطُهر والعفّة، ولستُ هنا ابناً معجباً بأمّه، بل عاشق مُتيّم (...)
عاش (المطنقر) في قريته حياة ماش، أبوه ينهره، وجده يدفره، وأمه تقهره، وإذا صاحوا عليه، وكثّر الجدّ المناداة، ونشده؛ ليش مخرّق في الجرين، ما تدري أن الحبّة مع الحبّة تكيل، والقطرة مع القطرة تسيل، وتغلبه الشفقة، فيقول؛ اعط بجهدك وأنا جدك، ولقّ بالك من (...)
للأفكار الخلاقة، مكانةٌ تليقُ بها، في المجتمعات التي تؤمنُ بدور المفكّرين (وقليلٌ ما هي) وربما أتت بعض الأفكار في غير وقتها، أو ربما طُرحِت بأسلوب يُثير الريبة حولها ويفقدها حُسن الظنّ، فجنت على نفسها، إلا أنّ خلل الفكرة، أو ضعفها، أو تقدميتها (...)
قال الفقيه؛ ظنتي وراك عِلم يا (طمعان)، من يوم الجماعة خرجوا من المسيد، وانت بعد تحكك لحيتك، العادة تنفر كما الجني وانحن ما بعد غلّقنا التشهد؟ فردّ عليه بزفرة من بين المحاني! فنشده وشبك تزفر؟ أجاب؛ يهناني إذا زفرت، فقال الفقيه؛ اللي في خاطره شيء (...)
تمرّ الدول بمنعطفات، وتتعرض لضغوط وأزمات، منها المتوقعة؛ ومنها غير المتوقعة، ومنها الخَطِر ومنها شديد الخطورة، وتضيف الوقائع المُكلِفة إلى أعمار الدول والشعوب، أعواماً وأعماراً، بحكم ما يترتب عليها من تضحيات وخبرات.
ولعل البشر بمن فيهم (صُنّاع (...)
انقشعت الدَّينة من سماء القرية، كما تنقشع الصفوة من وجه طاسة المرقة، فوضع العريفة كفه على جبهته لتحجب عنه الشمس؛ ومدّ رأسه من ظُلّة المسيد فشاف الفقيه، في فيّة العالية يلقّم ثوره، فندر عليه، واقترب منه، ولمح فيه لمحة الزوريّة، وقال: استسقيت بنا (...)
لم تكن طريق الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، إلى مشروعه الوحدوي، مفروشة بالحرير، ولا غاياته ونواياه الخيّرة مُمهدة السُّبل، سهلة المنال، فالذي يعرف ذلك الحين (قسوة ووعورة التركيب الطبوغرافي للجزيرة العربية)، وتقلبات وعتوّ مناخاتها، يُدركُ جيّداً، حجم (...)
دخل الشاعر، بيت العريفة يتسلبى على أطراف أصابعه، وأرخى ذيل عمامته، ليلامس خشم العريفة الغاطس في نومة، وسيجارته والعة بين أصابعه، وزهرتها أطول مما بقي منها، فانتغز ومسح على وجهه بكفه، وقال الله يبرد نوّك، ويطفي ضوّك، ويغبّر جوّك إن كان ما تقيّل، ما (...)
لشرف الخُلق، علاقة وطيدة بشرف النسب، فشرفُ النسب اصطفاء إلهي، وحظٌّ جيني، سابقٌ، لما يترتب عليه من شرف المُهمّة، والغاية (الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس)، ومن شرُف نسبه، طابت نصفُ سيرته، ومن زكى خلقه، طابت سريرته.
لكل شخصيّةٍ مفاتيح، إن كانت (...)
يمسي (فقران) يتموّر خِصاف الحبّ، ويصبح يقفرها، ويتمقل العقد التي يربط بها غطاء كل خصفة، وإذا لامته زوجته على بُخله وشحه، يقول (الحنطة ذهب، والشعير فضة، والذرة نحاس، والبوسن حديد، والله ما يعطي معادنه إلا لحريص، يقيس قبل الغطيس، فما ينفع التقييس بعد (...)
للمرق أثر على صحة الإنسان وطاقته، فمن (تمرّق تعرّق)، وكم من الطقوس والعادات والأدبيات المرتبطة بالمرقة (شوربة اللحم)، جاء في الأثر «إذا طبختم لحماً فأكثروا ماءها وتعاهدوا جيرانكم». وفي الأمثال (إذا فاتك اللحم اشرب مرقة)، و(يا مدوّر الرخيصة حظظك الله (...)
فقدت الجدة (ثريمة) بذراريها السابقين واللاحقين ما يتم عِلم ولا ينقضي لازم إلا برضاها، وقالت لابنها (صقيع) يفقدني السارح والرايح، والسادح والباطح؛ ويحزن قلبي عليك، يا (بطرة) ما تحلّ ل(مشاشان) ولد العريفة، ولا تروح عليه، ولا يحط جنبه بجنبها، ولو ياهب (...)
لم تكن لتغدو الحياة ثريّة ومُغرية إلا في عصر العِلم، وما كان ليكون للعلِم مكان ومكانة لولا جهود (الدولة السعودية)، وما كان للدولة أن تكون لولا كفاح الأوفياء الذين سقوا الأرض بزكيّ الدماء، وجعلوا هذا الوطن لُحمةً واحدةً رغم أنوف الأعداء.
ولو تقصينا (...)
يمكن أن تؤثّرَ أخلاق، ووعي الشعوب، في سياسات الدّوَل، كما أنّ سياسات الدُّوَل تطبعُ بصمتها على أخلاق وسلوكيات شعوبها، (في إطار نسبي)، ومما يُروى أن عبيدة السلماني، قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين، ما بال أبي بكر وعمر انطاع الناس (...)
اشتكت أم (أبو زُهرة) له من تعدّي سفانة على شنطتها، وفكهم مفصلات غطاها الحديد، فقال؛ أبشري بالعوض، وامسحيها في وجهي، وما صدقت أنه تجاوب معها؛ فقالت؛ عليّ عن وجهك يا زبيب الغُرزة، كم تمسح فيه لين غدا كما الجُعال المرمّد؛ ولاحظت أن زوجته ساهية؛ فقالت؛ (...)
كان أحدُ الدهاة القرويّين إذا توفّرت لديه فكرة، أو انقدح في ذهنه مُقترح يستحق التمرير، لا يمرره بنفسه في اجتماع الأهالي، بل يتحرى وقتاً مناسباً، قبل اجتماع شيخ القبيلة أو العريفة بالجماعة، ثم ينفرد بكبير القوم، ويطرح عليه المقترح، ويطلب منه عدم (...)
تخرّج (لافي) من معهد المعلمين الابتدائي، مُعلّماً، وعمره ما بلغ ست عشرة، وتعيّن في مدرسة تبعد عنهم مسافة نص يوم مشياً، فطلب من أبوه، يسمح له، يداوم بالحُمارة، إن كان ودّه بالراتب، علّق الأب «راتبك مثل دمعة ما تبل حفافها»، وأضاف على شرط، فقال أُشرط، (...)
ربما يردد البعض كلاماً عن مبادئ وأخلاقيات لا يعتقد بها اعتقاداً جازماً، كما أن البعض يزعم أنه يتحلّى بإيمان لا تتجلى مظاهره ولا تنطبع على سلوكياته، وكأنما ذات بعض البشر ليست واحدة، وأحياناً تنعتهم بالشخصيات المُركبّة، وأحياناً تقول عنهم ذوات مزدوجة، (...)
مدّت الجدّة (سمنة) كفّ يدها اليمنى في صدرها؛ لتصيد (القُذّ) الذي اختار موضعاً حساساً من جسمها؛ ليمتص منه بعض الدمّ ليتزود به وقوداً لليوم الطويل. لقطته بأطراف السبابة والإبهام مرددة (صِدْتك يا مقطوع العِفا)، ورغبة في مضاعفة الانتقام منه أخرجته من (...)