انطلقت العلاقات السعودية الكورية عام 1962، وتطورت بشكل مطرد حتى افتتاح سفارة لكوريا الجنوبية في مدينة جدة عام 1972، ثم أخذت العلاقات بين البلدين مسارا سلميا عبر قنوات دبلوماسية. ومنذ ذلك الحين والعلاقات تسير بشكل جيد، خصوصا في ما يتعلق بالمجال الاقتصادي والتجاري. وتعد كوريا الجنوبية من أكبر الدول المستوردة للنفط، إضافة إلى عدد من الصادرات الأخرى، وتصدر كوريا الجنوبية للمملكة سلعاً ومنتجات مثل المواد الصناعية والسيارات والأنسجة وغيرها. ففي جانب العلاقات السياسية تبادل المسؤولون في البلدين زيارات رفيعة. وقام الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان وليا للعهد بزيارة إلى كوريا الجنوبية تركزت على تعزيز وتطوير الشراكة بين البلدين، حيث كانت أول زيارة لمسؤول سعودي كبير لكوريا منذ إقامة العلاقات بين البلدين. وصدر عن هذه الزيارة بيان مشترك أكد أهمية مواصلة تطوير التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين. وأبدى الجانب الكوري رغبته لزيادة التعاون في مجالات عدة مثل المياه والكهرباء والمقاولات والعمالة وغيرها. ومن الزيارات التي قام بها الجانب الكوري الجنوبي إلى المملكة الزيارة التي قام بها الرئيس تشي كيوها في العام 1980، التي استمرت يوماً واحداً. وفي عام 2012 احتفل البلدان بذكرى مرور 50 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وتم توقيع اتفاق بين البلدين أواخر العام 2011 بشأن التعاون في مجال تطوير الطاقة النووية، وشمل الاتفاق التعاون في مجالات البحث والتطوير وبناء محطات للطاقة النووية، إضافة إلى مجالات التدريب والأمان. أبرز المحطات في العلاقات الاقتصادية بين البلدين كانت في عام 1990، حيث تم التوقيع على اتفاقية تبادل الإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية على نشاط مؤسسات النقل الجوي التابعة لكل من حكومتي المملكة وكوريا، إضافة إلى عدد من التحالفات تمت بين شركات سعودية وأخرى كورية أبرزها المشروع المشترك بين أرامكو السعودية وشركة سانغ يونغ الكورية فيما عرف باسم شركة هان السعودية. كذلك زيارة وزير الطاقة الكوري الجنوبي إلى الرياض عام 1991 وذلك لبحث المشروع المشترك بين أرامكو السعودية وشركة «سانغ يونغ» الكورية. على الصعيد التجاري، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام 2014 نحو 170 بليون ريال. وبلغت صادرات المملكة إلى كوريا 133 بليون ريال، والواردات من كوريا ما قيمته 37 بليون ريال. وتعد المملكة الشريك التجاري الرابع لجمهورية كوريا، كما أن كوريا هي الشريك الخامس للمملكة العربية السعودية، ويقدر عدد الشركات الكورية العاملة في المملكة بأكثر من 100 شركة. وتزوّد السعودية كوريا بثلث احتياجاتها من النفط الخام، ويُنظم سنويا مجلس الغرف السعودية بالتعاون مع الغرفة التجارية الصناعية الكورية ملتقى الأعمال السعودي الكوري. تعاون عسكري يعزز القدرات القتالية في 17 أكتوبر 2011 رست المدمرة الكورية كانج جام تشان في ميناء جدة الإسلامي، التي شاركت في الحرب بين الكوريتين الجنوبية والشمالية، والسفينة تشن جي سفينة الإمداد للقتال السريع التي شاركت في الحرب على القراصنة في البحر الأحمر وبحر العرب. ثم بدأت مناورة بحرية بين القوات البحرية الملكية السعودية والقوات البحرية الكورية، تضمنت مناورات تكتيكية لتعزيز القدرات العملياتية المشتركة بين البلدين. وعمليات المناورة هذه جرت تحت مسمى تمرين العبور، وشاركت فيها من الجانب السعودي سفينة الرياض. كما شملت الرؤية السعودية الكورية 2030، التي هي عبارة عن مذكرة تعاون وشراكة إستراتيجية وقعتها السعودية وكوريا الجنوبية في شهر أكتوبر من العام 2017، سعيا إلى تحقيق أهداف ومصالح مشتركة. وجرى تشكيل «لجنة الرؤية السعودية الكورية 2030»، المكونة من ممثلي الجهات والهيئات الحكومية ذات العلاقة من البلدين، يجتمعون سنويا لمتابعة مستوى تحقيق المشاريع والمبادرات المتفق عليها. وتقوم الرؤية السعودية الكورية 2030 على 3 محاور: محور التنمية الاقتصادية، والتطوير الحكومي، والتنمية البشرية والمجتمعية. ويشمل محور التنمية الاقتصادية تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وترويج الأبحاث والتطوير والاستثمارات، وتحول المدن، والاستدامة، أما محور التطوير الحكومي فيتضمن الحكومة الرقمية، وتخصيص الخدمات والممتلكات الحكومية، والبنية التحتية، وفعالية الحكومة، والسياسات الحكومية، وبالنسبة لمحور التنمية البشرية والمجتمعية فإنه يضم تطوير القوى العاملة، وحماية المستهلك، والتحول الرقمي للقطاع الصحي. أهداف مشتركة وتكامل مستدام تمتلك السعودية والجمهورية الكورية موارد واحتياجات مكملة لبعضها البعض، وبمطابقتها يمكن تحقيق الأهداف التي يسعى لها كلا البلدين عبر خططهما المتمثلة في رؤية 2030 السعودية، والخطة الخمسية الكورية، فكوريا الجنوبية مثلا تسعى إلى مصادر مستدامة للطاقة، وإلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، وعولمة القطاع الخاص للوصول إلى نسبة 50% من الصادرات، والسعودية بالمقابل ثالث أكبر مورد للطاقة في العالم، ويحتل صندوقها السيادي المرتبة الرابعة عالميا، ولها موقع إستراتيجي يربط 3 قارات ببعضها، أما بالنسبة للسعودية فإنها تسعى إلى أن تحتل مرتبة متقدمة في مجال التنافسية الصناعية، وإلى تطوير مهارات القوى العاملة، والوصول إلى المراتب الثلاثين الأولى في مؤشر الفرص العالمية. وبالمقابل فإن كوريا الجنوبية تمتلك معرفة تقنية وتصنيعية عالمية المستوى، إذ إنها تحتل المرتبة الأولى في مؤشر بلومبرغ للابتكار 2015، ولديها نسبة عالية من المهندسين والعمال ذوي المهارات العالية، وخبرة ودراية متعمقة في مجال تطوير الأعمال العالمية. وفي ما يخص العلاقات الثقافية شهد هذا المجال تعاوناً متميزاً، فقد شكلت العديد من اللجان بين البلدين سواء في المجال الإعلامي أو الرياضي أو العلمي. شهد عام 1985 الاتفاق على تكوين لجنة سعودية كورية مشتركة في المجال الرياضي لتنسيق تبادل الزيارات بين الوفود الرسمية الرياضية بين البلدين. وفي عام 1986 أوصت اللجنة السعودية المشتركة بضرورة تعاون البلدين في مجال التعليم الجامعي وتبادل الأساتذة والوثائق العلمية والأبحاث المشتركة وتبادل المنح الدراسية للطلاب بين جامعات البلدين. وفي المجال الإعلامي أوصت اللجنة بضرورة تشجيع تبادل الزيارات بين الإعلاميين وتدريب الفنيين السعوديين في مجال الإذاعة والتلفزيون بواسطة مؤسسات إعلامية كورية. ومن الإنجازات الثقافية توقيع اتفاقية التبادل الثقافي بين المملكة وكوريا الجنوبية في أبريل 1975. وفي عام 2015 بلغ عدد المواطنين السعوديين في جمهورية كوريا 1500 مواطن، وهم يمثلون أسر العاملين في المشاريع المشتركة مع بعض الشركات الكورية، إضافة إلى الطلبة السعوديين المبتعثين للدراسة في جمهورية كوريا البالغ عددهم نحو 600 طالب. وفي عام 1433 الموافق 2012 شاركت جمهورية كوريا الجنوبية في أكبر مهرجان ثقافي يقام في السعودية وهو مهرجان الجنادرية كضيف شرف. ضم الجناح الكوري 8 صالات، واتخذ جناح كوريا الجنوبية من الماء شعارا رئيسيا له. وشاركت كوريا بسبع وزارات وهيئات حكومية في جناحها، وعرضت فيه فعاليات ثقافية متعددة تظهر التقدم العلمي والإسهامات الكورية في مجال الفن والثقافة. واستعرض الجناح إنجازات المشاريع الضخمة التي قامت بها الشركات الكورية في المملكة العربية السعودية. وفي عام 2012 شاركت السعودية كضيفة الشرف في معرض كوريا للكتاب بمناسبة مرور 50 عاما على العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وكوريا الجنوبية. واحتوى الجناح على مجسمات للمسجد الحرام والمسجد النبوي، وخيمة يقدم فيها التمر والقهوة العربية، إضافة لعقد ندوتين، الأولى تحت عنوان تجديد الصلة بالكتاب في المملكة العربية السعودية وكوريا، وتناولت الندوة الثانية العلاقات السعودية الكورية على مدى 50 عاما. وفي العام 1976 تم بناء المركز الإسلامي في العاصمة سيول على أرض وهبتها الحكومة الكورية للمسلمين، وتم بناء المركز من تبرعات قدمتها المملكة العربية السعودية، والكويت، والإمارات العربية المتحدة، والمغرب، وماليزيا، وليبيا، وقطر. وتوجد في المركز الإسلامي مدرسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز لتدريس القرآن الكريم واللغة العربية لأبناء المسلمين الكوريين، إضافة إلى مدرسة ثانوية إسلامية أنشئت بتمويل من البنك الإسلامي للتنمية.