السياسة الخارجية لأية دولة لابد أن تخضع لظروف في فترة ما، قد تشكل تحديات أمامها وتستند إلى معطيات تزيد من فاعليتها وتأثيرها سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وهذه المعطيات تأخذ أبعادا عديدة عقائدية وأمنية وسياسية واقتصادية. هناك مملكة عربية سعودية جديدة بكلّ مقياس من المقاييس. هذا ما يغيب عن كثيرين يرفضون رؤية ما يحصل في السعودية هل من يريد أخذ العلم بذلك بالصبر والحكمة، السياسة السعودية الخارجية القائمة على احترام خصوصيات الغير، وعلى شحذ المفاوضات مع الأخوة العرب الجيران، مع تحمل السعودية مسؤوليتها تجاه أشقائها، وابتعادها دوما عن مهاترات الإعلام المسيس المؤجج للفتنة مقابل العمل بصمت، حتى وإن حاولت بعض الحكومات وقنواتهم ابتزاز الموقف السعودي الرزين. السياسة الخارجية السعودية باتت في حاجة ماسة وملحة لمراجعة الرؤية التي تنطلق منها، ولمراجعة أدائها ومرتكزاتها وأهدافها، ومما يضاعف الحِمل على السعودية، أن الظروف جعلتها في موقع مسؤولية إقليمية أكثر من غيرها. يخطئ بين العرب وغير العرب من يتعاطى مع السعودية دون أخذ في الاعتبار لما تغيّر فيها جذرياً، خصوصاً بعد طرح «رؤية 2030»، الماضي مضى. من كان يتصوّر أن الكلام الجريء سيحل مكان الصمت وأنّ ما كان صالحاً في التعامل مع السعودية لم يعد له فائدة تذكر الآن، اللغة السعودية الجديدة هي لغة الأرقام والمصالح المشتركة، والحسابات الدقيقة لا أكثر ولا أقلّ، ولكن من دون أن يعني ذلك انتفاء الحاجة الى إصلاحات في العمق في الداخل السعودي، إنها إصلاحات على صعيد بناء الإنسان بعيداً عن ثقافة التطرّف والتزمّت.