تحدث إلى حضور معرض الكتاب الدولي المقام حاليا في الشارقة الكاتب المعروف عضو ورئيس اللجنة الثقافية والإعلامية السابق بمجلس الشورى حمد القاضي عن أحد رموز الوطن الدكتور عبدالعزيز الخويطر وزيرا وأديبا. وتناول جوانب من مسيرة هذا الرمز الوطني، حيث بدأ الحديث عن الخويطر كوزير تولى العديد من الوزارات كالمعارف والمالية والصحة والعمل وديوان المراقبة العامة وقبلها إدارة جامعة الملك سعود. وتحدث عما قدمه لوطنه ومواطنيه على ما يزيد عن نصف قرن. مفاتيح شخصيته وذكر المحاضر أن لهذا الرجل مفاتيح لشخصيته كما لكل إنسان مفاتيح يتعرف عليه الانسان من خلالها، وذكر أن من أهم مفاتيح شخصيته الصدق، فقد كان صادقا مع نفسه ومع الآخرين، مشيراً إلى أن الخويطر اتصل به بعد صدور الأمر الملكي باختياره عضوا بمجلس الشورى وبعد أن هنأه قال له: «عليك أن تكون صادقا بكل ماتطرحه من رأي أو توصية وبهذا تبرئ ذمتك وتخدم وطنك». وأوضح أن المفتاح الثاني في شخصيته هي نزاهته التي اشتهر بها فقد عرف عنه أنه نزيه فيما يتعلق بعمل الدولة وأموال الحكومة إلى درجة كبيرة وقد خرج مرة من المكتب بالوزارة ووضع قلما في جيبه ناسيا ففوجئ مدير مكتبه بعودته وعندما سأله عن عودته قال له: «أبد رجعت علشان أعيد القلم والأعمار بيد الله». وروى القاضي مواقف عن أمانته وبعده عن المظاهر ومنها موقف رواه د سعيد المليص وكيل الوزارة للتطوير التربوي آنذاك، حيث اقترح عليه أن يغير أثاث مكتبه لقدمه ولأنه منذ عهد الوزير السابق الشيخ حسن آل الشيخ رحمهما الله، ولكن الوزير الخويطر لم يغير المكتب أو الكرسي بل أتى بسجادة من منزله ووضعها على الكرسي قائلاً له: «شف جبنا سجادة وأصبح الكرسي جديدا والأولى أن نوجه ما نريد صرفه على مكاتبنا للمدارس وفصول الطلاب فهم أولى منا». ولفت إلى أن المفتاح الثالث في شخصية الفقيد هو بعده عن الهوى، فلم يعرف عنه أنه قدم قريبا أو صديقا بميزة أو وظيفة أو نقل وخصوصاً في وزارة كبيرة مثل وزارة المعارف، وقد توسط لديه أحد الشخصيات الكبيرة لنقل معلم من منطقة إلى أخرى لكن وجد أن هناك مستحقين للنقل قبله فأبلغ المسؤول الذي تقبل الأمر. وقد سنّ مبدأ نقل المعلمين والمعلمات حسب الأولوية وحسب الترتيب بحيث لا يتقدم أحد على أحد إلا بموجب معايير دقيقة وبالتالي لم يكن للهوى أي تدخل في النقل وأصبح هذا منهجا في وزارة المعارف ثم في وزارة التعليم كما تسمى حاليا، مشيراً إلى أنه كان بسيطا في تعامله «لا يفرق بين وزير وخفير»، فالناس لديه سواسية سواء على مستوى علاقاته الشخصية أو من يزوره في مكتبه أو بيته فقد كان يخرج مع كل من يزوره إلى باب منزله يودعه مهما كان وكل من تعامل مع الخويطر كان يرتاح له لأنه بعيد عن الهوى، والناس لديه سواسية وهذا عدل يحسب له رحمه الله. وروى القاضي مواقف كثيرة في جوانب شخصية الفقيد منها مواقف معروفة ومنها مواقف عاشها المحاضر أو سمعها ممن عمل مع الدكتور الخويطر رحمه الله. وفي الجانب الأدبي والتاريخي والبحثي تطرق المحاضر إلى ما قدمه د. الخويطر من بحوث ومؤلفات أثرت مكتبتنا السعودية والعربية حيث صدر له العديد من الكتب 25 كتابا في 90 مجلدا وبعض كتبه وصلت إلى أربعين مجلدا؛ مثل كتابه وسم على أديم الزمن وأول كتاب له أي بني خمسة أجزاء وإطلالة على التراث حوالي خمسة عشر جزءا وكتاب ملء السلة من ثمر المجلة في جزأين وكتاب النساء رياحين الذي تحدث فيه عن والدته وطبع عدة طبعات، وكتاب حديث الركبتين وهناك كتب له بالتاريخ عن الظاهر بيبرس وعن الملك عبدالعزيز وغيرها. الخويطر وإدارة الوقت كيف استطاع د. الخويطر أن يؤلف مثل هذه المؤلفات فضلا عن قيامه بالواجبات الاجتماعية كالعزاء وتهاني الزواج والزيارات فضلا عن المهام التي يكلف به داخل المملكة وخارجها فهو ليس فقط وزيرا بل كان رئيس اللجنة العامة في مجلس الوزراء، وكان يرأس العديد من اللجان وكان موفدا من قادة هذه البلاد إلى العديد من الرؤساء والملوك للثقة به وما عرف عنه رحمه الله من حكمة. نعم كيف استطاع أن يوفر الوقت للتأليف، لافتاً إلى أنه من معايشته له عرف أن إدارته للوقت وتنظيمه هو سر هذا العطاء فقد كان ينام مبكرا ويصحو مبكرا لذا ينجز أمورا كثيرة تتعلق بأعماله و بكتبه ومؤلفاته وقراءاته، ولعل هذا هو سر إنجازه. وفي نهاية المحاضرة كان هناك العديد من المداخلات نحو هذه الشخصية من الحاضرين والحاضرات سواء فيما يتعلق بمسيرته العملية أو الكتابية. ومن بين المداخلات، سؤال ماذا قدم لوزارة المعارف؟، فأجاب المحاضر بأنه قدم الكثير لمدارسنا ومعاهدنا لكنه -رحمه الله - كان من عادته أن لا يتحدث عما قدم وما عمل، وبعد رحيله تحدث الكثير ممن عملوا معه وقتها منهم د. عبدالعزيز الثنيان وكيل وزارة المعارف آنذاك وآخرون عما أنجزه بالوزارة ومنها كادر المعلمين الذي ربما لو لم يكن د. الخويطر هو الوزير لما تم إقراره بحكم الثقة فيه، حيث أصبح لهم كادراً برواتب عالية ومميزات عالية رغّبت الخريجين في مهنة التعليم كما تم إنشاء المدارس والمعاهد الكثيرة، لكن ربما لم يعلم كثيرون عن كثير مما قام به لبعده عن الإعلام. العلاقة بين الخويطر والقصيبي وختم القاضي محاضرته بحديثه عن العلاقة الوثيقة بين الفقيد والدكتور غازي القصيبي رحمهما الله، حيث كانت علاقة شخصية وعملية رغم ما يتوقع الناس من تباين لكن كانت تجمعهما أمور أعظم هي الأمانة والإنجاز وسعة الثقافة وكان القصيبي يستشير صديقه الخويطر في كثير من الأمور. وقد ألف القصيبي كتابا جميلا أهداه إلى الخويطر قال فيه «»إلى صديقي الذي أغناني بآرائه عن آراء الآخرين"، وكان القصيبي لا ينيب بالوزارات التي تولاها إلا الخويطر إذا ماسافر في مهمة أو إجازة.