لم تشهد المملكة العربية السعودية تحولات إيجابية في تركيبة المجتمع مثل التحولات التي نعيشها في الفترة الحالية، ولم تحظ بمشاركة المرأة في العمل والإنتاج والإبداع مثل مشاركتها حاليا، ونستطيع اليوم أن نفتخر بأنه ليس هناك قوى بشرية معطلة كما كان يقال في الماضي في المحافل الدولية، وهو تحول يقوده أمير الشباب محمد بن سلمان ولي العهد بإشراف ومتابعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بتعاون الحكماء من ذوي الرأي والحكمة والعلم والعلماء مع الحفاظ والالتزام بشريعتنا السمحة المعتدلة وغير المتشددة. ومن يتابع ظواهر التحول يلحظ دور المرأة السعودية المتميز، الذي استطاع أن يطور العمل أسلوبا ودقة وانضباطية، بالإضافة إلى ملاحظة انخفاض نسب الفقر والبطالة لدى النساء السعوديات بخروجهن للعمل لحسابهن الخاص أو لحساب الآخرين، كما أن تواجد المرأة السعودية في تنظيم برامج الترفيه التي أعتبرها من أنجح خطط التحول الجديدة، والتي خلقت فرص عمل كبيرة للجنسين، حيث تواجدت المرأة السعودية في تنظيم العديد من المناسبات سواء الرياضية أو الترفيهية الأخرى، أو في المعارض والمنتديات، وعملت جنبا إلى جنب مع الشباب السعودي، وأثبت الجنسان بأنهما قادران على التعايش في العمل والإنتاج مع الحفاظ على المبادئ الأساسية في العمل وأهمها خلق التعامل وسلوكياته، ولم تسجل حالات تعدٍ أو تحرش أو سوء خلق مستمرة في العمل، وإن وجدت فهي حالات شاذة من شخصيات شاذة، والشاذ لا حكم له. وهذا يدفعني إلى تناول فكرة تعليم الطالبات والطلاب في تخصصات معينة وفي كليات متخصصة علمية، حيث حققت نجاحا كبيرا ومنذ سنوات طويلة في كلية الطب وحققت نتائج إيجابية وتخرج الأطباء من الجنسين من زمالة دراسة إلى زمالة عمل ناجحة وتواجدوا سويا في المؤتمرات والندوات، وعالجت الطبيبات المرضى من الرجال، ومن أنجح التجارب التاريخية لعمل ودراسة الجنسين سويا شركة أرامكو، وفي العصر الحديث جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (KAUST)، وأكبر تجربة نجاح لدراسة الجنسين سويا في فصول موحدة هي تجربة الابتعاث للطالبات السعوديات في الخارج اللاتي تعلمن وتخرجن من جامعات مختلفة، منهن بناتنا وزوجاتنا وأخواتنا، وكانت تجربة ناجحة لم تؤثر على خصوصية المرأة السعودية بل حققت نجاحا كبيرا. وهذا لا يعني أنه لا توجد جامعات وكليات عالمية فقط للطالبات، وهي موجودة في أمريكا وبريطانيا وغيرهما من دول العالم، وهي متخصصة لمن يرغب بعدم الاختلاط. وهذا ما يدفعني اليوم بعد هذه الأمثلة المطروحة لمناقشة فكرة الجامعات المختلطة في بعض التخصصات العلمية مثل كليات الهندسة بأنواعها وكليات العلوم بأنواعها وكليات تقنية المعلومات والكليات الفنية والتقنية وكليات الإعلان كتخصص مهني. كما أنني أرى أن الدراسة المشتركة في برامج الدراسات العليا لدرجتي الماجستير والدكتوراه لها فائدة كبيرة جدا لتبادل الرأي والفكر بين الجنسين. إن الاختلاط في التعليم الجامعي أمر تم الإقرار به رسميا من خلال ابتعاث الطالبات للدراسة خارج المملكة في جامعات مختلطة والأمر في تحليله واحد سواء داخل المملكة أو خارجها. أما من ناحية البعد الاقتصادي في الدراسة المختلطة في الجامعات فسوف يسهم في تخفيض التكلفة على الجامعات الحكومية والخاصة بنسبة قد تصل إلى 50% في بعض الكليات والتخصصات وعلى وجه الخصوص العلمية منها. وذلك لارتفاع تكلفة إنشاء وإدارة وتشغيل المعامل بشقيها النسائي والرجالي والأمثلة في الجوانب الاقتصادية عديدة. إن طرحي اليوم ينبثق من منظور إسلامي علمي تعليمي أكاديمي تربوي. علما بأنه في معظم الدول الإسلامية والعربية والخليجية تكون الدراسة فيها مختلطة مع ضمان خصوصية المرأة والحرص على مراقبة ومتابعة السلوكيات غير السوية ووضع نظم صارمة لمعاقبة المخالفين. آمل أن لا يفهم البعض بأنني أدعو أو أطالب بأمر يخالف الشريعة الإسلامية بل هو أمر طبقته الدول الإسلامية والعربية قبل حوالي 100 عام، وأعطيت المرأة الحرية للدراسة في الجامعات المختلطة محافظة على حجابها وقيمها الإسلامية كما ترغب، وأن الأمر مطروح لمن يرغب وليس إجبارا للجميع، وأرى أنه لا مانع من إقامة جامعات مختلطة وجامعات للطالبات فقط. إن هذا الموضوع هو للحوار، وجميل أن نستمع لكل الآراء، وليس طرحا للإكراه والإلزام. * كاتب اقتصادي سعودي [email protected]