أعلن مسؤولان كبيران بالإدارة الأمريكية أمس (الجمعة) أن الرئيس دونالد ترمب أبلغ مستشاريه برغبته في انسحاب قوات الولاياتالمتحدة مبكرا من سورية، وهو الموقف الذي قد يثير خلافات بينه وبين الكثير من كبار مسؤوليه. وقال مسؤولون أمريكيون مطلعون على الخطة إن من المقرر أن يعقد مجلس الأمن الوطني اجتماعا في بداية هذا الأسبوع لبحث الحملة التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد تنظيم «داعش» في سورية. وأكد مسؤولان آخران بالإدارة الأمريكية تقريرا لصحيفة وول ستريت جورنال يوم الجمعة بأن ترمب أمر وزارة الخارجية بتجميد أكثر من 200 مليون دولار من الأموال المخصصة لجهود التعافي في سورية مع قيام إدارته بإعادة تقييم دور واشنطن في الحرب الدائرة هناك منذ فترة طويلة. وأضافت الصحيفة أن ترمب دعا إلى تجميد هذه الأموال بعد قراءة تقرير إخباري أشار إلى أن واشنطن التزمت في الآونة الأخيرة بتقديم 200 مليون دولار إضافية لتحقيق الاستقرار في المناطق التي تم استعادتها من تنظيم «داعش». وكان ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي المُقال قد تعهد بتقديم هذا المبلغ خلال اجتماع للتحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» في الكويت في فبراير شباط. ويتمشى قرار تجميد هذه الأموال مع إعلان ترمب خلال كلمة في ريتشفيلد بولاية أوهايو يوم الخميس بأن الوقت حان كي تنسحب الولاياتالمتحدة من سورية. وقال متحدث باسم مجلس الأمن الوطني التابع للبيت الأبيض إنه «وفقا لتوجيهات الرئيس ستعيد وزارة الخارجية تقييم مستويات المساعدات الملائمة وأفضل طرق استخدامها والتي تقوم بها بشكل مستمر». وقال ترمب يوم الخميس بناء على الانتصارات التي حققتها قوات التحالف ضد تنظيم «داعش»: «سنخرج من سورية قريبا جدا. سنعود إلى بلدنا الذي ننتمي إليه وحيث نريد أن نكون». وجاءت تصريحات ترمب في الوقت الذي قالت فيه فرنسا يوم الجمعة إنها ستزيد وجودها العسكري في سورية لتعزيز الحملة التي تقودها الولاياتالمتحدة. وعلى الرغم من أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قدرت أن تنظيم «داعش» فقد نحو 98% من الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق وسورية، حذر مسؤولون عسكريون أمريكيون من أن التنظيم قد يستعيد المناطق المحررة بسرعة ما لم يتم تحقيق الاستقرار فيها. وقال المسؤولون الأمريكيون المطلعون على اجتماع مجلس الأمن الوطني إنه مازال من الضروري إقناع ترمب بذلك. مشاورات أمريكية وقال المسؤولان بالإدارة اللذان أكدا تقرير صحيفة وول ستريت وتحدثا ل«رويترز» شريطة عدم نشر اسميهما إن تصريح ترامب يوم الخميس يعكس مشاورات داخلية مع مستشارين تساءل خلالها عن سبب بقاء القوات الأمريكية بينما يوشك المتشددون على الهزيمة. وقال مسؤول إن ترمب أوضح أن «بمجرد تدمير داعش وفلولها فإن الولاياتالمتحدة ستتطلع إلى لعب دول بالمنطقة دورا أكبر في توفير الأمن والاكتفاء بذلك». وأضاف المسؤول أن معالم هذه السياسة لم تتضح بعد. وقال المسؤول الثاني إن مستشاري ترامب للأمن القومي أبلغوه بأنه ينبغي أن تبقى أعداد قليلة من القوات الأمريكية لعامين على الأقل لتأمين المكاسب التي تحققت بعد هزيمة المتشددين وضمان ألا تتحول سورية إلى قاعدة إيرانية دائمة. وذكر المسؤول أن كبار مساعدي ترمب للأمن القومي بحثوا الوضع في سورية خلال اجتماع بالبيت الأبيض لكنهم لم يستقروا بعد على إستراتيجية للقوات الأمريكية في سورية ليوصوا بها حتى ينفذها ترمب مستقبلا. وقال المسؤول «حتى الآن لم يصدر أمرا بالانسحاب». وينتشر نحو 2000 جندي أمريكي في سورية. وفي العام الماضي خاض ترمب جدلا مشابها بشأن ما إذا كان سيسحب قوات بلاده من أفغانستان ووافق في نهاية المطاف على الإبقاء عليها لكن بعد أن تساءل مرارا عن السبب في استمرارها هناك. وربما يؤدي موقف ترامب من سورية إلى خلاف بينه وبين مندوب الولاياتالمتحدة السابق بالأمم المتحدة جون بولتون الذي اختاره ترمب قبل أسبوع ليخلف إتش.آر. مكماستر في منصب مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض.