FAlhamid@ وفقا لمفهوم الأعراف الدبلوماسية، فإن العلاقات الثنائية بين الدول تحكمها القوانين والأطر الأمنية والمصالح المشتركة، ولكن عندما تتجاوز الدولة الخطوط الحمراء، فإن مصير هذه العلاقة يصبح في خطر، وهذا هو ما حدث تماما مع قطر، إذ لم تتجاوز الخطوط الحمراء فقط، ولكنها سعت من خلال أموالها وإرهابييها إلى التحالف مع جماعات الإرهاب وتشكيلاته لزعزعة الاستقرار والأمن والتدخل السافر في الشؤون الداخلية للدول الخليجية والعربية، فضلا عن تحالفها مع نظام الملالي الطائفي الإرهابي، ما أدى إلى قطع السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية معها. ومن الواضح أن نظام تميم يدفع الشعب القطري المغلوب على أمره نحو أيام أكثر صعوبة، بسبب سياساته السلبية، وتكريسه لمبدأ دعم الإرهاب الظلامي وسيره ضد التيار المحارب للفكر الإرهابي. والسعودية عندما اتخذت قرار قطع العلاقات مع قطر، فإن هذا القرار جاء بعد دراسة متأنية وفاحصة، ولم تسع على الإطلاق للمساس بالشعب القطري الذي تعتبره الرياض شعبا أصيلا. ومن هنا جاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، التي عبر فيها بصدق عن مواقف السعودية من أشقائها في قطر بإعلانه استعدادها لتزويد قطر بالغذاء والمستلزمات الطبية، من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة. وهنا يرد الجبير بطريقة هادئة وعملية على تصريحات الرئيس التركي أردوغان التي زعم فيها أن عزل قطر «لا إنساني ومخالف للتعاليم الإسلامية»، ليقول له إنه لا عزل للشعب ولا مقاطعة معه، بل إن الموانئ والمطارات السعودية مفتوحة.. ومن ثم فإن ما يتجاهله الرئيس أردوغان هو أن قطر هي التي عزلت نفسها بسياساتها المضرة لمنظومة الأمن الخليجي والعربي والإسلامي، وهو ما أضر بمصالح شعبها الذي نكن له كل التقدير والاحترام. كما أن السعودية استخدمت حقها في منع قطر من استعمال مجالها الجوي والبحري، لكنها رغم ذلك تركت الباب مفتوحاً أمام حركة العائلات. وهذا حق سعودي، وهو ما أكده الوزير الجبير عندما أوضح أن المجال الجوي السعودي ممنوع فقط على الخطوط الجوية والطائرات القطرية.. لكن موانئ قطر الستة مفتوحة ويمكنهم الدخول والخروج منها كما يشاؤون، فقط لا يمكنهم عبور حدودنا. وهنا يضع الجبير النقاط على الحروف مرسلا رسالة للعالم، من خلال تأكيده أنه من الناحية التقنية فهذا ليس حصاراً.. ولقد سمحت السعودية بحركة العائلات بين البلدين، ومستعدة لتزويد قطر بالغذاء والمستلزمات الطبية عبر مركز الملك سلمان. والسعودية منذ تأسيسها لعبت دورا إستراتيجيا في تعزيز التضامن الإسلامي، ولم تسع على الإطلاق إلى عزل أي دولة خليجية أو عربية، وعندما يتعهد الرئيس أردوغان أمام نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم أمس، بمواصلة دعمه لقطر، فذلك قرار تركي تتحمله أنقرة التي مازلنا نحترمها. والسعودية التي تعاملت بضبط النفس وحسن النية طوال السنوات الماضية مع النظام القطري، لا تحتاج من يعلمها كيف تتصرف، أو كيف تتخذ قراراتها لمصلحة أمنها الإستراتيجي. ومن هنا فإنه ليس أمام النظام القطري إلا تغيير المسار والانخراط مع دول الخليج في اجتثاث الإرهاب، والنأي عن المنظمات الإرهابية.