في كل يوم بل وفي كل ساعة تقذف المطابع بعشرات الكتب التي يحمل القليل منها جيد الأفكار والآراء وكثير منها مثل زبد البحر.. بل إن بعض هذه الكتب تود حين تطالعها أنه لو كان بجانبك قليل من النار لترمي الكتاب إياه فيها.. في حين أن الجيد من الإصدارات تتمنى لو سمح لك الوقت أن تعيد قراءته لأكثر من مرة.والكتاب الذي بين يدي اليوم هو من هذه الكتب وعنوانه: «معاد» يقول عن محتواه معالي الدكتور بكري بن معتوق بن بكري عساس: «هذا الكتاب ليس صفحات من الورق، بل هو صفحات من قلب صاحبه، وأجزاء من عقله، وشذرات من ذكرياته التي عاشها في البلدة المقدسة: مكةالمكرمة. لم أكتبه ليقول الناس: كاتب، وإنما كتبته وفاءً لمكة، للبلد الحرام الذي أكرمني الله بأن كنت من أهله، وعشت فيه مراحل حياتي كلها، فمنذ طفولتي الأولى وحتى اليوم وأنا لا أعرف بلداً سوى مكة، ولا أرتاح للسكن إلا فيها، والحمد لله رب العالمين». ويستهل الدكتور بكري صفحات الكتاب بقول الله تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين}. عن الضحاك قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة فبلغ «الجحفة» اشتاق إلى مكة، فأنزل الله عليه: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} أي: إلى مكة (تفسير ابن كثير). ثم يلحق بها هذه الأبيات الشعرية لفضيلة السيد محمد أمين كتبي: بلاد حباها الله أمنا وكعبةً يُصلي إليها الناس فرضاً محتما وآياتها مادام للناس قبلة بها بينات تنثر الأفق أنجما مقام خليل الله فيها محجباً ومشرب إسماعيل من بئر زمزما ومن أَمها من أي قطر وبلدة ومر على الميقات لبى وأحرما وضوعفت الأعمال فيها تفضلاً من الله ذي العرش الذي قد تكرما ولو عرف الإنسان حرمة أرضها تأدب فيها واستقام وعظما وفي المقدمة التي كتبها الأستاذ الدكتور علي بن عباس الحكمي: «فالكتاب عبارة عن مقالات في صحف يومية جاءت بالوصف البديع، وهو كباقة الورد تمنحك عبيرها وطيب شذاها بلمسة خفيفة، أو هبة نسمة لطيفة، لا ينبغي اخضاعه للمنهج الأكاديمي في التوثيقات والهوامش والتعليقات، ويكفي أن كاتبه - جزاه الله خيراً- قد اجتهد في اختيار ما أورده فيه من معلومات من مصادرها الصحيحة المعتبرة». وإلى الغد لنطالع بعض ما تضمنه الكتاب. السطر الأخير: من شعر الأستاذ محمد حسن فقي - رحمه الله -: مكّتي لا جلالٌ على الأرضِ يداني جلالَها أو يفوقُ ما تبالينَ بالرشاقةِ والسحرِ فمعناكِ ساحرٌ ورشيقُ [email protected]