تماسك سعر النفط السعودي للشهر العاشر على التوالي فوق التقديرات التي يعتقد اقتصاديون أن الميزانية العامة للدولة بنيت عليها خلال العام الجاري 2010. ووفق بيانات مؤسسة النقد، أنهى متوسط سعر الخام العربي الخفيف السعودي شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عند 81.5 دولار للبرميل مرتفعا من 74.6 دولار في أيلول (سبتمبر). كما واصل سعر النفط في الشهر نفسه في دورانه في فلك السعر الذي تراه المملكة وعدد من منتجي الخام ومستهلكيه عادلا، وفقا لمستويات الطلب في العالم وكميات الإنتاج. ويعتقد الاقتصاديون، أن الميزانية بُنيت خلال العام الجاري على سعر 50 دولارا للبرميل، وهو ما يرجح تسجيل فائض في الميزانية بدلا من العجز الذي توقعته في بداية العام. ومعلوم أن الإنفاق العام في الميزانية العامة للدولة للعام المالي 1431/1432ه (2010) قدر بنحو 540 مليار ريال، مقابل إيرادات تقدر ب 470 مليار ريال، ما يعني توقع تسجيل عجز بقيمة 70 مليار ريال. وهو أول عجز تفترضه الميزانية منذ عام 2002. وبالنظر إلى الأرقام السنوية وفق البيانات ذاتها، فإن متوسط سعر الخام العربي الخفيف سجل ارتفاعا طفيفا بلغ 59.5 دولار للبرميل عام 2009، مقارنة بمستوى 95 دولارا في عام 2008. وتشير تقديرات مصرفية إلى أن الخام العربي الخفيف يسهم بنسبة 50 إلى 60 في المائة من إجمالي صادرات نفط المملكة. ورجح تقرير مالي حديث أن تنخفض أسعار النفط خلال العام الجاري 2010 دون مستوى 70 دولارا للبرميل مع تفاقم أزمة الدين في الاتحاد الأوروبي، وهو المستوى الأدنى المريح لدول الخليج المنتجة، ما يعني أن سعر النفط سيستمر في دورانه في فلك السعر الذي يراه عدد من منتجي الخام ومستهلكيه عادلا والذي يراوح بين 70 و80 دولارا للبرميل وفقا لمستويات الطلب في العالم وكميات الإنتاج. ولفت التقرير حول الاقتصاد السعودي، إلى أنه في حال انخفاض أسعار النفط إلى 70 دولارا للبرميل فإنه لن يؤثر في الإنفاق الحكومي، وذلك لتمتع الحكومة بفائض في الميزانية ونمو اقتصادي إيجابي. وهنا، كشفت بيانات ''ساما'' نمو حجم الموجودات الأجنبية للمؤسسة (الاحتياطيات الحكومية في الخارج) بشكل ملحوظ بنهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بنسبة 1.8 في المائة أي بنحو 29 مليار ريال لتستقر عند 1.610 تريليون ريال، مقارنة بنحو 1.581 تريليون ريال بنهاية أيلول (سبتمبر) الماضي. في حين، واصل حجم الائتمان المصرفي للقطاع الخاص نموه للشهر ال 11 على التوالي لهذا العام بنسبة ارتفاع 0.6 في المائة ليبلغ نحو 744.6 مليار ريال بنهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ليتجاوز بذلك من مستوياته التي سجلها قبل نهاية العام الماضي. وأظهرت البيانات نفسها أن الائتمان المصرفي استأنف نموه مع بداية هذا العام ليسجل مع نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي 744.6 مليار ريال، مقارنة بنحو 740.2 بنهاية أيلول (سبتمبر)، ومقارنة ب 733.5 مليار ريال بنهاية آب (أغسطس)، ومقارنة بنحو 731.6 مليار ريال بنهاية حزيران (يوليو)، وهو ما قد يعزز انتهاج البنوك أسلوبا أقل حذرا في إقراض شركات القطاع الخاص. وفي حال إضافة قيمة استثمارات القطاع الخاص في الأوراق المالية الخاصة لدى البنوك فإن إجمالي مطلوبات المصارف التجارية من القطاع الخاص يرتفع بشكل طفيف - وهو مؤشر رئيسي على ثقة البنوك بالاقتصاد - مع نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي إلى 777.8 مليار ريال مقارنة ب 773.1 مليار ريال خلال أيلول (سبتمبر) أي بنسبة نمو 0.6 في المائة. وجددت السعودية أكبر المنتجين في منظمة ''أوبك'' على لسان وزيرها للبترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي في وقت سابق، أن الدول المنتجة للخام ترى في سعر يراوح ما بين 70 إلى 80 دولارا للبرميل سعرا عادلا للنفط، مشدداً على أن الأسعار لم تعد في أيدي المنتجين وإنما تخضع لآلية السوق وعواملها العديدة والمتغيرة. ومن المعلوم أن المملكة تبني عادة ميزانيتها - بحسب اقتصاديين - على أسعار متحفظة للنفط لاعتبارين مهمين، أولهما التحوط ضد أي تراجع مفاجئ في السعر وبالتالي حدوث عجز في الميزانية، والآخر أن السعودية حريصة على بقاء الأسعار في مستويات معقولة لا تلحق ضررا بالاقتصاد العالمي وبالتالي فهي لا تضع ميزانيتها على سقوف عالية للنفط لا ترى أنها مناسبة لاقتصادها وللاقتصاد العالمي. وتشير الأرقام المعلنة - وفق الاقتصاديين - إلى أنه تم اعتماد سعر يراوح بين50 و55 دولارا للبرميل عند اعتماد الموازنات الخليجية للعام الماضي وأن متوسط سعر برميل النفط تجاوز هذا المعدل ليصل إلى 59 دولارا للبرميل، وهو ما يفسر استمرار الأنشطة الاقتصادية في دول مجلس التعاون بمعدلات جيدة رغم انحسار الأنشطة الاقتصادية في العالم وانكماش العديد من الاقتصاديات العالمية. وبحسب تصريحات خليجية فإن جذب الاستثمارات اللازمة لبناء القدرات الإضافية لإنتاج النفط ولتلبية الطلب عليه مستقبلا يحتاج إلى أن تبقى أسعار النفط الخام فوق 70 دولارا للبرميل، وأنه كلما انخفضت الأسعار دون هذا السعر فإن ذلك يحد من عمليات تنمية شركات الطاقة وتوسيع مشاريعها.