محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعًا جديدًا من الخفافيش في المملكة    توال و 5SKYE تعلنان عن شراكة استراتيجية لتعزيز التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية    "مطار الملك فهد الدولي" يحقق المركز الأول في نسبة الالتزام بمعايير الأداء التشغيلي    رغم عدم تعليق موسكو.. أوكرانيا تتهم روسيا باستهدافها بصاروخ باليستي عابر للقارات    تفاؤل أمريكي بوقف إطلاق النار في لبنان.. خلافات بين إسرائيل وحزب الله على آلية الرقابة    اكتمال وصول الدفعة الأولى من ضيوف خادم الحرمين للعمرة والزيارة    الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وقائد بحماس    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    "تعليم البكيرية" يحتفي باليوم الدولي للتسامح بحزمة من الفعاليات والبرامج    أمين منطقة القصيم يتسلم التقرير الختامي لمزاد الابل من رئيس مركز مدرج    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    ندوة "حماية حقوق الطفل" تحت رعاية أمير الجوف    الهيئة السعودية للبحر الأحمر تصدر أول ترخيص لمراسي سياحية في ينبع والليث    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    أكاديمية طويق شريك تدريبي معتمد ل "Google Cloud"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    مدالله مهدد ب «الإيقاف»    9 مهددون بالغياب أمام «الصين»    وزراء داخلية الخليج يبحثون التعاون الأمني المشترك    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    ضمن ملتقى «الإعلام واقع ومسؤولية».. إطلاق أول بودكاست متخصص في المسؤولية الاجتماعية    وزير العدل: القضاء السعودي يطبق النصوص النظامية على الوقائع المعروضة    حمائية فاشلة !    الصقور السعودية    «المسيار» والوجبات السريعة    «كوكتيل» هرج    الخليج يتطلع لنهائي آسيا أمام الدحيل    البكيرية يتجاوز الجندل والعدالة يتألق أمام النجمة    البرلمان العربي يدين تهديدات كيان الاحتلال الإسرائيلي بضرب العراق    هوساوي يعود للنصر.. والفريق جاهز للقادسية    اكتشف شغفك    علاج فتق يحتوي 40 % من أحشاء سيدة    الاتحاد يستعيد "عوار" .. وبنزيما يواصل التأهيل    الغندور سفيرا للسعادة في الخليج    محافظ جدة يشرف أفراح الحصيني والقفيدي    الإعراض عن الميسور    «بوابة الريح» صراع الشّك على مسرح التقنية    الدرعية تضع حجر الأساس لحي القرين الثقافي والمنطقة الشمالية    «قرم النفود» في تحدٍ جديد على قناة «الواقع»    فيتو أميركي ضد قرار بمجلس الأمن بشأن غزة    مهرجان البحر الأحمر يعرض روائع سينمائية خالدة    إيطاليا تفرض عقوبات أشد صرامة على القيادة الخطرة    أرامكو تحصد 5 شهادات ماسية خلال حفل مستدام «أجود»    في مؤجلات الجولة الثامنة من" يلو".. قطبا حائل يواجهان الحزم والصفا    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    نواف إلى القفص الذهبي    الزميل أحمد بركات العرياني عريسا    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    استهلاك عدد أقل من السجائر غير كافٍ للحد من الأضرار التي يتسبب بها التدخين    سعود بن بندر يستعرض تحول التعليم في الشرقية    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنفاق بسخاء وخفض للدَّين.. ميزانية المملكة تخالف التوجه العالمي وتتجاوز هواجس أمريكا وأوروبا
مخاوف من اعتماد الاقتصاد للعام الرابع على الإنفاق الحكومي ..
نشر في الرياض يوم 28 - 12 - 2011

أكد تقرير اقتصادي أمس أن حجم الإنفاق الذي أقرته ميزانية المملكة للعام 2012 سجل مستوى قياسياً آخر يدل على استمرار الحكومة في برنامجها لتطوير البنيات التحتية البشرية والمادية، كما سجلت الإيرادات قفزة كبيرة رغم عدم الإعلان عن مبادرات جديدة في إشارة إلى أن الحكومة أصبحت فيما يبدو أقل تحفظا بشأن تقديراتها لأسعار النفط.
ولأول مرة منذ عام 2008 تقر المملكة ميزانية تتضمن فائضا، وفي الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة والدول الأوربية إلى خفض نفقاتها كي تتمكن من التحكم في العجز بموازناتها وتقليص ديونها، نجد أن هذا الأمر لا يشكل هاجسا للمملكة حيث تشتمل الميزانية على فائض وإن كان صغيرا والدين العام منخفض جدا، حتى وإن طرأ عجز فيمكن تمويله بسهولة باستخدام احتياطي المملكة الضخم من الموجودات الأجنبية دون أن تضطر لإصدار دين جديد.
استبعاد أي تغيرات فيما يتعلق بسياسة ربط سعر صرف الريال بالدولار
حجم المصروفات
واضاف التقرير الذي اعدته دائرة الدراسات الاقتصادية والبحوث في شركة جدوى للاستثمار أن تقدير الحجم الإجمالي للمصروفات سجل أعلى نمو سنوي في إنفاق تقره الميزانية منذ عام 2006 عند مستوى 690 مليار ريال بما يفوق المصروفات المقررة في ميزانية عام 2011 بحوالي 19%، أما التمويل اللازم لبناء 500 ألف وحدة سكنية والبالغ 250 مليار ريال فقد تم تحويله سلفاً من فائض إيرادات ميزانية عام 2011 إلى حساب خاص لدى مؤسسة النقد العربي السعودي حسب بيان الميزانية.
تخطي الصرف الحكومي الفعلي الإنفاق المقرر في الميزانية لا يستدعي القلق
ورغم أن الإنفاق المقرر في الميزانية يقل كثيراً عن الإنفاق الفعلي للعام 2011 إلا أن ذلك لا يستدعي القلق حيث من الطبيعي أن يتخطى الصرف الحكومي الفعلي الإنفاق المقرر في الميزانية لذا أتى إجمالي الإنفاق المقرر في العام الجديد أقل من الإنفاق الفعلي للعام السابق، وكان عام 2000 آخر عام تجاوز فيه الإنفاق المقرر في الميزانية الإنفاق الفعلي للعام الذي سبقه، ويعادل الفرق بين مستوى الصرف المقرر في ميزانية عام 2012 والصرف الفعلي في عام 2011 حوالي 14%، مقارنة بمتوسط يبلغ 9 % لسنوات العقد الماضي.
ويأتي هذا الانحراف عن النمط المعتاد نتيجة لصرف مبالغ ذات طبيعة غير متكررة في عام 2011، حيث تم إنفاق 100 مليار ريال في شكل مكافأة راتب شهرين إضافيين منحت إلى موظفي الحكومة وتحويلات إلى صندوق التنمية العقاري وبنك التسليف السعودي وهي مصروفات لن تتكرر عام 2012، ورغم ذلك، فإن بنود حزم الإنفاق الإضافي التي تم اعتمادها سوف تنعكس على حجم الإنفاق المقرر لعام 2012، وأهم تلك البنود هو رفع الحد الأدنى للأجور الذي سيكلف نحو 3 مليارات ريال هذا العام (تم تحميل عام 2011 معظم هذه التكلفة الإضافية) وبرنامج إعانة الباحثين عن العمل الذي سيبدأ تطبيقه في يناير بدلاً عن نوفمبر 2011 كما كان مخططاً في السابق وتقدر تكلفته بنحو مليار ريال شهرياً.
القطاع الخاص غير النفطي يسجل أعلى معدل نمو منذ 30 عاماً
الانفاق الاستثماري
تم رفع الإنفاق الاستثماري حسب الميزانية إلى 265 مليار ريال وهو مستوى يأتي متسقاً مع مستويات العامين السابقين، ما يدل على أن معظم الزيادة المقررة في المصروفات تندرج تحت بنود الإنفاق الجاري.
وتشكل المرتبات والأجور أكبر مكون للإنفاق الجاري ومن المؤكد أنها ستكون أكبر مساهم في هذا المستوى المرتفع من الإنفاق، كما يرجح أن ترتفع تكاليف التشغيل والصيانة بسرعة وتصبح أحد أهم البنود في المصروفات الجارية خلال السنوات القادمة عندما تنتقل معظم المشاريع إلى مرحلة التشغيل.
وجاءت أولويات الصرف متسقة مع أولويات موازنات الأعوام الأخيرة، حيث حظي قطاع التعليم بالنصيب الأكبر من المخصصات التي تم الكشف عنها في الميزانية وشكلت مصروفاته 24%من إجمالي الإنفاق، وسجل قطاعي النقل والصحة والشئون الاجتماعية أعلى نسبة زيادة في المخصصات.
توقعاتٌ بضغوط تضخمية محلية نتيجة ارتفاع الإنفاق الحكومي والاستهلاكي
موجز خطط الإنفاق
ارتفعت مخصصات قطاع التعليم وتنمية الموارد البشرية إلى 169 مليار ريال، بنسبة 13% مقارنة بما تم تخصيصه للعام السابق، وهذه المبالغ ستستخدم لتغطية أعمال التشييد الخاصة ببناء نحو 742 مدرسة جديدة و2900 مدرسة قائمة، وكانت الأعوام الثلاث الأخيرة قد شهدت تمويل 2552 مدرسة جديدة، أي بمعدل يزيد على مدرستين كل يوم، كما سيتم بناء أكثر من 40 كلية جديدة وسيتواصل العمل في بناء مرافق الجامعات التي فُتحت مؤخراً، حيث تم تخصيص 25 مليار ريال لمشروع الجامعة الإلكترونية وليس هناك خطط لإنشاء جامعات جديدة، كما خُصصت 20 مليار ريال لتغطية تكاليف أكثر من 120ألف طالب سعودي يدرسون في الخارج مع أسرهم خلال عام 2011.
الدين الحكومي
قطاع الصحة والشؤون الاجتماعية: تم تخصيص 86,5 مليار ريال لهذا القطاع بزيادة قدرها 26% عن مخصصات عام 2011 وهذه الزيادة الكبيرة في المخصصات ربما تعكس البدء في تطبيق برنامج إعانة الباحثين عن العمل ومنح 16 مليار ريال إضافية لصرفها على مدى فترة زمنية غير محددة ضمن حزم الإنفاق الإضافية التي تم اعتمادها مطلع عام 2011، وتخطط الدولة للبدء في تشييد 17 مستشفى جديدا خلال عام 2012 بالإضافة إلى 130 مستشفى قيد الإنشاء.
قطاع المياه والزراعة والتجهيزات الأساسية: تلقى هذا القطاع 57,5 مليار ريال بزيادة بلغت 13% عن مخصصات عام 2011، وتم تخصيص مبالغ لمشاريع جديدة في المدن الصناعية بالإضافة إلى تعزيز شبكات إمداد المياه وتحسين وترقية شبكات المياه والصرف الصحي.
تصنيف الإنفاق حسب القطاعات
قطاع النقل والاتصالات: حظي هذا القطاع بأكبر زيادة في المخصصات مقارنة بجميع القطاعات التي تم الإعلان عنها، حيث خُصص له مبلغ 35 مليار ريال بزيادة 5% فوق مستويات عام 2011.
وتعود هذه الزيادة الكبيرة إلى التقدم الذي أحرز بشأن تطوير مطار الملك عبد العزيز في جدة، التي ربما تكون نتيجة لمبالغ كبيرة يتم دفعها مع اكتمال المشروع أو قد تكون تكاليف تشغيل، حيث اكتمل العمل بنسبة 90% ويجب الفراغ منه بنهاية سبتمبر 2012، بالإضافة إلى بدء العمل في شق طرق جديدة تبلغ أطوالها 4200 كيلو متر مع الاستمرار في المشاريع قيد الإنشاء البالغة أطوالها 28100 كيلومتر، وباكتمال هذه المشاريع تكون شبكة الطرق في المملكة قد ازدادت بنحو 17%.
النمو في المصروفات المقررة في الميزانية
تصنيف الإنفاق
قطاع الخدمات البلدية: ارتفعت مخصصات القطاع في الميزانية الجديدة إلى 29 مليار ريال، بزيادة 19% عن مخصصات العام السابق، وبقي الإنفاق في هذا القطاع يتركز على نفس المجالات كما في السنوات السابقة.
ونعتقد أن الإنفاق على قطاع الدفاع والأمن يمثل أكبر بنود الإنفاق الحكومي على الرغم من عدم الإعلان عنه في الميزانية، وقد شكلت مخصصات هذا القطاع 31% من ميزانية عام 2011 وهي أقل نسبة منذ عام 1984، وتم خلال الأعوام الأخيرة توقيع عقود دفاعية بمليارات الدولارات كما تشير بعض التقارير الإعلامية المتفرقة إلى وجود اتفاقيات جديدة، لكن صرف تلك المبالغ على مدى عدد من السنوات لن تنعكس بصورة كبيرة على الإنفاق في عام 2012.
متوسط سعر النفط
الإيرادات الميزانية
قدّرت ميزانية العام 2012 إجمالي الإيرادات بنحو 702 مليار ريال، ويتوقع التقرير أن تساهم مبيعات النفط بنحو 85% منها، لكن لا تتوفر تفاصيل رسمية بهذا الخصوص، ولم يُكشف عن متوسط سعر النفط ولا حجم الإنتاج اللذين بني عليهما تقدير الإيرادات النفطية في الميزانية، إلا أن التقرير يرى أن متوسط الإنتاج اليومي يبلغ 8,8 ملايين برميل ومتوسط لسعر سلة الخامات السعودية يبلغ 69 دولاراً للبرميل ما يعادل نحو 65 دولاراً لبرميل خام غرب تكساس و 73 دولاراً لمزيج برنت.
سعر النفط في الميزانية
من البديهي أن تتم صياغة الميزانية على أساس تقدير متحفظ لأسعار النفط، فخلال العقد الماضي جاء السعر الفعلي للنفط أعلى بواقع 70% في المتوسط عن السعر المستخدم في وضع تقديرات الميزانية " نرجح أن السعر الفعلي كان أعلى من السعر التقديري بواقع 85% بالنسبة لعام 2011" وكانت آخر سنة انخفض فيها متوسط السعر الفعلي للنفط مقارنة بالسعر المستخدم في تقديرات الميزانية عام 1998، وحالياً يتم بيع خام غرب تكساس بسعر 99,7 دولاراً أي أعلى بواقع 52% عن مستوى السعر الذي نعتقد أنه اُستخدم في صياغة تقديرات الميزانية، ومع ذلك، فالقفزة في الإيرادات تشير إلى أن الحكومة أصبحت أقل تحفظاً بشأن توقعاتها لسعر النفط خلال عام 2012، قدرت الميزانية أن الإيرادات سترتفع بنسبة 30% ومن المتوقع أن يأتي كل من سعر النفط وحجم الإنتاج دون مستوياتهما لعام 2011.
المصروفات المقررة في الميزانية
ويرى التقرير أن الإيرادات ستزيد عن تقديرات الحكومة بدرجة مريحة وأن استخدام تقدير واقعي لسعر النفط هو أمر سليم، وبصفة عامة تشكل الإيرادات الأساس التي تحسب عليها المصروفات، وقد ساهم التقدير غير الواقعي لإيرادات النفط وبالتالي تقديرات الإنفاق في رفع مستويات تجاوز الإنفاق خلال السنوات الماضية.ولم يتم الإعلان عن تقديرات الإيرادات غير النفطية في الميزانية التي يأتي معظمها من رسوم الخدمات الحكومية والتعرفة الجمركية وهما موردان مرجحان للارتفاع بدرجة كبيرة نتيجة لقوة الأداء الاقتصادي.
ورغم أن الاحتياطيات الأجنبية سجلت أعلى مستوى لها على الإطلاق، من غير المتوقع أن يشهد الدخل الاستثماري تغيراً يذكر مقارنة بالسنوات القليلة الماضية بسبب التراجع المستمر في فائدة السندات الأمريكية التي تشكل معظم الموجودات الأجنبية لحكومة المملكة، كما لم تتضمن بيانات الميزانية تبني أي سياسات جديدة لزيادة الموارد غير النفطية.
توقعات جدوى بشأن الميزانية
من المتوقع تسجيل فائض قدره 91 مليار ريال في ميزانية عام 2012 وهو ما يعادل 4,5% من الناتج الإجمالي المحلي المتوقع، وعلى أساس أن تأتي أسعار النفط الفعلية أعلى من المستويات التي استخدمت في الميزانية ما يؤدي إلى تجاوز إيرادات النفط الفعلية الإيرادات المقررة بموجب الميزانية، كما يرجح أن تساهم العائدات النفطية بمبلغ 744 مليار ريال في الميزانية بالإضافة إلى 80 مليار ريال من العائدات غير النفطية.
وسوف يتخطى الإنفاق الفعلي مستوى الإنفاق المقرر في الميزانية، حيث إن الإنفاق الفعلي قد تخطى تقديرات الميزانية بمعدل 24% في المتوسط خلال الأعوام العشرة الأخيرة، فيما جاءت حدة تجاوز الإنفاق الفعلي للمستويات المقررة في ميزانية 2011 أعلى من ذلك المعدل وبلغت 39%، بسبب التزامات الصرف التي تضمنتها المراسيم الملكية التي تم الإعلان عنها في فبراير ومارس. وفي ضوء تلك المراسيم غير المتكررة ورؤيتنا بأن كلا من الإيرادات والمصروفات حسب الميزانية جاءت أقل تحفظاً من المعتاد، ينتظر أن يأتي تخطي الإنفاق الفعلي للمستويات المقررة متمشياً مع النمط التاريخي ونتوقع أن يبلغ الإنفاق الإجمالي نحو 733 مليار ريال.وحسب توقعاتنا يبلغ مستوى سعر النفط اللازم كي تتعادل الإيرادات مع المصروفات العامة، والذي يعرف بالسعر التعادلي، 74 دولارا للبرميل لخام الصادر السعودي (ما يعادل نحو 70 دولارا لخام غرب تكساس، و78 دولارا لخام برنت). وقد بنينا حساب هذا السعر على افتراض أن يبلغ متوسط الإنتاج الكلي 8,8 ملايين برميل يومياً وأن يكون الاستهلاك المحلي في حدود 2,4 مليون برميل.
وقد أدى إنتاج الغاز من حقل كران الذي بدأ العمل في يوليو إلى تقليل تأثير ارتفاع حجم استهلاك الطاقة المحلي على الطلب المحلي للنفط، وبما أن الإنتاج من حقل كران لن يبلغ طاقته الكاملة إلا في عام 2013، فيتعين أن يخفف هذا الحقل بعض العبء عن النفط كمصدر للطاقة للاستهلاك المحلي خلال عام 2012.
الأداء المالي في 2011
ارتفع حجم فائض الميزانية عام 2011 وبلغ 306 مليار ريال مسجلاً ثاني أعلى رقم قياسي أي ما يعادل 14,1% من الناتج الإجمالي، ويعود الفضل في ارتفاع الفائض إلى زيادة الإيرادات النفطية نتيجة لزيادة متوسط سعر النفط بنسبة 35 بالمائة مدعومة بزيادة في حجم الإنتاج بلغت نسبته 13% "ازدادت الصادرات بنسبة 19%"، ورغم أن الإنفاق الفعلي تخطى الإنفاق المقرر في الميزانية بدرجة كبيرة، إلا أن زيادة الإيرادات النفطية فاقت ذلك المستوى.
وسجلت الإيرادات الفعلية أعلى مستوى لها على الإطلاق حيث بلغت 1,110 مليار ريال مرتفعة بنسبة 104% عن الإيرادات المقدرة في الميزانية وبنسبة 50% عن مستواها عام 2010، بسبب تخطي أسعار النفط للمستوى المقدر لها في الميزانية.
ويرى التقرير أن ميزانية العام 2011 بنيت على متوسط لسعر الخامات السعودية يبلغ 56 دولاراً للبرميل وحجم إنتاج يبلغ 8,3 ملايين برميل في اليوم، وبما أن العام شارف على الانقضاء فمن المرجح أن متوسط السعر الفعلي للنفط السعودي يقارب 105 دولارات للبرميل، وسيكون متوسط الإنتاج عند 9,3 ملايين برميل في اليوم عقب رفعه بهدف التعويض عن النقص الكبير في إنتاج ليبيا.
وبلغت الإيرادات غير النفطية 78 مليار ريال، بزيادة 10% عن مستواها عام 2010.
المصروفات الفعلية
بلغت المصرفات الفعلية 804 مليارات ريال بزيادة 39% عما ورد في مقررات في الميزانية و25% عن مستواها عام 2010، وتعتبر هذه الزيادة السنوية هي الأعلى منذ عام 2000 مقارنة بمتوسط زيادة 13% خلال العقد الماضي، والمتوقع أن زيادة الإنفاق تعود إلى ضخامة المبالغ التي اعتمدت بموجب حزم الإنفاق الإضافي التي تم الإعلان عنها خلال الربع الأول من العام، وكان أكبرها مكافأة راتب شهرين منحت لموظفي الدولة حيث تراوحت تكلفتها بين 35 و40 مليار ريال بالإضافة إلى 40 مليار ريال تم تحويلها إلى صندوق التنمية العقارية و20 مليار ريال إلى بنك التسليف السعودي، ورغم عدم إنفاق معظم مبلغ ال 60 مليار ريال هذا إلا أنه تحوّل من حسابات الحكومة إلى حسابات تلك الجهات المعنية، ما يعني أن كامل المبلغ سُجل كإنفاق حكومي.
وأضافت الالتزامات التي تضمنتها حزم الإنفاق الإضافي التي تم الإعلان عنها في فبراير ومارس عبئاً جديداً على فاتورة الأجور، خاصة الزيادة في الحد الأدنى لأجور موظفي الدولة وتعيين 60ألف موظف جديد في وزارة الداخلية.
ولم يتضمن خطاب الميزانية تفاصيل عن حجم الإنفاق الجاري والإنفاق الاستثماري، ومن المهم ملاحظة أن التقديرات الأولية لأداء الميزانية المتضمنة في بيان الميزانية يتم تعديلها في كثير من الأحيان، وبصفة عامة تتم زيادة الأرقام الخاصة بالإيرادات والمصروفات على حد سواء لكن الأخيرة غالباً ما ترتفع بنسبة أكبر.
الدين الحكومي
تم خفض الدين الحكومي إلى 135,5 مليار ريال بنهاية عام 2011، ما يعادل 6,3% فقط كنسبة من الناتج الإجمالي، وقد ارتفعت حيازات البنوك التجارية من الدين الحكومي وشبه الحكومي بواقع 20,6 مليار ريال خلال الأشهر العشرة الأولى من العام بسبب ارتفاع أذونات الخزانة بنحو 34,9 مليار ريال لامتصاص السيولة التي خلفها الإنفاق الحكومي الضخم، لكن تراجعت حيازات البنوك من السندات الحكومية طويلة الأجل بنحو 14,2 مليار ريال لتصبح 47,7 مليار ريال وهو أدنى مستوى لها منذ منتصف عام 2006.
أما الجهات الأخرى التي تحتفظ بمعظم أدوات الدين الحكومي فهي صندوق معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، حيث كانت حيازات هذه المؤسسات من الدين الحكومي تتم مقايضتها في السابق بموجودات تقوم بإدارتها جهات حكومية أخرى، ومن المتوقع أن عمليات مقايضة شبيهة قد مكّنت من خفض الدين الكلي في عام 2011.
الناتج الإجمالي الفعلي
اشتملت الميزانية على بيانات أولية عن الاقتصاد الكلي للعام 2011 أشارت إلى تحسن كبير في الأداء الاقتصادي، حيث جاء نمو الاقتصاد غير النفطي أعلى بكثير من التوقعات كما سجل القطاع الخاص غير النفطي أعلى معدل نمو منذ أوائل الثمانينات، ونتج عن ارتفاع الإيرادات النفطية نمو كبير في الناتج الإجمالي الاسمي وكذلك في فائض الحساب الجاري، كذلك تراجع معدل التضخم.
ونما الناتج الإجمالي الفعلي بنسبة 6,8% مسجلاً أسرع معدل له منذ عام 2003، مقارنة بنمو قدره 4,1% عام 2010.
وكنا قد توقعنا ارتفاعا كبيرا في النمو الاقتصادي بسبب زيادة المملكة إنتاجها عام 2011 للتعويض عن نقص النفط الليبي ولتلبية الطلب المتزايد خاصة من آسيا، فيما نما القطاع النفطي بنسبة 4,3% فقط، ولذلك تحقق النمو بدفع من القطاع الخاص، ونعتقد إجراء تعديلات جذرية على البيانات الأولية الخاصة بالناتج الإجمالي الفعلي.
وسجل القطاع الخاص غير النفطي نمواً بنسبة 8,3%، وكنا قد توقعنا تحسناً عام 2011 بسبب الارتفاع الكبير في الإنفاق الحكومي الذي أدى إلى تعزيز ثقة الشركات والمستهلك وإلى ارتياح البنوك لظروف عمليات الإقراض رغم الاضطرابات التي تشهدها المنطقة وتنامي المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي والتوقعات باستمرار ضعف أداء الأسهم لعام آخر، لكن معدلات النمو في القطاعات جاء أعلى من توقعاتنا، حيث نمت قطاعات التصنيع 15%، وقطاع التشييد 11,6% وقطاع النقل والاتصالات 10,1%، وتعتبر معدلات النمو هذه مرتفعة جداً مقارنة بالأعوام الماضية وغير متسقة مع البيانات الشهرية مثل حجم صادرات البتروكيماويات ومبيعات الأسمنت.
وجاء النمو في القطاعات الأخرى وفقاً للتوقعات، حيث نما قطاع التجزئة بنحو 6,4% وقطاع الكهرباء والماء والغاز بنحو 4,2% وقطاع الخدمات المالية بنحو 2,7%.
وارتفع الناتج الإجمالي الاسمي بواقع 28% عام 2011 وهو أعلى معدل له منذ 1980، بسبب ارتفاع إيرادات النفط بدرجة كبيرة مقارنة بمستواها عام 2010 نتيجة لارتفاع الأسعار وزيادة حجم الإنتاج. وبلغ الناتج الإجمالي الاسمي 2,163 مليار ريال ما جعل حجم الاقتصاد يسجل أكبر مستوى له على الإطلاق، وحسب تقديرات صندوق النقد الدولي فإن هذا النمو الاقتصادي يجعل المملكة تحتل المرتبة 21 في ترتيب دول العالم بين السويد وبولندا.تم تقدير معدل التضخم عند مستوى 4,9% مقارنة بمعدل 5,3% في عام 2010، هناك نزعة إلى تقديم بيانات عن التضخم في خطاب الميزانية تختلف عن تلك التي تعلنها مصلحة الإحصاءات العامة على أساس شهري، لكن بيانات عام 2011 جاءت أقرب، وحسب مصلحة الإحصاءات العامة بلغ متوسط التضخم خلال الأحد عشر شهراً الأولى من العام 4,9%، ويعود التراجع الطفيف لمعدل التضخم في عام 2011 إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية والإيجارات، وقد أدى الارتفاع الهائل في الإنفاق الاستهلاكي الناجم عن مكافأة راتب الشهرين التي منحت إلى موظفي القطاع العام إلى زيادة التضخم، لكن إذا نظرنا إلى امتداد الإنفاق نجد أن ارتفاع التضخم في بعض الفئات مثل التعليم والترفيه والنقل والاتصالات كان ضعيفاً بدرجة واضحة.
فائض الحساب الجاري
سجل فائض الحساب الجاري مستوى قياسياً جديداً حيث بلغ 598 مليار ريال مرتفعاً عن 250 مليار ريال وهو المستوى الذي كان عليه عام 2010، ورغم عدم توفر تفاصيل كافية عن الحساب الجاري إلا أنه يتضح أن الزيادة كانت نتيجة لارتفاع إيرادات النفط التي أدت إلى زيادة الإيرادات إلى 1,134 مليار ريال، ما يعادل 88% من إجمالي إيرادات الصادرات.
وارتفعت الصادرات غير النفطية بنسبة 14% وهو معدل بطيء في ظل ارتفاع أسعار البتروكيماويات خلال العام، بينما ارتفعت الواردات بنحو 2% فقط، وهو معدل يتسق مع البيانات الشهرية للتجارة الخارجية.
وتشير بيانات العشرة أشهر الأولى من عام 2011 إلى أن الواردات من المعدات والمواد الخام فاقت بدرجة كبيرة مستواها عام 2010؛ والمعدات الوحيدة التي سجلت وارداتها تراجعاً من بين تلك المعدات التي تم نشر تفاصيل بشأنها هي معدات النقل، ولم يتم نشر بيانات أخرى عن الحساب الجاري.
الملامح المستقبلية
المتوقع أن يتواصل انتعاش الاقتصاد السعودي لسنة أخرى عام 2012، لكن النمو سيتباطأ بسبب انخفاض حجم إنتاج النفط، كما سيتعزز نمو القطاع غير النفطي نتيجة لزيادة التوسع في تنفيذ المشاريع الاستثمارية الحكومية وخاصة في قطاع المساكن، وستبقى القروض المصرفية داعمة للنمو وسيتراجع الأثر السلبي للاضطرابات التي تشهدها المنطقة، وسوف يتراجع معدل التضخم قليلاً بسبب انحسار ضغوط الإنفاق المحلي وتقلص الضغوط الخارجية، وانخفاض أسعار النفط نتيجة لتباطؤ نمو الطلب بسبب ضعف الاقتصاد العالمي من جهة، وزيادة العرض بسبب زيادة الإنتاج من ليبيا والعراق من جهة أخرى، وربما يتراجع معدل نمو الاقتصاد السعودي إلى 2,7% عام 2012 بسبب انخفاض حجم إنتاج النفط مقابل انتعاش النمو في القطاعات غير النفطية. وسيظل الإنفاق الحكومي الكبير يعمل بمثابة المحرك للاقتصاد غير النفطي مدعوماً بالقروض المصرفية الكبيرة، وسيكون قطاعا المرافق العامة والبناء والتشييد المستفيدين الرئيسيين من الإنفاق الحكومي الضخم، مما يجعلهما أسرع القطاعات نمواً في الاقتصاد.وقد ينخفض معدل التضخم خلال عام 2012 إلى 4,4% في المتوسط بفضل تراجع الضغوط التضخمية من الخارج، وربما سيكون هناك بعض الضغوط التضخمية المحلية نتيجة لارتفاع مستويات الإنفاق الحكومي والاستهلاكي على حد سواء، كما يتعين أن ينخفض تضخم الإيجارات مع دخول المزيد من العقارات إلى السوق، حيث إن ارتفاع الإيجارات خلال الشهور الماضية كان نتيجة لزيادة مؤقتة في مداخيل المستهلكين، ما يعني أن الانخفاض لن يكون كبيراً، ولا يتوقع التقرير أي تغيرات فيما يتعلق بسياسة ربط سعر صرف الريال بالدولار، وسيؤدي انخفاض إيرادات النفط إلى تراجع طفيف في فائض الحساب الجاري لكنه سيظل ضخماً وسيعادل أكثر من 15 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
رغم أن صورة الاقتصاد ستتحسن عام 2012 لكنه سيكون العام الرابع على التوالي الذي يعتمد فيه النمو الاقتصادي على الإنفاق الحكومي بدرجة كبيرة، ومع أن الحكومة تستطيع تحمل ذلك الإنفاق، إلا أن النمو الاقتصادي الذي يأتي نتيجة لذلك لن يكون مثيراً للإعجاب، أما المخاطر التي قد تقوض من تقديراتنا فتتركز حول الأوضاع في منطقة اليورو، لأن أي تفكيك للعملة الموحدة للإقليم بطريقة غير منظمة ستترتب عليه تداعيات خطيرة لن تكون المملكة بمنأى عنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.