قبل أن تفارق الحياة ,وقبل أن تخبرني بِسرها قلت لها: "أكتبي غضبك في قلبي وأدفنيه" نظَرت بعفوية كعادتها وقالت: ولكن أخشى أن ينشف حبر القلم إن كتبت , وأخشى أن أجرح نبضات قلبك إن نطقت!... قلت في نفسي.."تباً لقد أقفلت السبل في حديثها" وقالت لي مستلهمة: لا تستطيعين تحمَل ما سأقولة , وأخذت تنهبدةٌ من جوفها وبانت دمعة أبت أن تخرج من محجرها الطاهر! كانت ذات شفافية معي إلا هذه المره ..أبت أن تتحدث وماتت ومات حزنها ومات قلبي على حزنها! كانت تحلم بوظيفة محترمة بعد تخرجها من الجامعة وحصل لها ماكانت تحلم به ولكن كانت هذه الوظيفة على بند الأجور أو مايسمى بنظام "العقد" يبعد عن مقر إقامتها ثلاثُ ساعات.. ولكن ما أن باشرت مهام عملها الجديد.. ماتت بحادث طريق وعلى نعشها نامت النوم المؤبد وفوق الأكتاف حُملت ودفنت في مقبرة العائلة وكتبوا على قبرها..قولوا السلام وأدعوا لها بالمغفرة... ماتت في أول يوم من تحقيق أحلام الطفولة! حينما قبضت على عقد وفاتها! ولِدت في يومٍ ممطر ,وعاشت مايقارب العقدين من الزمن وكانت المصادفة القدرية أنها ماتت في يومٍ ممطر! في بلدة ممطرة ,وقبرها مبلول دائماً بقطرات المطر فنبتت شجيرات على أطراف قبرها,, وكأنها في حياتها ومماتها مرتبطة بسحابة مطر! أبت ألا تفارقها حتى في قبرها! ما أقسانا حينما ننتقم منهم,ونجعل الأمور في حالة ولادة متعسرة,نتألم ويتألمون وكأننا سندخل الجنة بعد هذه القسوة التي تصل إلى الموت المشاعري! ونحنُ لا ندري هل سنصل إلى التسوية أم نستخدم القصف العاطفي لأننا فشلنا كعادتنا في الهدنة التي منحناها لأنفسنا ولهم ,وكانت النتيجة خسارة الإنسانية لكيلا الطرفين ! والموت لإحداهما فقول ليس كما الفعل ,والكتابة ليست كما القراءة والصراخ ليس كما البكاء, والحب ليس كما الكره وأنا في الصباح لستُ كما انت في الصباح كلها أمور تتماشى في قالب درامي واحد وقد ننتج أو لا ننتج المهم هو أن نعرف الإختلاف بين مانسعى إليه مثلما نرى الفرق بين الحياة و الموت.. ماتت .. فهل ولدت مثلها أخرى؟! بقلم/صباح الأسمري كاتبة ومحررة صحفية في صحيفة نجران نيوز..