تلقت القاعدة بمقتل زعيمها ضربة قاسية قد تمهد لنهاية التنظيم على المدى المتوسط، برأي الإعلامي خالد الحروب، فيما يرى خبير شؤون الجماعات الإسلامية محمد ظريف أن مقتل ابن لادن لن يؤثر على خطط التنظيمات المرتبطة بالقاعدة. طارق أنكاي في استطلاع لآراء الخبراء. خلَّف الإعلان عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن شعورا بالارتياح في العديد من العواصمالغربية والعربية وقد شهدت الولاياتالمتحدة احتفالات شعبية بهذا الحدث. كما اعتبر مقتله في عملية نفذتها وحدة من القوات الخاصة الأمريكية في باكستان، خطوة مهمة في إطار الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب وتفكيك خلاياه.
وبموت بن لادن يُسدل الستار على عشر سنوات من مطاردة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الدولية وعلى رأسها الأمريكية لمن اعتبر الرأس المدبر لهجمات الحادي عشر سبتمبر/أيلول 2001 الانتحارية وغيرها من الهجمات على المصالح الأمريكيةوالغربية. لكن رحيل زعيم أخطر تنظيم إرهابي في العالم يطرح أيضا تساؤلات حول مصير التنظيم والجماعات التي تدور في فلكه، وما إذا كان ذلك سيساهم في تراجع التهديدات الإرهابية التي وضعت أجهزة الأمن في كل دول العالم في استنفار دائم.
القاعدة ما بعد ابن لادن
"مقتل ابن لادن يعد ضربة قاصمة للقاعدة وبداية نهاية التنظيم"
تأمل عدد من الدول أن يشكل قتل بن لادن بداية نهاية انهيار وتفكك تنظيم القاعدة. وفي حوار مع دويتشه فيله وصف خالد الحروب، الإعلامي والباحث في جامعة كامبريدج البريطانية، أن مقتل بن لادن في العملية الأميركية التي أحيطت بسرية تامة لضمان نجاحها، يعد "ضربة قاصمة للقاعدة وبداية نهاية التنظيم". في حين اعتبر محمد ظريف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة المحمدية بالمغرب، في حوار مع دويتشه فيله أن الإعلان عن مقتل أسامة بن لادن ليست له في الوقت الحالي قيمة إستراتيجية بقدر ما يشكل مكسبا سياسيا للرئيس الأمريكي باراك أوباما، مستبعدا أن يكون له تأثير على مسار تنظيم القاعدة والتنظيمات المرتبطة به. ويعزو الخبير المغربي في شؤون الجماعات الإسلامية ذلك إلى أن بن لادن عُزل عمليا منذ مدة طويلة عن أتباعه وأصبح رمزا، مشيرا في هذا السياق إلى أن التنظيمات التي ارتبطت لاحقا بالقاعدة كان ارتباطها روحيا وإيديولوجيا ولم يكن ارتباطا تنظيميا.
وفيما يتعلق بمنطقة المغرب العربي، لم يستبعد الخبير المغربي أن يواصل تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" المخطط الذي حدده منذ البداية وهو توسيع مجال نفوذه في منطقة شمال إفريقيا رغم مقتل بن لادن. ومن جانبه يرى خالد الحروب أن الدول العربية لن تكون لوحدها هدفا للقاعدة وقال: "تنظيم القاعدة ليس له هدف واضح ومحدد وليس له برنامج سياسي وبرنامج استراتيجي تجمع عليه كل التنظيمات". مشيرا في هذا السياق إلى أن ذلك جعل من بن لادن "الرمز الجامع" وأن غياب زعيم القاعدة سيُحدث "ارتباكا في هدف وأجندة التنظيم".
مخاوف من عمليات إرهابية ثأرية
وقد امتزجت مشاعر الفرحة والترحيب في عدد من الدول بالعملية بأجواء استنفار أمني تحسبا لقيام جماعات جهادية مرتبطة بتنظيم القاعدة بعمليات إرهابية ثأرية. وحول قدرة هذه الشبكات الفعلية على القيام بعمليات انتقامية، يرى محمد ظريف أن مقتل أسامة بن لادن "سيشكل حافزا للعديد من التنظيمات الجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة"، مضيفا: "ربما تسعى (التنظيمات المرتبطة بالقاعدة) لتنظيم بعض الأعمال النوعية لاستهداف المصالح الغربية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص". وبدوره لم يستبعد خالد الحروب أن يشهد العالم، في المدى القصير، عمليات ثأرية تنفذها القاعدة انتقاما لمقتل زعيمها. كما يرى الحروب أن عددا من التنظيمات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة سوف تكون حريصة على أن تثبت أن موت بن لادن لا يعني نهايتها.
مقتل ابن لادن والربيع العربي
وحول ما إذا كان مقتل بن لادن سيجرد الأنظمة العربية التي تشهد ثورات شعبية من فزاعة القاعدة، لفت محمد ظريف إلى أن الثورتين التونسية والمصرية جردتا بالفعل تنظيم القاعدة من ادعاءاته من كون التغيير في العالم العربي لا يمكن أن يتم إلى عن طريق العنف. ومن جانبه يرى خالد الحروب أن "الدول العربية في الطريق لنزع الفزاعة التي دائما استخدمتها الأنظمة العربية الديكتاتورية والمستبدة لقمع شعوبها وحرمانها من الحرية والكرامة". وأضاف في هذا السياق: " نحن في الطريق إلى الانتهاء من هذه الفزاعة إلى الأبد".