أعلنت وسائل الإعلام الرسمية للنظام السوري منذ قليل، وفاة اللواء محمد ناصيف خير بك، المعروف ب"أبو وائل". وكان آخر المناصب التي تقلدها منصب مساعد نائب رئيس الجمهورية، حيث سبق وأصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد مرسوما يقضي باستحداث منصب "معاون نائب رئيس الجمهورية" بمرتبة وزير، فكان من نصيب رجل الاستخبارات الأشهر على مدار أكثر من 3 عقود. ويعد أبو وائل واحداً من أشهر رجال الاستخبارات في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، حيث أوكلت إليه ملفات العلاقات مع "حزب الله" والثورة الإيرانية، ثم النظام الإيراني بعد الثورة. وتشير بعض المصادر الإعلامية اللبنانية إلى أنه كان موكلا بملف "شيعة لبنان". وعمل رئيسا للفرع الداخلي المعروف بالفرع 251 التابع لأمن الدولة الذي خلفه فيه اللواء بهجت سليمان، السفير السوري المبعد من الأردن، في الفترة الأخيرة، ثم عمل نائبا لمدير المخابرات العامة حتى عام 2005. وعرف عنه "الكتمان" الشديد والصلاحيات المفتوحة والاتصال بالأسد الأب "في أي وقت"، ويوصف بأنه ثالثة الأسافي التي تأسس عليها النظام الأمني في سوريا، بعد علي دوبا رئيس الاستخبارات العسكرية، ومحمد الخولي رئيس المخابرات الجوية. وتؤكد مصادر أن ما يعرف بالنظام الأمني السوري، الذي كان محمد ناصيف أحد أبرز مؤسسيه، وهو المتسبب المباشر في كل مشاكل الدولة السورية واضطراب علاقتها مع العالم الخارجي، إقليميا وعربيا ودوليا، حيث عمل هذا النظام الأمني عبر نظام سيطرة لقب ب"الحديدي"، وساهم بتخريب الحياة السياسية السورية، والقضاء على التنوع السياسي في البلد، عبر قمع كل حركة معارضة أو احتجاج على النظام بأقسى الأساليب وأكثرها فتكا. ويعرف كل المطلعين على الشأن السوري أن صورة "النظام المرعبة" وفرضها في كتب المدارس وعلى جدران البيوت وكلمات الأغاني وغيرها، قد تأسست على يد ناصيف ورفيقيه دوبا والخولي اللذين كان اسم الواحد منهما في الثمانينيات، كافيا لزرع "الخوف والرعب" في شخصية المواطن السوري، لما كانت تقوم به المؤسسات الأمنية من "رعب منهجي" لايزال يذكره السوريون بمختلف أجيالهم في فترة تجمع كل المصادر، أنها أسوأ وأعنف فترات البلد، وإليها يعزى تاريخيا بداية انفصال العلاقة بين المواطن السوري ومجتمعه ودولته، وهي الفترة التي برزت فيها ملامح الشخصية المعارضة السورية الجديدة ضد نظام الأسد، لأنها شكلت فترة "الرعب الأيديولوجي والاجتماعي والعائلي والوطني"، كما تقول مصادر المعارضة السورية، وكما يردد الشارع السوري بمختلف أطيافه.