مثل امس، رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط شاهداً أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال الرئيس السابق رفيق الحريري، فتطرق إلى علاقته بالنظام السوري والرئيس حافظ الاسد منذ لحظة ترؤسه الحزب «التقدمي الاشتراكي» غداة اغتيال والده كمال جنبلاط عام 1977، وصولاً إلى لحظة الاختلاف مع بشار الأسد عام 2005. وعرض ظروف التوصل إلى اتفاق الطائف وعلاقته بالحريري وعلاقتهما معاً بهذا النظام، معدداً أسماء قادة سوريين تمّت تصفيتهم لتورّطهم بعملية الاغتيال بينهم رستم غزالة، الذي قال جنبلاط إنه «لو مثل أمام المحكمة لكان قدّم أدلة حول الجريمة». وأشار جنبلاط في مستهل شهادته من لاهاي، إلى أنه بدأ عمله صحافياً في صحيفة «النهار» وبعد مقتل والده عام 1977 انتخب بعد 6 أسابيع في 1 أيار (مايو) رئيساً للحزب «التقدمي». وأوضح أنه عندما أسس والده الحزب عام 1949، «كان يطمح لأن يغير النظام السياسي الطائفياللبناني لكن ظروف الطائفية في لبنان كانت أقوى»، وقال: «لم أستطع تحقيق حلم كمال جنبلاط وحزبنا تقلص إلى مساحة ضيقة درزية بسبب الظروف، وبكل تواضع أمثل قسماً مقبولاً من الطائفة الدرزية، وبعد مقتل الحريري توسعت الشعبية التي تؤيد مواقفي». وأشار إلى أن «الطائفة الدرزية تمثل بحسب الإحصاء الرسمي 6 في المئة من السكان ولدينا امتداد في الخارج». وقال: «علاقتي مع النظام السوري بدأت عام 1977 بعد أربعين اغتيال كمال جنبلاط على يد النظام السوري وأمام الخطر المحدق بلبنان والذي كان يتعرض إلى مؤامرة كان لا بد لي أن أذهب إلى دمشق في حزيران (يونيو) وأوقع اتفاقاً سياسياً مع من اغتالوا والدي»، لافتاً إلى أنه «قبل اتفاق الطائف كنت في الصف السياسي الواحد مع النظام السوري لتجنيب لبنان الخطر الإسرائيلي لأن لبنان كان يتعرض إلى مؤامرة داخلية واحتلال وغزوات إسرائيلية». وأضاف: «المرحوم القاضي حسن قواس قام بالتحقيق بمقتل كمال جنبلاط واستكمل غالبية التحقيق ولدي نسخة عنه في المختارة وتفاصيل السيارة التي لحقت به وكيف نزلوا وكيف قتلوه على مشارف قرية بعقلين وكيف توجهت السيارة إلى مركز المخابرات السورية في سن الفيل التي كان يرأسها العقيد إبراهيم حويجي التابع للمخابرات الجوية في النظام السوري التي كان يرأسها العميد الخولي. وهم كانوا الجبهة المكلفة بالاغتيالات، ولكن القضيّة حولت كسائر الجرائم السياسة الكبرى إلى المجلس العدلي، الذي لم يكن يستطيع أن يبت خلال الوصاية السورية على لبنان، وكان هناك خوف منها». وانتقل وكيل الادعاء القاضي غرايم كاميرون إلى الفترة التي تلت التوقيع على اتفاق الطائف وانتهاء الحرب الأهلية، وقال جنبلاط: «كنت أحد الحلفاء المركزيين للنظام السوري، لأن لبنان كان يتعرض إلى مؤامرة داخلية واحتلال وغزوات إسرائيلية، كنا سوية والنظام السوري في خندق سياسي واحد، لأننا كنا نريد تجنيب لبنان مخاطر، كانت هناك فئات لها مشروع، وكان هناك الخطر المركزي الإسرائيلي». مسؤولية مقتل كمال جنبلاط وسأل القاضي الرديف وليد عاكوم عن قول جنبلاط بمسؤولية السوريين عن مقتل والده، فأجاب: «والدي اعترض على دخول السوري إلى لبنان. وعام 76 وقبل أن يدخلوا رسمياً إلى لبنان قابل حافظ (الأسد) وقال له لن أدخل في سجنك الكبير، السجن العربي الكبير، لم يكن كمال على دراية بالمشروع العربي والأميركي بتفويض السوري إضعاف اليسار اللبناني وقتل كمال وتحجيم منظمة التحرير الفلسطينية وياسر عرفات. كان يعلم أنه سيقتل وأتته معلومات عدة وفي آخر سفرة له إلى الغرب عاد منها إلى القاهرة وقابله السادات وقال له يا أخ كمال ابق هنا أنت متعب، لكنه بادله بالقول: سأعود وأموت مع جماعتي في لبنان». وأشار إلى أنه «عندما قابلت حافظ الأسد قال لي: كم تشبه والدك. وكان معي وفد كبير، استغربت أن هذا مَن أمر بقتل شخصية مرموقة، ونظرت إليه، ثم استعرض أسماء لشخصيات واستهزأ بالعميد ريمون إده، وقاطعته، وكان ما من أحد يسترجي (يتجرأ) أن يقاطعه، وقلت له إن إده شخصية مرموقة وآدمية». وروى جنبلاط كيف عمل مع الحريري والرئيس السابق الياس الهراوي بالتعاون مع أصدقائه في سورية، كعبدالحليم خدام وحكمت الشهابي رئيس أركان الجيش لتأخير وصول إميل لحود إلى الرئاسة، والذي «كان الممثل الأقوى للنظام السوري». وعن علاقته بسورية بعد عام 91 وتوقيع «الطائف»، اعتبر أن «الحريري، وكان رئيس وزراء، ورئيس الجمهورية إلياس الهراوي، حتى بصفتيهما، لم يكن لهما أي تأثير على الجيش اللبناني، وكنا نحاول معهما إيجاد فرصة لبنانية للحكم، لكن نظام المخابرات المشترك اللبناني– السوري لم يسمح بذلك»، موضحاً أن «الجيش اللبناني كان يعمل بإمرة سورية بإشراف إميل لحود طبعاً، وعندما ذكرت أننا أخرنا مجيء لحود للرئاسة فلسبب بسيط، لأننا لم نكن نريد أن يأتي شخص ولاؤه مطلق للنظام السوري. كانت القبضة السورية موجودة في كل المفاصل الإدارية والعسكرية». وسئل: «كيف عرفت أن لحود بصفته رئيساً للجمهورية مقرب من سورية إلى هذه الدرجة»، قال: «كان الهراوي والحريري يعانيان، لم يكن لهما أي كلمة حول الأمور الأمنية أو العسكرية»، ورأى أن كلمة «الوصاية السورية مغلوطة لأنها في تلك الفترة كانت تسمى بالاحتلال السوري». ولفت جنبلاط إلى أن «لحود كان يأتمر بالنظام السوري، وكان يأمر الأجهزة الأمنية وفق ما تمليه عليه الأجهزة السورية، وكان حافظ الأسد ولاحقاً بشار صديقيه، وكثر من اللبنانيين شعروا أن القبضة الأمنية للنظام السوري كانت تزداد على البلاد». وقال: «نجحنا أنا والحريري والهراوي بتأخير مجيء لحود 3 سنوات، كما أن خدام وحكمت شهابي كانا متواطئين معنا»، مشيراً إلى أنه «لا بد من علاقات سياسية مع سورية، ولكن لم نكن نرغب في أن نكون ملحقاً لسورية. وبالنسبة إلى حزب البعث وعقيدته، فنحن نسمى «قطراً»، أي ليس لنا وجود بالمعنى السياسي، لذا واجهنا عقيدة سياسية متينة لا تعترف بالغير». واعتبر أنه «عندما يقرر رئيس النظام السوري بأمر عمليات معين، فالموضوع ليس للنقاش بل هكذا يريد الرئيس». وقال: «ليس هناك أوامر خطية لكن هناك الجهاز الأمني المشترك، يقولون نريد لحود ثم تستدعى الشخصيات اللبنانية إلى مراكز وفق مستوى الشخصيات، في فندق بوريفاج حيث رستم غزالة، وعنجر حيث غازي كنعان، ويقولون لهم نريد لحود وقلائل يجرؤون على الرفض». وأوضح: «في لبنان آنذاك تسمع الإرادة الإلهية من الناس وتعلم أن في النهاية أتى أمر عمليات. كان أحد شعارات حافظ الأسد في الشرق «ما من رئيس يموت والأسد باق إلى الأبد». وقال: «كنت أسمع حكمت (الشهابي) يتذمر من لحود، الذي كان قائداً للجيش، كنت أستغرب». تلاقي مصالح الاسد - لحود وقال: «كنت أسمع حكمت (الشهابي) يتذمر من لحود، الذي كان قائداً للجيش، وكنت أستغرب». وأضاف: «كانت هناك أقنية مختلفة تصب عند لحود غير القنوات السورية، لذلك بعد مقتل باسل الأسد بدأ صعود نجم بشار، وكانت لديه طرق خاصة في التعاطي مع لحود»، معتبراً أن «تلاقي المصالح بين بشار الأسد وإميل لحود أدى إلى اغتيال الرئيس رفيق الحريري». وأشار إلى أن «وفق معلوماتي المتواضعة كانت هناك مركزية قرار في سورية وأجنحة معينة، وكان بشار يستند إلى الأجنحة، مثل محمد ناصيف الذي يلقب أبو وائل، وغيره. قال لي حكمت عن لحود: هذا الشخص غير موثوق به، وتفاجأت بأن ضابطاً مرموقاً في سورية تصطدم أوامره بحواجز داخل النظام في تركيبة عائلة الأسد». وجدد التأكيد: «أخذنا قراراً جريئاً، وقلنا «لا» لسورية من خلال لحود، وبدأت العلاقة مع سورية بالتحوّل عام 98». وتحدث عن لقاءين جمعاه مع بشار الأسد قبل أن يصبح رئيساً، وقال: «دعاني إلى الغداء مسؤول المخابرات في لبنان اللواء غازي كنعان وكان يريدني أن أتعرف إلى بشار قبل وفاة حافظ. ذهبت إلى عنجر وتناولنا الغداء، وكان حديثاً عاماً، وسألني كمستشرق أين يقطن الدروز. أسئلة سخيفة، وأجبت بتهذيب، وبعد مغادرته الغداء قال لي كنعان: أريدك أن تعلم من هم بيت الأسد. لم أعلق أهمية على هذه الكلمة»، لافتاً إلى أن اللقاء كان -وفق ما يتذكر- عام 99. واستطرد: «تذكرت هذه الكلمة أواخر 2005، عندما أُجبر غازي كنعان على الانتحار». وقال: «في المرة الثانية ذهبت أنا وغازي العريضي واستقبلنا في مكتب في جبل قاسيون الذي يطل على دمشق. لم يكن اللقاء مريحاً، بل أسئلة مُحكمة حول الحريري ودوره. وكان يتبيَّن العداء للحريري من أسئلته: لماذا سوليدير؟ وما هو مشروع الحريري؟». وقال: «أذكر نبرته الاستعلائية تجاه الحريري، وأحياناً تعرف الشخص بلمحة بصر، وفهمت أننا أمام عقبة كبيرة في لبنان عندما سيحكم سورية. هذا كان انطباعي الشخصي». وأضاف: «كنا نحضّر أنفسنا من خلال الاجتماعين للرجل الجديد الذي سيأتي وكيف سنتعاطى معه». وأعلن أنه في «العام 2000 كانت الخطوة الثانية للتصعيد ضد النظام السوري». وقال النائب جنبلاط: «بعد التحرير عام 2000، ظهرت علينا حجة مزارع شبعا على رغم وقوعها تحت وصاية سورية»، وقال: «التقيت الرئيس الأسد بعد 11 أيلول 2001 وغازي كنعان رتب هذا اللقاء، وكان الشرخ ابتدأ بيننا»، كاشفا عن أن «النواب الذين يؤيدون سورية نعتوني عام 2000 بالعميل الإسرائيلي. والتقيت الرئيس أمين الجميل وكان همي وجهدي أن تتوسع الجبهة الوطنية من أجل المطالبة بالانسحاب السوري من لبنان». وقال: «الشهابي وخدام كانا يعتبران رفيق الحريري شخصية عربية بارزة، لكن شخصية سنية كالحريري كانت تخيف النظام السوري». وكشف عن أن حكمت الشهابي حذره مرات عدة من خطر النظام السوري، لافتاً إلى أن علاقته «مع غزالة لم تكن ودية، وكنعان كان قاسياً لكنه صادق». وأشار إلى أن علاقة «الحريري بحافظ الأسد كانت وطيدة جداً، لكنها تغيرت جذرياً بعد وصول بشار الأسد. وكانت بداية التوتر مع تعيين لحود رئيساً للجمهورية، الذي كان يعلم جيداً أنه مدعوم من سورية ليقوم بما يريد، كما حصل في وزارة المال مع الرئيس فؤاد السنيورة، حيث عمد لحود إلى إرسال دورية لتهين السنيورة في الوزارة بغطاء من سورية بسبب تعديل رواتب العسكريين». وقال: «مرت علي كسياسي، كؤوس مرة كثيرة في حياتي، الأول عندما صافحت الذي قتل والدي واستمررت في العلاقة معه، نتيجة انتمائي العربي والظرف السياسي. في الحياة لا تملك خياراً إلا القناعة السياسية، لم أعتقد أنها ستكون طوال 25 عاماً». وقال: «في الحلقة الضيقة إما نزور حكمت أو نذهب عند محمد ناصيف، وكانت لقاءات طويلة عند ناصيف، وكان الشهابي يصف ناصيف بأنه المطبخ المسمم، وهذا حكم تجاه ناصيف، لأنه كان يعلم تركيبة النظام السياسية والأمنية والمذهبية، كان في مكان ما معادياً للحريري وكنا نأكل أكلاً شامياً لكن في السياسة مسمم». وزاد: «كان السوريون يرون في الحريري، في الأحاديث الجدية وغيرها، الشخصية العربية واللبنانية القوية والرجل السني القوي والدولي ويريد بناء لبنان مستقل ومزدهر، لكن الشق المذهبي يلعب دوراً كبيراً في سورية، لأن شخصية كبيرة مهمة كالحريري كانت تخيف النظام السوري». التقارير التجسسية وأشار إلى أن «النظام السوري مركب، أو مبني على التقارير، أجهزة يتجسس بعضها على بعض، وترفع التقارير إلى الجهات المسؤولة. كنا في لبنان عرضة للتقارير، وكان حكمت يكنّ لي دائماً مودة شخصية، قال لي إنه مشرف على التقارير التي تأتي بحقي، آنذاك كان اللواء علي دوبا وكان حكمت يخفف من ضرر التقارير الصادرة في لبنان». ورداً على سؤال القاضية الرديفة ميشلين بريدي عن توالي قتل أو وفاة المسؤولين السوريين كافة الذين تحكموا بلبنان، قال: «كل الذين بشكل أو بآخر عملوا أو شاركوا في عملية اغتيال الحريري صُفُّوا، فكنعان أجبر على الانتحار ولا أعتقد أنه شارك في الاغتيال، لا أعرف، كان شخصية مرموقة وقوية. آصف شوكت الصهر عندما قتل الحريري رقّي في النهار نفسه إلى رتبة عماد وتسلم المخابرات العسكرية، وكان لا بد من تصفيته، لأن الحركة بين الآمر والأمير يجب أن تزول، أما جامع جامع فأتى دوره، وبالأمس القريب صفي غزالة والذين كان يمكن أن يكونوا شهوداً». واعتبر راي أن «ما قاله جنبلاط ليس دليلاً بشأن اغتيال الحريري بل تعبير عن رأي شخصي، والمحكمة لن تراعي ما قاله إلا إذا أعطى إثباتات». ولفت جنبلاط إلى أنه «لو استدعي غزالة إلى لاهاي قبل مقتله لقدم أدلة حول تركيبة اغتيال الحريري». وعرض الادعاء شريطا أمّنه وسام الحسن، وهو عبارة عن حديث جرى بين غزالة والحريري. وتعرف جنبلاط إلى الصوتين في الشريط وقال: «كان صوت الحريري وهو يرحب بغزالة والآخر يجيب». وسُمع مقتطف من النقاش بينهما، وكان غزالة يقول للحريري: «نبيه (بري رئيس البرلمان) ذاهب بعد الظهر إلى دمشق (في 23 آب/ أغسطس)». وعلق جنبلاط قائلاً: «لا أذكر إذا ذهب». وعن دور بري في تعديل مادة في الدستور، قال: «لا نستطيع تعديل مادة من دون مواقفة رئيس البرلمان، الذي عليه الدعوة إلى دورة، كما فهمت من الحديث أن غزالة يلمّح بما معناه حضّر حالك لحلول استثنائية وحضّر حالك لتعديل الدستور، والحريري أجاب على طريقته بأن التمديد يتطلب ثلثي مجلس النواب، وحاول القول إن الأمر معقد أكثر مما تتصور، وإذا أردتُ ترجمته كان يقول لرستم لن أعدل الدستور ولن أمدد... هذا انطباعي». وأَضاف: «إما ترسل الحكومة قانون للتعديل، مثلاً تمديد المهلة للحود، وإما 10 نواب يوقعون على عريضة ويصوت عليها إما سلباً أو إيجاباً، يتطلب من رئيس البرلمان أن يدعو إلى عقد جلسة، ومن دون رئيس المجلس لا تستطيع فعل شيء، ونتحدث عن جلسة استثنائية لتعديل الدستور للتمديد للحود». وأضاف: «حدد لبري موعد يبدو أنه ذهب وكان مطلبه تحديد موعد لعقد جلسة لمناقشة الموضوع. كلام الحريري واضح لرستم، بما معناه أنه مش طالع على بالي قيس المسافة بين بيروت والشام، لم يعط رأيه كما أعطيت رأيي لغزالة برفض التمديد». وقال: «بعد لقائي غزالة في 26 آب عام 2004 استخلصت عداء الأسد لي وللحريري». قال الاسد للحريري وعن تفاصل لقاء الحريري- الأسد في كانون الأول عام 2003، لفت إلى أن «الحريري أخبرنا عن هذا الاجتماع وكيف تم، إذ كان الأسد موجوداً وإلى جانبه كنعان وغزالة ومحمد خلوف الذي كان أحد ضباط الأمن وقال له الأسد أنا من يحكم هنا وليس غيري وطلب منه بيع أسهمه التي كان يمتلكها الحريري في «النهار». وعن تصرفه عندما عاد من دمشق، قال: «بدا لي قلقاً. أعتقد أن اللقاء كان من المؤشرات التي أدت إلى تغيير موقفه والشك بنوايا بشار تجاهه. والحريري لم يكن متفائلاً بوصول بشار». وروى جنبلاط كيف اتصل الحريري العائد من دمشق: «وقال لي سآتي لأزورك وحوالى ال12 وصل برفقة (باسم) السبع وكنت موجوداً مع (غازي) العريضي ومروان حمادة في الحديقة الخارجية وكان شكله مكفهراً وغاضباً وحزيناً، وروى لنا ما جرى بينه والأسد. ونقل عن الأسد قوله أنا لحود ولحود أنا، وإذا جاك شيراك (الرئيس الفرنسي) يريد إخراجي من لبنان فسأكسّر لبنان، وجنبلاط كما هو له جماعة من الدروز أيضاً أنا لي جماعة من الدروز وفكرنا جلياً». وزاد: «استنتجت أن هذا كلام تهديد مباشر سياسي وجسدي للحريري ورأيته بحال كئيبة وغاضبة وقلت له أنت صديقي أنصحك وأعلم ماذا يستطيع أن يفعل النظام، اذهب ومدد للحود ولن أعترض بالسياسة وسأحميك، لن أصوت لكن من أجلك مدِّد. كنت أشعر بالخطر القائم وطلبت منه خلافاً لإرادته أن يمدد». وأضاف: «قال الحريري أن الاجتماع دام أقل من ربع ساعة ولم يسمح له بالجلوس. كان التهديد واضحاً، لكنه في جسلتنا ارتاح نسبياً ونصحته بأن يمدد تفادياً للخطر»، وأضاف: «عندما يقول الأسد أن لدي دروزاً يعني يستطيع أن يستخدم دروزاً في مواجهتي. ليست هناك مواجهة سياسية بمعزل عن مواجهة جسدية، هناك مواجهة جسدية، هكذا حصل مع الدي، قتلوه لذلك استذكرت والدي عندما كنت أتحدث مع الحريري من اجل الحرص عليه جسدياً. في مكان ما أتقي شرّهم». وقال: «بالنسبة إلي والى اللقاء الديموقراطي كانت مرحلة جددة في الحياة اللبنانية تفتح آفاقا كبيرة لتحالفات جديدة، فبعد التصويت على التمديد عقدنا عدة اجتماعات في كليمنصو ثم بريستول 1 و 2 وكنا مثل خلية النحل لنكون أوسع شريحة لمواجهة التمديد القسري للحود. والقرار 1559 ربط بموضوع التمديد لإخراج الجيش السوري من لبنان بتجريد الميليشيات من السلاح، والحريري اتهم لاحقاً بأنه شارك في القرار حتى ذهب بعضهم وقال إنه كتب في منزله في سردينيا مع حمادة وغسان سلامة ولم يكن ليصدر القرار لو لم يحصل التمديد للحود».