هما ضدان، وبضدها تتميز الأشياء، كما قالها الحكيم المتنبي الذي ينطق الحكمة شعراً، أو كما قيل في قصيدة اليتيمة المنسوبة لدوقلة المنبجي (ضدان لما استجمعا حَسُنا ،، والضد يُظهِرُ حسنه الضد)، والضدان هنا لهما نفس العلم والمهنة وتقارب في العقد والراتب والبدلات لكن المردود متعاكس متضاد بتباين شديد. كتبت كثيراً وسأكتب أكثر عن أطباء صرف عليهم الوطن وعلمهم وابتعتهم ووظفهم وأجزل لهم العطاء في الرواتب والبدلات وبدل المناوبات وجعل لهم أعلى بدل تفرغ ولم يتفرغوا، بل تركوا عياداتهم في وقت الدوام الرسمي ليذهبوا للعمل في عيادات غير نظامية في المستشفيات الخاصة بحثاً عن دخل إضافي غير نظامي، أدى فيه الجشع إلى تباين التشخيص عندما يكون الطبيب في عيادته الحكومية عنه عندما يكون في عيادة المستشفى الخاص، واستشهدت كتابياً وتلفزيونياً بأمثلة لتباين التشخيص وكمية الأدوية وتكلفة الأدوات التي يكتبها الطبيب الجشع في الخاص عنها في الحكومي مستشهداً بجراحة العمود الفقري وجراحة الركبة والتجميل والعيون. وكتبت كثيراً أيضاً وسأكتب أكثر عن أطباء سعوديين أصبحوا رواداً في مجالاتهم وتخصصاتهم وقبل ذلك في إخلاصهم وإنسانيتهم وتطوعهم، وذكرت أمثلة منهم في مقالاتي في صحيفة الجزيرة، ثم صحيفة "الرياض" ثم صحيفة عكاظ ثم صحيفة "الرياض" بعد العودة حالياً، وفي حوارات متلفزة كثيرة، ومنهم الأطباء محمد المعجل، وأسامة شبكشي، وعبدالله الكريدة (رحمهم الله)، ومحمد المفرح، ومحمد الفقيه، ومحمد السبيل، ومؤيد الزيبق، ومحمد قطان، وخالد بن علي الربيعان، وخالد بن محمد الجبير، وعبدالله الربيعة، وسعود الجدعان، وهاني نجم، وسعود التركي، وعبدالعزيز القناص، ومحمد الوهيبي، وأحمد الفريان، وعلي بن سلمه، ونوفل الجريان، وخالد الجهني، وعلي بن معيض الشهري، ورتبتهم زمنياً فقط مع حفظ الألقاب وقد أكون نسيت بعضهم وإن كانت إنجازاتهم لا تنسى. أما مناسبة المقال فهي تلك الخطوة الإنسانية الخيرية المتجردة من كل حب للمال ومن كل طمع في (الفلوس) التي خربت النفوس، التي قدمها لدينه ووطنه وتربيته الحسنة الطبيب عبدالعزيز بن صالح القناص استشاري الجراحة والرائد عالمياً في مجال جراحة القدم والكاحل، والمحاضر عالمياً في مؤتمرات العناية بالقدم السكري، ومحاولة تلافي بتر القدم قدر الإمكان باتباع سبل العناية والوقاية التي لا يمكن شرحها هنا، حيث أسس بعد تقاعده مركزاً خيرياً للعناية بالقدم السكري في مدينة الرياض، تكفل هو بجميع تكاليف تأسيسه وأجهزته ورواتب موظفيه، وتكفل أحد رجال الأعمال (الذي لم أستأذنه بذكر اسمه) بدفع إيجار مبنى المركز التخصصي لطب وجراحة القدم والكاحل، وفي هذا المركز الخيري يقدم الطبيب الخبير عبدالعزيز القناص عصارة علمه وخبرته خدمة لوطنه ومجتمعه في شكل عناية مجانية لقدم مرضى القدم السكري، عسى أن يتحقق على يديه سلامة القدم السكري من المضاعفات وعلاجها وفك كربة مريض يخشى أن تبتر قدمه أو ساقه. يقول د. القناص: "أتألم كثيراً حينما أرى أن مريضاً يعاني من مجرد بداية دخول ظفر إصبع القدم الكبير في اللحم ويطلب منه إجراء العملية بالتخدير العام ليدفع أكثر بينما هي عملية يمكن إجراؤها بتخدير موضعي بسيط وبدون تلك التكاليف العالية التي تستغل حاجته". هنا اكتفي بقول المتنبي: (وبضدها تتميز الأشياء) فشتان بين الاستشاري عبدالعزيز القناص وهو يرد جميل الوطن بعمل خيري مجاني، ومن يستغل تعليمه وتخرجه كطبيب ترك (الفلوس) تعبث في نفسه وذمته وقراراته في هذه المهنة الإنسانية.