حذاري بأن تكون قلم في يد غيرك، أو فرشاة ألوان يستخدمها الرسام، أو حتى أفعالك. لا تكن من صنيع الآخرين. فكر قبل أن تُقدم على ما تريد فعله، لكي لا تكون أداة (فتكبر في عين نفسك)، وتفعل ما يتفق مع ميولك ومهاراتك وقدراتك. إن الإنسان في هذه الحياة منفرد في كل شيء، لا يشبههُ أحد ولا يشبه أحد، فهو نسيج خاص ومذهب وطريقة في التفكير وأسلوب في الحديث. وكل ذلك بحسب تقلباته النفسية والذهنية وتوجهاته الذاتية. إن أيسر شيء على الفرد المقلد إلغاء شخصيته وتشبهه بمن يريد، وذلك أولا بالمصطفى أن يقلده أصحابه ولكنهم لم يفعلوا، فعندما استشارهم في أسرى بدر ذهب كل منهم إلى سجيته وأختلف أقرب الناس إليه (أبو بكر وعمر) فمنهم من قال نعفو عنهم ومنهم من قال نقتلهم. إن الاختلاف بين البشر صبغه خلقها الله منذ أن خلق الأرض. فلا يجوز أن نرى الخطأ ونقول عنه صواباً حتى لو كان رأي من رئيسنا في العمل أو قائدنا في الجيش فحينما أفتى الرسول بالنزول في موقع حربي غير ملائم فقال له الخباب بن المنذر:«يا رسول الله أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدَّم أو نتأخَّر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟. قال الرسول: بل هي الحرب والرأي والمكيدة. فقال الخباب: إن هذا ليس بالمنزل المناسب». وأفتى الخباب بموقع آخر أفضل فأخذ الرسول بفتواه. فيجب علينا أن نعالج الأمور بعقولنا وليس بغيرها. إن التركيبة النفسية والجسمانية والذهنية لدى كل فرد مليئة بالموارد والقوى المختلفة ولكن بسبب تفكيرنا الضيق الذي نصنعه لأنفسنا نخطأ في استغلال هذه الإمكانات. فلا يوجد في هذا الكون أحد يشبه الآخر، ولا الأخ يشبه أخاه، دع التقليد وأبدأ بالاستزادة في المهارات التي اكتسبتها من الطبيعة، أو حتى من الاكتساب بالتكرار. لابد للإنسان من أن يبحث عن ذاته وأن يفهمها ويطورها بما يناسبها من خلال الجد والاجتهاد والطموح والتحصيل في كافة المجالات المفيدة والبناءة بعيداً عن التقليد الأعمى. كل فرد منا له شخصيته المستقلة فلا تحرم من حولك بأن يروك كذلك انطلق على هيئتك وسجيتك (لا تغير صوتك ولاتبدل نبرتك ولا تخالف مشيتك هذب نفسك. ولكن لا تلغي وجودك وتقتل استقلالك). لا تكن كالغراب لا قلد الحمامة في مشيتها وضيع مشيته لذلك لن أقول لك لا تُعجب بأحد، ولكن لا تحاول تقليده أبداً فهو له نسيجه الخاص كما أن لك نسيجك الخاص. كن أنت ولا تكون هو. صالح آل سحيم