من الملاحظ أن المعاناة التي تحصل لبعض المدن والمحافظات من جراء هطول الأمطار الموسمية ناتجة عن تجمع وتدفق مياه السيول من مناطق خارج المدينة أو المحافظة حيث تجري في الوديان والشعاب وتتجمع أكثر وأكثر لتصبح في نهاية الأمر سيلا عرماً فإذا وصل إلى القرى والأرياف والمدن والمحافظات المأهولة بالسكان فإن السيل يكون في أوج قوته وقدرته على تدمير وإغراق من وما يقف في طريقه من إنسان وشجر وحجر ونحوها من الجمادات كالسيارات أو الممتلكات الأخرى ويتم التركيز عند حصول مثل هذه الكوارث على شبكة تصريف مياه السيول الموجودة في المدينة أو المحافظة المنكوبة ولكن مثل هذا الحديث ينسى أو يتناسى أن شبكات تصريف مياه الأمطار الخاصة بالمدن والمحافظات تكون مسؤولة عن تصريف مياه الأمطار والسيول البسيطة التي تهطل على المدينة أو المحافظة نفسها ولكن تلك الشبكة لا تستطيع استيعاب ومقاومة سيول متجمعة جارفة مليئة بالطمي والأحجار وبقايا الأشجار وغيرها مما يكون في طريقها ولذلك تتكرر هذه المأساة سنويا في مكان ما من بلادنا ويتكرر الحديث عن وجوب إكمال شبكة تصريف السيول في المدن والمحافظات ثم قد لا يصاحب تلك الأحاديث أفعال على الأرض وإنما ينتهي عند هذا الحد لتبدأ المناقشات من جديد عند وقوع مأساة جديدة وهكذا دواليك. ومن المؤسف أن مياه الأمطار التي تعد نعمة كبرى فيما لو تم وضع خطة لتخزينها والاستفادة منها في الري والسقيا في بلد يعاني من شح مصادر المياه ويعتمد في سقياه على محطات التحلية؛ لأن هذه الكميات الوفيرة من مياه الأمطار تقتحم حاليا كل شيء ثم تذهب هدراً إلى البحر! إن لدينا مصورات جوية لجميع الجبال والوديان والشعاب التي تتجمع فيها الأمطار في طريقها ولدى الأرصاد معلومات جيدة عن كميات الأمطار المتوقع هطولها وكمياتها الفعلية بعد النزول ولدينا أيضا جهات مسؤولة عن المياه وأخرى عن الزراعة مكلفة ببناء السدود الحافظة لهذه النعمة المهدرة، كل ذلك موجود ولكن السيول ما زالت تتجمع وتضرب المدن والمحافظات وتهلك الحرث والنسل فلا يكون لها علاج يحمي منها المناطق المأهولة ويؤدي إلى الاستفادة منها في تغذية ورفع مستوى المخزون المائي بدل رفعه في بعض المناطق عن طرق مياه الصرف الصحي!. وأعجب ما سمعته من اجتهادات غير موفقة لحماية إحدى المحافظات من السيول وهي محافظة الليث أن بعض المجتهدين قاموا قبل سنوات بعمل ساتر ترابي هائل لرد السيل القادم من الجهة التي أقيم فيها ذلك السائر ولكن الذي حصل أن السيل المتجمع والآتي من عشرات الكيلات قد وصل إلى السائر وأخذ يضربه حتى أنهار فجرفه وأغرق به ما خلفه من منازل ومزارع مخلفا ضحايا بالعشرات، فإلى متى تظل هذه الاجتهادات قائمة مع أن الحلول المتمثلة في بناء سدود عند كل شعب أو واد صغير بما لا يسمح للسيول بالتجمع الخطير هي الحلول العملية التي ينبغي الأخذ بها وإلا فإننا سنظل ندور في حلقة مفرغة ونردد أسطوانة مشروخة!! كاتب بعكاظ