جثة مجهولة في بحيرة الصرف الصحي فتحت شرطة جدة تحقيقا في حالة جثة لشخص مجهول عثر عليها في بحيرة الصرف الصحي، شرقي المحافظة أمس. وكان عاملون يعملون في البحيرة، لاحظوا جسدا يطفو على المياه، ما دفعهم للإبلاغ عن الحالة، واستعان الدفاع المدني بغواصين استقلوا قاربا مطاطيا للنزول إليها، حيث تم سحب الجثة التي يشتبه بأنها لوافد من دولة أفريقية، ولم يتسن للجهات الأمنية التأكد من هوية الجثة، بيد أنها ما زالت تواصل تحقيقاتها. فيما يواصل خبراء الطب الشرعي ومختصون في الأدلة الجنائية مهامهم في معاينة الجثة، للتوصل إلى أسباب الوفاة. وبين ل «عكاظ» مدير الدفاع المدني في جدة اللواء محمد الغامدي، أن جهات الاختصاص تسلمت الجثة من فرق الدفاع المدني لتحديد مسببات الوفاة، وألمح إلى وجود شبهة جنائية في الحادثة. . أكدت ل «عكاظ» مصادر مطلعة في المحكمة العامة في جدة أن حجج الاستحكام التي منحتها في الأحياء المنكوبة شرق جدة كانت بعلم أمانة محافظة جدة، بالإضافة إلى 11جهة حكومية بعد نشر الإعلان في الصحف المحلية وفق نظام المرافعات. وبحسب مسؤول في المحكمة، تحدث أمس ل «عكاظ» أن المشكلة الرئيسية لكارثة السيول بسبب التخطيط والبناء الذي هو في واقع الأمر من اختصاص أمانة جدة، أما حجة الاستحكام فهي إثبات تملك بالإحياء الشرعي، وهو تقرير أمر واقع، ولا علاقة للمحاكم بأي تخطيط عشوائي. توقف الدراسة في 27 مدرسة للبنات في جدة ونسبة الحضور 85% 5.5 ملايين طالب وطالبة يعودون لمقاعد الدراسة تأثر استئناف الدراسة أمس بمختلف مدارس جدة للبنين والبنات بحوادث الأمطار والسيول التي شهدتها عدة أحياء جنوب وشرق جدة خلال إجازة عيد الأضحى، وراح ضحيتها أكثر من 113 شهيدا حيث لم تنطلق الدراسة أمس في 27 مدرسة للبنات بعد تضررها من الأمطار والسيول. حصر 13814 عقارا ومركبة متضررة والعمل ما زال جاريا أنهت اللجان المكلفة بحصر أضرار سيول جدة حصر 13814 ضررا من السيول مقسمة إلى 7181 عقاراً وممتلكات و 6680 مركبة. وأوضح مدير المراسم والعلاقات العامة بمحافظة جدة ياسر المداح أن لجان حصر الأضرار ما زالت مستمرة في أعمالها، مشيرا إلى أنه تم إيواء 19950 فردا ممثلين في 5104 أسر في مساكن قد سبق أن أعدت للأسر التي فقدت مساكنها جراء السيول والأمطار. أولوية إنهاء إجراءات "بدل الفاقد" للأوراق الثبوتية للمتضررين بدأت الإدارة العامة للأحوال المدنية بجدة أمس في استقبال طلبات "بدل فاقد"، أو "برنت" مؤقت لإثبات الهوية للمواطنين الذين فقدوا وثائقهم جراء سيول الأمطار التي اجتاحت أحياء جنوب وشرق جدة الأسبوع قبل الماضي. 3 خطوط ساخنة لتلقي استفسارات المتضررين والمتبرعين والمتطوعين لجنة أهالي جدة توزع 20 ألف سلة غذائية وزعت لجنة أهالي جدة للتكافل أكثر من 20 ألف سلة غذائية على المتضررين من السيول التي خلفتها الأمطار حتى أمس، والتي تحوي مواد غذائية ومستلزمات طبية وحليب أطفال ومفروشات ومجموعة من مستلزمات المنازل، بالإضافة إلى تدشين 3 خطوط ساخنة لتلقي الاستفسارات من المتضررين والمتبرعين والمتطوعين. نجاة عائلة انهارت أرضية شقتهم جنوبجدة أنقذت العناية الإلهية مساء أمس عائلة سعودية تقطن في عمارة سكنية قديمة بحي "الصحيفة" مكونة من 4 أدوار بعد أن انهار جزء من شقتهم التي تقع في الدور الأول على مطعم لبيع "الهريسة والعصيد ". استمرار البحث عن جثث المفقودين تحت الركام في الأحياء المتضررة بينهم رئيس قسم الإعفاءات بجمرك مطار الملك عبد العزيز تواصل فرق الدفاع المدني أعمالها في البحث عن جثث المفقودين في الأحياء التي غمرتها السيول بشرق وجنوبجدة عبر تتبع آثار السيول وتحت الركام الكثيف الذي خلفته المياه الجارية ووسط البحيرات التي تشكلت شرق جدة. غرق مشرفة تربوية وزوجها وأربعة من أبنائها وخادمتها بسيول جدة كانوا متوجهين إلى الحج والحزن والألم ينتاب منسوبات تعليم البنات ساد الحزن والألم بين منسوبات تعليم البنات بجدة بعد تأكد غرق المشرفة الدينية بالإدارة سناء أحمد أبو الغيث في سيول يوم الأربعاء الحزين. والفقيدة داعية ومشرفة للتربية الإسلامية بإدارة تعليم جدة،وقد كانت في طريقها لأداء فريضة الحج يرافقها زوجها وأربعة من أبنائها "ولدان وبنتان "، وكذلك شغالتها، وقد لقوا حتفهم جميعاً استقرار عدد القتلى عند 113 والمفقودون 47 في سيول جدة انتهاء عمليات الرش الأرضي وبدء الجوي اليوم توقف عدد ضحايا الغرق المنتشلين بواسطة فرق الدفاع المدني عند 113 جثة بعد مرور اليوم الحادي عشر للسيول التي اجتاحت جدة، فيما نقص عدد الأشخاص المبلغ عن فقدانهم ليصل إلى 47 حالة بعدما انتشلت الفرق العاملة جثة الطفلة سارة الغامدي أول من أمس بالقرب من كلية الهندسة. الأهالي استخرجوا 13 جثة بجهودهم الذاتية مواطنون يتهمون الدفاع المدني بالتقصير في البحث عن مفقوديهم ! اتهم ذوو مفقودين في كارثة سيول جدة الدفاع المدني بالتقصير في البحث عنهم، وضربه الوعود دون وفاء من أجل التفتيش ومناطق وحفر ثبت وجود جثث فيها.. إلا أن عناصره لم تجفف المياه فيها حتى الآن. وفي الوقت الذي جندت إدارة الدفاع المدني نحو 700 عنصر إضافي للطوارئ بساحة على طريق المطار القديم بجدة مع أعداد كبيرة من الآليات تنوعت بين قوارب وعربات إنقاذ وسيارات شفط مياه لازال ذوو المفقودين في انتظار شفط مياه حفرة عميقة تسمى "حفرة الحرازات" تقع في حي البستان المجاور لحي قويزة والتي أثبتت فرق الكلاب البوليسية وجود جثث فيها. انتشال المزيد من جثث المتوفين في سيول جدة تتواصل جهود الدفاع المدني في عمليات الإنقاذ والبحث عن المفقودين والمتوفين في السيول والامطار التى هطلت على مدينة جدة في شتى المناطق المتضررة بالرغم من تقلبات الطقس ووعورة الطرق المؤدية الى تلك المناطق. حيث تنتشر وحدات الغوص والانقاذ المائي في مواقع البحيرات الناتجة عن السيول. وقال العقيد محمد بن مبارك الشعباني المشرف على وحدات الغوص والانقاذ المائي ان عمال الغوص والبحث بواسطة الغواصين والقوارب المطاطية لا تزال مستمرة في البحث والانقاذ عن مفقودين ومتوفين ، مشيرا انه تم انتشال عدد من الجثث في عدد من المواقع المختلفة. الدفاع المدني يمشط حفرة الموت شرق جدة بعد مطالبات عدة من بعض أهالي ذوي المفقودين في حي الصواعد شرق جدة بدأ الدفاع المدني صباح أمس بإنزال غواصين في ما يسمى (حفرة الموت) والتي تقع في الحي نفسه خلف مخطط عبيد، حيث قام الدفاع المدني بتركيب عدة مواتير لشفط المياه في البحيرة إضافة إلى بعض السيارات المتخصصة في الشفط بحثا عن مفقودين قد يكونو في البحيرة. ولاحظت الجزيرة خلال جولتها في المنطقة المنكوبة وجود آليات ومعدات الدفاع المدني تعمل على فتح الطرق وإنزال قوارب الإنقاذ حيث قام الغواصون بتمشيط البحيرة بحثا عن سيارات غارقة فيها فيما زال عدد من مسؤولي الدفاع المدني مرابطين في الموقع. وانتقد المواطن محمد السلمي وعدد آخر من السكان قيام هذه الحفرة التي يصل عمقها إلى حوالي ستة أمتار من حوالي سنتين والتي قامت بحفرها بعض الشركات المحلية للاستفادة من التربة الموجودة. هذا ومازالت فرق الإنقاذ التابعة للدفاع المدني تعمل على تمشيط الحفرة مما أعاق الطين الأشجار الموجودة في الحفرة عمل الغواصين. قامت بحصر الشقق المتضررة .. 250 متطوعًا من أصدقاء جدة يشاركون في تنظيف مساجد قويزة المتضررة شارك ما يزيد على 250 متطوعا في نظافة المساجد الموجودة في حي قويزة، فضلا على قيام مجموعات أخرى من المتطوعين في مساعدة الأسر المتضررة في تنظيف شققها وإخراج عفشها من المنازل المتضررة من جراء سيل الأربعاء. ومن جانبه أوضح مدير برنامج أصدقاء جدة جمال المنذري قيام فريق من أصدقاء جدة بحصر الشقق المفروشة للأسر المتضررة من السيول، والاجتماع مع لجنة الاحتياجات المنزلية والمشكلة من كلا من د. نوره آل الشيخ، ود. خديجة الصبان، ود. هالة الشاعر، ود. خديجة الصبان، وألفت قباني، وصفية بن زقر، وصباح ياسين، ونسرين الإدريسي، وتهاني صالح لمناقشة الحلول المقترحة للوضع الحالي. وأشار المنذري إلى انه تم الاجتماع مع مدير عام وزارة المالية بمحافظة جدة علي الغامدي والتعاون مع الوزارة وموافاتها بمعلومات الحصر على الشقق المفروشة وذلك لغرض صرف معونات مالية للمتضررين. وقال إنه تم الوقوف على حي قويزة والاطلاع على الأضرار الناتجة عن السيول والأمطار وتكوين لجنة من متطوعي الحي للتنسيق مع الجهات الحكومية، والتنسيق لتوزيع كوبونات على الأسر المتضررة في الشقق المفروشة كماتم التنسيق والتواصل المباشر لجلب بعض المستلزمات العاجلة من بعض التجار عن طريق بعض الجمعيات الخيرية. وقال المنذري إنه تم التنسيق مع مجموعة مواطنة وذلك بغرض توحيد الجهود وتسخير إمكانيات الأمانة وأصدقاء جدة من المتطوعين لتسهيل مهام الفرق التطوعية العاملة في الميدان، كما تم تجهيز غرفة في بلدية أم السلم لحفظ السلال الغذائية القادمة (والجاهزة للتوزيع) من مركز المعارض لغرض توزيعها صباحا على سكان حي كليو 14 والأحياء المجاورة. وأكد مدير برنامج أصدقاء جدة على أن دورهم يقتصر على توزيع كوبونات السلال الغذائية ولا تستقبل أية تبرعات عينية، موضحا أن برنامج أصدقاء جدة يساند جميع الجهات الحكومية والفرق التطوعية والجمعيات والجهات ذات العلاقة في تحقيق أهدافها بطريقة منظمة وهادفة وسهلة حتى تحقق جميع الأهداف. «5» ساعات من الرعب الحقيقي كان حي قويزة يسبح فوق أمواج السيل الهادر اللحظات مهولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. والحدث أكبر من الكلمات، وأعظم من محاولة الوصف، ولو قِيل لي أن (تسونامي جدة الهادر) وهذا هو وصفه الصحيح من وجهة نظري. لو قيل لي إنه قد اجتاح شرق جدة، في ظهيرة الأربعاء الثامن من ذي الحجة 1430ه، وبذلك الشكل المروع، لما صدقت أبداً .. لكن ولأنني كنت شاهداً على (المأساة المروعة) وواقفاً على ضفاف (الحدث الجلل) من نافذة منزلي، التي كانت تُطل على واحدة من الأمواج الهادرة من السيول، التي اجتاحت (حي قويزة) الوديع، الرابض في شرق مدينة جدة، فقد عشت حقيقة فصلاً مذهلاً من المأساة، أشبه بيوم القيامة، وهنا شهادتي على الحدث (الحلقة الثانية): قويزة تسبح عندما كانت الساعة تُشير إلى الثانية عشرة والنصف ظهر الأربعاء الثامن من ذي الحجة 1430ه.. كان حي قويزة (شرقي جدة) يسبح فوق أمواج متلاطمة من مياه السيول المنقولة، في تلك اللحظة، لم يكن أمام أي أحد أن يتحرك، خارج الإطار الضيق الذي وجد نفسه فيه سواء داخل الطوابق العلوية للمنازل، أو فوق أسطح البيوت والمساجد والمحال التجارية، ممن أراد أن ينجو بنفسه (تاركاً الجمل بما حمل) ومتخذاً من مقولة (نفسي نفسي) مخرجاً في لحظة الهلع والذعر الشديدين من الطوفان الجامح. كنت في واقع الأمر مذعوراً على ابني يوسف وعمر 21 و10 سنوات وخصوصاً الأخير، فهما كثيرا الحركة ولا يكادان يلبثان في مكان واحد كثير وقت، ولو فتلت منا واحد منهما تحت دافع حب الفضول لرؤية السيول من بوابة العمارة، فإنه حتماً سيقع وسط دائرة الخطر الشديد، ولقد كنت متأكداً أن في مقدور ذلك السيل الهائج أن يختطف الناس من أفواه عماراتهم، لأنه كان سيلاً هادراً وغاضباً وقادراً على ابتلاع كل ما يصل إليه. قويزة.. قسمان وحي قويزة ينقسم إلى قسمين، القسم الأول مخطط ويسمى (مخطط المساعد) مخطط معتمد من أمانة جدة، وكل بناياته مصرح لها بالبناء رسمياً.. أما القسم الثاني وهو إلى الجنوب من الأول فإنه حي عشوائي أقامه الأهالي منذ عشرات السنين تحت سمع وبصر أمانة جدة، وبه محال تجارية وبقالات وورش للسيارات وصالونات حلاقة وملاحم إلى غير ذلك، ويفصل القسمين شارع (جاك) نسبة إلى شركة كانت تحمل الاسم وتقيم شرقي الحي إلى عهد قريب. مشاهد تراجيدية وكما قلت فقد وجد الحي بأكمله نفسه يسبح فوق الأمواج والسيول التي ارتفع معدلها إلى نحو 1.5 متر في أول الحي وإلى أكثر من مترين في بعض نواحي غربي الحي قرب ما يُعرف بأسواق قويزة ومحلات شارع جاك، وراحت السيارات الصغيرة والكبيرة تطفو فوق الماء كأنها قطع خشبية رثة، أو كُرات بلاستيك خفيفة، وداهمت السيول الأبواب الموصدة للمنازل، وفوهات المحال التجارية، لتقتلع البضائع وتقذف بها في عرض الشارع، وراحت السيارات تتكوم فوق بعضها، ويعلو أحدها الآخر في مشاهد تراجيدية عجيبة، وبدأ المشهد كما لو كان لوحة تشكيلية لفنان عبثي، أو مخرج سينمائي من أقطاب افلام الرعب الهوليودية. إنقاذ الجيران وعندما بلغت القلوب الحناجر، وأحاط الهلع بالناس جاءني هاتف يصرخ من داخل منزلي، فقد صاحت بي زوجتي أن جيراننا الفلسطينيين ممن يسكنون منزلاً شعبياً بجوارنا، قد أحاط بهم السيل، واقتلع باب حوش منزلهم وصاروا طرائد في فوهة الموت، اقتربت من نافذة مطبخنا فوجدت جيراننا الفلسطينيين قد صعدوا إلى سطح منزلهم، كانوا ثلاث عوائل، وعددهم 19 شخصاً ما بين سيدة عجوز إلى نساء وبنات إلى أطفال، فصممت على إنقاذهم، من خلال إيوائهم إلى بيتي الثاني عبر نافذة المطبخ، وكان أمامي "عقبتين" الأولى السياج الحديدي القوي للنافذة، ومسافة فضاء قدرها أربعة أمتار تفصلنا عنهم هي حوش بيتي الغربي، فبدأت أولاً في تحطيم السياج الحديدي للنافذة، كانت قواي خائرة من هول الموقف، ولكن الله أعاننا أنا وبناتي في تكسير السياج عن نهايته، ثم أقمنا سُلماً خشبياً طويلاً، كان لحسن الحظ فوق بيت الجيران، ليكون قنطرة ينسلون من فوقه بحذر شديد، حتى يصلوا إلى أيدينا فنتلقفهم، واحداً بعد واحد، ولحسن الحظ أيضاً كان أحد الرجال موجوداً مع الجيران، فساهم في إجلاء هذا العدد الكبير بسلام. ونجحت خطتنا مئة في المئة ولله الحمد في إيواء هذا العدد من الجيران، ليكونوا بعد جهد جهيد، وبعد أعصاب تالفة منا، وتصميم أكبر من حجم المأساة على استيعابهم، ثم بدلنا ملابس الجميع، وفتحنا خزانة ملابسنا بالكامل لهم بعد أن ذابت ملابسهم عليهم من الطين والمطر الشديد. سكان الأدوار السفلية وكان جيراني كذلك الذين يسكنون بالشقتين الأرضيتين في عمارتي قد هرعوا إلينا، يلوذون بالنجاة من الطابق الأرضي، الذي تحول إلى بحيرة من المياه زادت عن المتر ارتفاعاً.. إذن الحمد لله كل الجيران من هنا وهناك صاروا في الأمان عندنا.. إذن بقي علينا أن نراقب اتجاهات عبر النافذة كان كل ما أتمناه أن يقف معدل ارتفاعه عند حدود المتر والنصف، فإن زاد فإن معنى ذلك أن ندخل جميعاً في حسابات مدمرة، وأن وقف عند معدله ذاك، فمعنى ذلك أن الامور ستكون مستقرة نوعاً ما. السبابة.. نحو السماء وكما قلت من قبل فقد وضعت مقياساً معيناً على سور جارنا المقابل لنافذة منزلي، وجعلته معياراً لارتفاع أو انخفاض معدل السيل الهادر، وعندما كانت الساعة تشيرى إلى حدود الثانية والنصف كان معيار ارتفاع السيل متوقفاً عند النقطة الافتراضية التي وضعتها على سور جدار جارنا، وكنت أزف البشرى بين فينة وأخرى لمن هم في بيتي من الأهل والجيران، أن معدل الارتفاع ثابت ولم يزد، ذلك بالنسبة كان جيداً، وكان مبعث تفاؤل بأن الأمور لن تتدهور أكثر مما تدهورت إليه، وفي كل الأحوال كنا نلهج بالدعاء، ووجدت نفسي أرفع سبابتي يدي باتجاه السماء كثيراً.. (يا رب حوالينا ولاعلينا) إلى آخر ما قلته من أدعية وتضرعات لله تعالى. نهار يزحف ببطء كان النهار بطيء الحركة، ساعاته تمر بتثاقل عجيب، لحظتها ثقيلة ومفزعة، وكلما كررت النظر إلى الساعة وجدتها تتثاءب في إغفاءة، وقتها خطر على بالي خاطر مذهل، ماذا لو (مالت) العمارة، أو سقط جزء منها، أو حتى سقطت بكاملها، ماذا ستكون النتيجة، حتماً سنكون مدفونين تحتها، سنكون ركاماً تحت الركام في غمضة عين، ووسط هذه السيول الجارفة، وعندها من يقوى على إنقاذ من تكتب له الحياة من أثر سقوط البناية، والمكان كله محاط بأمواج هادرة، لا تقوى أعتى المركبات على عبورها.. كان خاطراً مزعجاً والأكثر من ذلك أنه ظل يتكرر أمام مخيلتي، وأصدقكم القول إنني قد توقعت سيناريو من هذا القبيل، لكن الله تعالى لطف برحمته وعفوه وكرمه. لغة لم نفهمها يا لهذا السيل الجارف.. أما آن له أن يتوقف (!!).. أما آن لهديره المخيف أن يخفت.. أما آن لتدفقه المرعب كالسهم أن يهدأ قليلا ؟.. لم أكن في الواقع أتوقع - حتى في الأحلام - أن السيول تتدفق بهذه السرعة، والقوة، والغضب، والجريان الهادر.. كنت في واقع الأمر أتمنى لو أجد لغة للتفاهم مع هذا السيل الجارف، لعلي أوصل له رسالة رجاء بأن يكف عن عذابنا كل هذه الساعات، فقد وصل نصله القاتل إلى عظامنا، وانغرس في أفئدتنا، وجرح قلوبنا.. لكن يبدو أن لهذا السيل لغة أخرى مختلفة، لا نفهمها، وبالتالي فلن يفهم دعوات رجائنا الحارة، بأن يكف عن مواصلة ضرب حَيِّنا الوديع، بغضبه العارم، وحمم أمواجه "الحارقة"!!. تراجع الغضب وعندما كانت الساعة تشير إلى الرابعة والنصف عصراً، بدأ معدل ارتفاع السيل ينحسر، وبدأت تتكشف درجات العمارات، وبعض الأرصفة العلوية، في إشارة إلى أن الغضب قد وصل حدودها المتأخرة، مؤذناً بالانحسار والتراجع، بعد 5 ساعات تقريباً من الأمواج الهادرة، التي خلخلت الشوارع، وهزت البنايات، وحطمت البيوت الشعبية، واقتلعت الأشجار، والمركبات، وما توفر أمامها من الناس والبضائع والاغنام، لتقذف بها خارج أحياء قويزة، والصواعد، والحرازات، والراية، وبطون أودية قوس ومريخ وغيرها، ليتحول الجميع إلى ركام محمول بلغ طريق الحرمين (الطريق السريع) الذي تحول إلى مشهد كأنه يوم القيامة، بعد أن اختلط الحابل بالنابل، وانطمرت الجثث تحت الرمال والسيارات، وتحوَّلت قطعة واسعة من مدينة جدة إلى مشهد أشباح حقيقي، لا يمكن أن تحدث حتى في الحروب، أو بفعل قنابل النابالم الحارقة والجارفة. نهاية الكابوس وعندما هدأت السيول خرج الناس في حذر شديد إلى الارصفة العلوية، غير مصدقين لهذا الكابوس العظيم، الذي جثم على نفوسهم ساعات طوال، كانت بحجم الدهر كله، وكنت واحداً من الذين خرجوا إلى الشارع لاستطلاع الآثار المأساوية المبكية، ووقفت مشدوهاً، لا أكاد أُصدق ما تراه عيناي، فالسيارات تملأ كل الاتجاهات، وقد تحولت إلى (سكراب) عظيم، والناس يجدون صعوبة حقيقية في نقل أقدامهم من خطوة إلى خطوة، فلا شارع مفتوح أبداً، لا رئيسي ولا فرعي، كل الشوارع متخمة بسيارات مقلوبة فوق بعضها، أو مترامية على بعضها كأنها حفلة ألعاب لأطفال أشقياء، الكل ينظر إلى مكان سيارته، إلى المكان الذي أوقفها فيه، لا شيء في مكانه أبداً، وراح الشباب خصوصاً والرجال عموماً يبحثون عن سياراتهم وسيارات أبائهم، إلى أين ذهبت، وأين استقرت، فالكل موقن أنها قد تحولت إلى خردة، ولكن المهم في تلك اللحظة أين هي، وإلى أين سحبها السيل الهادر. معجونة بالطين كنت واحداً من المفجوعين، الذين يسيرون في الشارع بدون هدى، لم يكن مهماً عندي أين ذهبت سيارتي، بعد أن لطف بنا ربي سبحانه وتعالى، في إنقاذ رقبتي ورقبة أسرتي وجيراني من موت كان محققاً، بل ووصل إلى حدود أنوفنا، لكنني في حالة بشرية محضة رحت أُحاكي الجموع من حولي، وأبحث عن سياراتنا، الأولى التي داخل عمق الحوش بقيت في مكانها، لكنها مترعة بالوحل والمياه حتى سقفها، فيما سيارة ابني الكبير قد كسر السيل زجاجها، واندفع ليملأها بالطين والمياه والوحل حتى السقف، بينما سيارتي الخاصة قد ذابت في عمق الشارع ولم أجدها إلا بعد ثلاثة أيام، وهي مطمورة وسط غابة من السيارات، وكانت مقلوبة على جانبها، وقد أصابتها الصدمات، وتكسر كل زجاجها، وامتلأت بالوحل والطين والمياه. 4 جثث لأول وهلة وفجأة تناهى إلى سمعي أصوات الشباب وهم يصرخون، ويشيرون بأيديهم، قائلين: هناك فتاة صبية تحت ثلاث سيارات، لقد تحولت إلى قطعة من الجبن فيما يبدو، تحت سكين السيارات التي سحقتها، وافترشت جسدها الغض، لم أشأ لحظتها أن أُشاهد المنظر حتى وهو غير بعيد عني، لم تكن أعصابي تسمح أن أضعها تحت مشهد مروع كهذا، ثم تتواصل الأصوات الصائحة، هناك شاب ميت شمالي بيوتنا، لقد أغرقه السيل.. وصوت ثالث يؤكد أن أحد كبار السن قد قضى نحبه في مسجد الحي، ويتم الآن استخراجه، إلى صورة أخرى رأيتها أمام عيني في البرحة المقبلة للمسجد، شباب يحملون طفلاً في بطانية، بعد أن استخرجوه من نفس المسجد، وقد حشره السيل حتى أزهق روحه، إلى عشرات القصص المذهلة الأخرى، والتي سيكون مجال الحديث عنها في الحلقة القادمة.