كثيرا ما تكتسب الأسماء والصفات دلالاتها الشعبية بصورة مختلفة عن مضمونها الأصلي، فعلى سبيل المثال اسم (رامي) سرعان ما يقودك إلى صورة شاب (كول) يقضي جل وقته في مقهى للإنترنت رغم أنه اسم مستمد من الرماية بالذخيرة الحية!، واسم (أحلام) سرعان ما يقودك إلى صورة امرأة رومانسية لا تكاد تسمع صوتها لفرط رقتها ونعومتها ولكل دلالته الشعبية اليوم تحيلك فورا إلى صورة معاكسة تماما !، وكذلك الحال بالنسبة لشخصية (أبو سروال وفانيلة) فهي صورة تدل على قلة الذوق ونقص فيتامينات الحياء ولكنها اكتسبت دلالة جديدة قبل سنوات قليلة لتعبر عن شخصية الشاب السعودي الذي لا يأبه بشيء ويقتحم العوالم الأنيقة في لحظة غير متوقعة !. ووفقا لجريدة اليوم فقد قررت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التصدي بكل حزم لأبو سروال وفنيلة خصوصا حين يقترب من المجمعات التجارية وأماكن تواجد العائلات، وبرغم أنني كنت أتمنى لو كانت مهمة ملاحقة أبو سروال وفانيلة من اختصاص البلدية وليس الهيئة لأنه كائن مضر بالبيئة وكي لا يملك فرصة الاحتجاج بأنه يسير في الشوارع دون أن يتجاوز الضوابط الشرعية فهو مغطى بالكامل وحاله – من هذه الناحية – أفضل من حال لاعبي كرة القدم!؟. عموما سواء كان المسؤول عن ملاحقة أبو سروال وفانيلة في الأماكن العامة الهيئة أو البلدية أو الشرطة أو مستشفى الأمراض العقلية فإن محاصرة هذا الكائن مسألة لا بد منها، لأنه من غير المعقول أن يذهب ثلاثة شباب إلى مجمع تجاري بملابسهم الداخلية كي يعبروا عن تمردهم والطيش الكامن في دواخلهم بطريقة تؤذي الآخرين وتثير اشمئزازهم ولو كنت مكان الهيئة لما اكتفيت بتوقيع أبو سروال وفانيلة للتعهد لأنه سيخلع تعهداته مثلما خلع ثوبه لذلك يجب نشر صورته في الجريدة وهو يستلم ثوبا جاهزا من رجال الحسبة!. لا أعلم كيف نجح شبابنا في نقل صورة أبو سروال وفانيلة إلى الخارج وعولمتها حتى أصبحنا نشاهد أبو سروال وفانيلة في كندا وفي كوريا الجنوبية ولكنني لا أرى فيها مفخرة تستحق الذكر قدر ماهي محاولة طريفة للتعبير عن التمرد على أثواب ضيقة حاولنا إلباسها لشبابنا بالقوة، وسواء نجحت الهيئة في الحد من هذه الظاهرة المخجلة أو تمسك أبو سروال وفانيلة بفانيلته فإن هذا لا يلغي أن شباب اليوم يعانون من فراغ وتهميش ووصاية قاتلة دفعتهم للتجرد حتى من ثيابهم. بالنسبة لي أرى في صورة أبو سروال وفانيلة دلالة مختلفة عن كل الدلالات المطروحة فهو الرجل الذي غطى كل جسمه ويبقي عاريا!، هو بالضبط مثل شوارع كلفت سفلتتها الملايين ولكنها بقيت دون أرصفة، أو مثل مبان عملاقة وأنيقة صممت لخدمة الآلاف من المواطنين ولكنها بقيت دون مواقف للسيارات، إنه نقص القادرين عن التمام الذي لم ير المتنبي عيبا أشد منه بين كل عيوب الناس.. يا أبو سروال وفانيلة البس ثوبك فقد جاءتك الهيئة!.