صديقي الناقد أفادته دراسته الأكاديمية حتى بات يكتب ويتحدث عن الكتب في وسائل الإعلام بكلام غاية في الجدية والفائدة دون أن يقرأها. معرفتي بهذا الموضوع ومعرفته أنني أعرف، جمعت بيننا في رباط إنساني حميم، والجميل في هذه الصداقة أن الموضوع هذا هو أعمق ما (...)
تصورت، سبحان الله، أن الناس، هنا، على أرصفة المدن، في المقاهي والمدارس، في أقسام الشرطة وأحواش البيوت وباحات المصانع والمزارع والملاعب والسجون، في حواري القرى والنجوع والدساكر والكفور والعطوف، تصورتهم، وقد راح كل منهم يشد على يد الآخر معزياً في رحيل (...)
قال: «أنا جاك.. جاك حسون».
لم يكن الاسم يعني لي أي شيء. قلت:
«أهلاً»..
كنا في بيت الكتاب الفرنسيين حيث استضافونا مساء اليوم الأول من وصولنا..
كان الرجل «حسون» الذي يجاورني يقوم ويقعد ويقدّم لي الكوب كلما فرغ، ويدفعني بكتفه، ويقول إن سعادته اليوم (...)
- 1 -كان محمد البوعزيزي، الشاب التونسي خريج الجامعة، يبيع الخضار على عربته الصغيرة ويسترزق منها، ثم إن رجال الأمن صادروها والشرطية صفعته على وجهه أمام الناس، ومحمد ذهب يشتكي ولم يستجب أحد، حينئذ أغرق نفسه بنزيناً وأشعل النار في جسده.- 2 -إذا كانت (...)
- 1 -
كان محمد البوعزيزي، الشاب التونسي خريج الجامعة، يبيع الخضار على عربته الصغيرة ويسترزق منها، ثم إن رجال الأمن صادروها والشرطية صفعته على وجهه أمام الناس، ومحمد ذهب يشتكي ولم يستجب أحد، حينئذ أغرق نفسه بنزيناً وأشعل النار في جسده.
- 2 -
إذا كانت (...)
جارنا الأسطى محمود جاوز السبعين. وهو يعيش مع زوجته البدينة التي تتحرك بصعوبة، وتصغره قليلاً.
الأسطى محمود إذاً رجل ضامر الوجه ونحيل جداً. وهو يلمع حذاءه جيداً ويرتدي القميص المكوي والبنطلون. وعندما يعود من الخارج كان يفرد البنطلون وينظفه بالفرشاة (...)
في المساء، كان يجلس على رصيف المقهى الخارجي وإلى جواره المنضدة ذات القرص النحاسي المستدير والأرجل الحديد السوداء، وكان يشرب القهوة ويدخن سيجارته الثالثة هذا اليوم، ويتفرج على الناس ويفكر.
كان قام بالأمس من قيلولته ليكتشف، بالمصادفة البحتة، أن إحدى (...)
مال الولد وهو يتفرج على التلفزيون وسألني:
"صحيح يا بابا، إنت ليه ما كملتش تعليمك؟"
ثم اعتدل يواصل الفرجة.
وأنا الذي فاجأني السؤال، بعد هذا العمر، جلست أفكر في هذا الأمر.
فكرت في المدارس السبع التي التحقت بها، بذكرياتها الجميلة والمؤلمة، واستعدت، من (...)
المرة الاولى التي رأيت فيها قلم الحبر، والذي كان معروفا على ايامنا باسم (القلم الابنوس) كانت عندما جاء زوج عمتي من البلدة لزيارتنا في امبابة. كان في سن ابي ويعمل ناظراً لدائرة زراعية.
كنت طفلاً، وكان ابي قد احضر له جلباباً خفيفاً لكي يرتديه زوج (...)
انتهيت من ترتيب بعض الكتب التي أحضرتها من امبابة إلى المقطم، ثم تناولت القصافة والمفك، وأمسكت شريط اللحام بين أسناني وصعدت السلم المعدني المفتوح وسط الحجرة لكي أصلح البوابة، وكانت دماغي عند السقف حين سمعت جرس الباب وهو يرن.
فترة قصيرة وأطل الولد (...)
قعدت في الركن جنب الاسطى سامي السمكري نتحدث. أنا أشرب قهوة وهو يدخن شيشة. والورشة ليست محلاً ولكنها في جانب من جراش مكشوف.
والأسطى سامي نحيل وفي إحدى عينيه حول ظاهر، وهو ليس مستأجر المكان ولكن مستأجره هو الاسطى محمود الذي هو صنايعي على باب الله، (...)
أنا عندي فحص فني. أخذت الفولكس 58 وتركتها للسمكري في الكيت كات وركبت تاكسي للمقطم حيث اعيش الآن.
رحت أدخن واتطلع من النافذة وأفكر بأنني انزع عن امبابة كما تنزع رقعة لحاء جافة، وان كانت حية، عن جذعها الطري، كي ما تلتصق بجذع آخر. ورحت اسري عن نفسي (...)
كانت امرأة تجلس على بسطة بارتفاع ثلاث درجات في بيت مفتوح على زقاق. كانت تفتت كسرة خبز في حجرها ثم تلقي بالفتات إلى دجاجاتها التي تلهو أمام الباب، وتلمح الناس الذين1 يمرون بالعرض في قطر الندى الذي ينحدر منه هذا الزقاق.
وهي لاحظت النظرة الجانبية للرجل (...)
الصورة العامة التي عرفناها عن أنطون تشيخوف هي صورة الكاتب الذي عاش مشغولاً بعمله، وهو الانشغال الذي منحنا تلك الأعمال التي اتسمت بطابعها الإنساني وقدرتها الهائلة على البقاء والتأثير. إنها صورة الكاتب الحزين الساخر الذي خبر الناس وهده المرض. إلا (...)
زمان، كتب تشيخوف الكبير يقول:
«ان الكلمات مهما كانت جميلة لا تؤثر إلا في ذوي النفوس اللامبالية. ولا نستطيع دائماً أن نرضي السعداء أو التعساء.. ويبدو اسمى تعبير عن السعادة أو التعاسة هو الصمت، فالعشاق يفهمون بعضهم بعضاً عندما يصمتون».
إلا ان (...)
كانت امرأة تجلس على بسطة بارتفاع ثلاث درجات في بيت مفتوح على زقاق. كانت تراقب دجاجاتها التي تلهو أمام الباب، وتلمح الناس الذين يمرون بالعرض في الطريق الذي ينحدر منه هذا الزقاق. وهي لاحظت النظرة الجانبية للرجل الذي تمهل وهو يعبر أمامها في طريقه ناحية (...)
نصعد الدرجات، العشر تقريباً، المؤدية إلى شقة دستويفسكي.
على يسارك وأنت داخل، صندوق من خشب أحمر منقوش (كل الموجودات الخشبية التي سيرد ذكرها هنا بالغة القدم، عريقة، ومشغولة بتمهل وإتقان) هذا الصندوق الكبير إذن له أربطة من نحاس باهت. قالت المشرفة (...)
أينما جلسنا أو وقفنا، تنقلنا بين كافتيريا مطار القاهرة الدولي أو سوقه الحرة، توجهنا إلى دورة المياه أو صالة السفر، كان جورج البهجوري يرسم خطوطاً كاريكاتيرية سريعة لكل وجه يقابله. وهو يملأ بطاقة المغادرة أمام النافذة ويكتب في خانة المهنة رسام عالمي (...)
دعت المؤسسة الثقافية السويسرية "بروفيلهتسيا" إلى لقاء في القاهرة تحت عنوان "الأدب في عصر الميديا" شارك فيه كلاوس ميرتس 1945 وبيتر شام 1963 من سويسرا وغسان زقطان من فلسطين وقد منعته السلطات الإسرائيلية من السفر، ومحمود الورداني وكاتب هذه السطور من (...)
آخر النهار، تقريباً،
انتبه عبدالخالق من نومه من دون أن يفتح عينيه.
وظل مستلقياً على الكنبة تحت النافذة بستارتها الخفيفة المدلاة...
ستارتها التي تتحرك قليلاً من هواء مروحة السقف البطيئة البيضاء.
عبدالخالق وحيد في الصالة شبه المعتمة. غير قادر على تذكر (...)
في آخر الليل اتصل بي الصديق الشاعر محمد كشيك في واحدة من المكالمات المطولة التي نتبادلها مع من لا ينامون من إخواننا البررة. رحنا نتحدث عن حال البلد والأسعار وانتقلنا من فلان إلى علان ثم توقفنا طويلاً نتذكر صديقنا الكاتب سيد خميس الذي رحل قبل أيام. (...)
القضية التي أثارتها "الحياة" 16 أيلول/ سبتمبر 2003 في شأن انسحاب بعض الكتّاب المصريين من ندوة الرباط حول الرواية العربية، أثارت ردوداً مختلفة. هنا توضيح من الزميل الروائي إبراهيم أصلان.
لأنني كنت اكتفيت، فقط، بالموافقة على وضع اسمي ضمن الموقعين على (...)
في المساء، أتردد على المستشفى لزيارة أصغر أشقائي الذكور بعد أن بتروا له سبابة قدمه اليمنى قبل أيام.
وبينما أتوقع كل صباح أن يتصلوا بي ليخبروني أن الجرح اندمل، حيث يكون علي أن أذهب إليه وأعود به إلى بيته، أخبرتني كبرى شقيقاتي البنات أنهم سيقطعون ساقه (...)
الخروج من "معرض القاهرة الدولي" بمجلدي "ألف ليلة وليلة" ثقيلين في كيس رقيق، قصة. رؤية عباس محمود العقاد في الطريق، قصة اخرى. لا يكتب صاحب "مالك الحزين" قصصاً عادية. يصنع في النثر العربي الحديث ما صنعه جان فيرمير قديماً بالرسم الهولندي: يلتقط الطاقة (...)
يستطيع نصٌ واحدٌ ان يجمع التحقيق الصحافي الى أدب الرحلة وفن القصة القصيرة. صاحب "مالك الحزين" يكتب هنا رحلة فرنسية، تبدأ مع جمال الغيطاني في مطار أورلي عقب حوادث سبتمبر، وتنتهي بقصتين، قصة مع امرأة انظر الاطار، وأخرى مع فتاة مغربية:
في الطائرة إلى (...)