وصف غسان شربل، رئيس تحرير صحيفة "الحياة"، الغزو الأمريكي للعراق والإطاحة بنظام صدام حسين بأنه جاء "هدية" على طبق من ذهب لإيران، معتبراً أن هذا الغزو كان بمثابة عقاب للشعب العراقي بكامله، حتى وإن كانت نتيجته هي تخلص العراقيين من ديكتاتورية صدام. وحذر من أن التدخل في القرار والشأن العراقي من شأنه أن يزعزع الاستقرار في المنطقة. وقال شربل في حلقة جديدة من برنامج "إضاءات" الذي تبثه "العربية" الجمعة 25-6-2010، إن دخول دول إقليمية من الجوار في الشأن العراقي مسألة في غاية الخطورة لأنها تؤدي إلى حساسية شديدة، وتمزقات دائمة في العراق، وحساسيات مذهبية تمتد للمنطقة. وأوضح أن العراق كان يشكل حجر أساس في الأمن القومي العربي، وبغيابه اختل التوازن لصالح قوى مثل تركيا وإيران، مشيراً إلى أن صدام كان حاجزاً أمام تقدم إيران في المنطقة، وغيابه كبّر الدورين التركي والإيراني وغاب الدور العربي. واعتبر شربل أن اقتلاع نظام صدام حسين لم يكن حدثاً عادياً في المنطقة، باعتبار حجم التأثير والدور الذي قام به صدام في المنطقة، بدخوله حربين، ولذا فهو غيّر مصير المنطقة وقت أن كان قوياً، كما غيرها عندما ضعف وانتهى دوره، مشيراً إلى أن العالم العربي فشل في تقديم رد بعد سقوط صدام لتوفير الاستقرار، وأن العرب كانوا بحالة من الضعف لا تسمح لهم بتقديم مثل هذا الرد، خلافاً لأوروبا وقدرتها على الاستيعاب والرد عقب انهيار حائط برلين. وبالنسبة للقمع والديكتاتورية لنظام صدام, قال شربل إن صدام وريث طبيعي لتاريخ طويل من العنف في العراق، وإنه كان مؤمناً بإمكانية أن يحارب ويصنع تنمية في نفس الوقت، موضحاً أن التعليم في عهده تطور كثيراً وكذلك حقوق المرأة. وبين شربل أن الفراغ الذي أحدثه زوال نظام صدام في العراق خلق لإيران مساحة للتحرك، لأن لديها أجندة خاصة للمنطقة ولها صراع طويل مع العراق، وهي تنافس للحصول على الزعامة في المنطقة من خلال التأثير في العراق وفي مناطق أخرى مثل لبنان والقضية الفلسطينية. وبين شربل أن المصالحة العربية إن حدثت من شأنها أن تساعد العراق في الوصول للحد الأدني من الاستقرار، وأن العرب يمكن أن يكون لهم التأثير والدور دون الدخول في عداء مع إيران. واستبعد شربل شن حرب أمريكية على إيران في الوقت الحالي، ووصف الأزمة بين إيران من جهة والولاياتالمتحدة والغرب من جهة أخرى بأنها أزمة مفتوحة. وأشار إلى أن إسرائيل ربما تشعل مثل هذه الحرب إذا قامت بعمل عسكري ضد طهران, وإذا ردت إيران بصورة تستدعى تدخلاً أمريكياً. وأوضح أنه على الرغم من الاستعراضات العسكرية الإيرانية وتقديرات قوتها فإنه في حال نشوب حرب، ستتضح الفجوة التكنولوجية الكبيرة بين الولاياتالمتحدةوإيران. وبالنسبة للدور التركي، قال شربل إن تركيا أيضاً تبحث عن مصالحها, وأنه يمكن التعامل مع تركيا بلغة حديثة قائمة على فكرة الاستقرار والازدهار وتوحيد الرؤية العربية على الأقل في قضية السلام مع إسرائيل. وتطرق شربل في حديثه إلى تنظيم القاعدة، مبيناً أنه بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول على الولاياتالمتحدة, خسر التنظيم الكثير وتلقى ضربات موجعة في السعودية والعراق, مضيفاً أن النجاح الوحيد الذي حققته القاعدة كان في تسميم علاقة الجالية العربية والمسلمة في الخارج مع الدول التي تعيش فيها.