أقر الأستاذ طارق عثمان القصبي (المشرف العام على مدارس الرواد الأهلية) بتدني رواتب المعلمين السعوديين بالمدارس الأهلية، وقال: لا يختلف اثنان يعرفان أهمية دور المعلم في المجتمع على أن راتبه في الحكومة لا يتناسب مع دوره وأهميته في المجتمع. ومن باب أولى أن يتفق الجميع على تدني أجور المعلمين في المدارس الأهلية. وتدني أجور المعلمين عموماً دليل عدم الاهتمام بالعلم والتعليم مما أثر سلباً في قيمة المعلم الذي يُعدُّ في مجتمعنا مع الأسف في ذيل قائمة الوظائف المهنية، وهذا ناتج عن عدم التقدير المادي والمعنوي له، لذا أرى أن يُقَرَّ حد أدنى لأجر المعلم يحفظ له كرامته وقيمته في المجتمع ويجعله قادراً على الاعتزاز بمهنته وتحمل أعبائها كاملة . وأضاف : إذا كان لزاماً رفع رواتب معلمي المدارس الأهلية فمن الأولى أن نحدد من سيدفع هذا الفرق ويتحمل التكلفة. وساق القصبي في مقاله بجريدة الاقتصادية السبت أربعة خيارات وصفها بالمنطقية للخروج من هذه الأزمة وهي أن يدفع الفرق ولي الأمر وهو المستفيد من هذه الخدمة، بَيْدَ أن ولي الأمر يدفع حالياً رسوماً سنوية بآلاف الريالات ويوفر على الدولة قرابة الأربعين ألف ريال وهو متوسط تكلفة الطالب بالمدارس الحكومية التي ترتفع لتصل إلى أكثر من 100 ألف ريال في المناطق النائية . أما الخيار التاني أن يقوم مالك المدرسة الأهلية بدفع الفرق، وبالتالي سيضطر لرفع الرسوم على ولي الأمر في النهاية لأنه ليس جهة خيرية، أو أن يخسر لأن رواتب المعلمين تقارب 75 في المائة من مصاريف المدرسة إذا قمنا بزيادة راتب المعلم السعودي في المدارس الأهلية ليصبح مثل راتب المعلم في الوظيفة الحكومية وهذا يعني أن نضاعف راتبه على أقل تقدير وبالتالي فإننا نزيد مصاريف المدرسة 75 في المائة أخرى. ومن ضمن الخيارات التي طرحها الكاتب أيضا أن تقوم الحكومة بدفع فارق الراتب من خلال ديوان الخدمة المدنية ليصبح وضعهم مثل وضع معلمي المدارس الحكومية تماماً. أن تقوم الحكومة بدفع هذه التكلفة من خلال صندوق تنمية الموارد البشرية كدعم مباشر واستثنائي لا يخضع للأنظمة الحالية من اشتراط أن يكون الدعم 50 في المائة فقط أو لمدة سنتين أو أن يكون المعلم لم يعمل لدى جهة أخرى أو غير ذلك. بحيث تدفع المدرسة الأهلية ما يقارب راتب المعلم غير السعودي ويتحمل الصندوق المبلغ الإضافي. ورأى الأستاذ عثمان أنه من غير المناسب تحميل ولي الأمر أو مالك المدرسة هذا الفرق لأن ذلك سينتج عنه ارتفاع كبير في الرسوم أو خسائر للمدرسة وبالتالي فإن الطلاب سينتقلون للمدارس الحكومية نظراً لتضاعف الرسوم مما لا يستطيع بعض أولياء الأمور دفعه أو إغلاق المدرسة الأهلية لأنها تحقق خسائر وهي في النهاية مؤسسة تهدف للربح, وعندئذ ستضطر الدولة لدفع تكاليف طلاب المدرسة الأهلية التي تقدر بخمسة مليارات ريال سنوياً . أما الخيار الثالث فقد يكون صعباً في ظل تذبذب أسعار النفط, لذا فإن الخيار الرابع هو الأنسب، فالمجتمع اعترف بمشكلة البطالة وأوجد آلية واضحة لحلها حيث يدفع من يستقدم أجنبياً رسوماً إضافية تذهب بشكل مباشر إلى حساب صندوق تنمية الموارد البشرية المسؤول الأول عن توظيف السعوديين، حيث إن قطاع التعليم هو الموظف الأول للسعوديين سواءً في الحكومة (أكثر من 60 في المائة يعملون بالتعليم) أو السعوديات (أكثر من 84 في المائة يعملن بالتعليم)، وحيث إن السعوديين والسعوديات الذين يعملون في المدارس الأهلية يقارب عددهم 30 ألفاً فإن من المفترض أن يكون لهم اهتمام خاص ودعم يتناسب مع طبيعة مهنتهم، فمن الظلم أن يعامل السائق كالمعلم في نظام صندوق تنمية الموارد البشرية والمعلم أولى من غيره ممن تم استثناؤهم. كما أن دعم هؤلاء المعلمين والمعلمات من السعوديين أولى من دعم البنوك بحسابات كبيرة لم يفصح عنها لدى الصندوق، والاستثمار في أبناء الوطن خير من ادخار هذه المبالغ التي لم تجمع إلا لتصرف على أبناء وطننا الحبيب الذي لم ولن يدخر وسعاً في عطائه لرخاء المواطن.