مكة أون لاين - السعودية علينا بداية أن نميز بين مستويين من السلوك الذي نسميه «إرهابا»، إن في تداخلاته القانونية (أي فيما إذا كان سلوك ما يعرّف في القانون بوصفه إرهابا ومتفقا أخلاقيا على تعريفه وعلى شرعية مؤسسات الأمن والقضاء للتعامل معه)، وإن في مبرراته ودوافعه. هناك أولا ما تفعله منظمات ومؤسسات عابرة للحدود كورقة سياسية، هذا خارج اهتمام هذا المقال. وهناك الإرهاب بوصفه ظاهرة اجتماعية داخلية، أي العنف خارج شرعية الدولة بمبرر ديني في المجتمع. مثل أغلب حالات «الإرهاب» التي عرفها مجتمعنا على مدى العقود الماضية من تاريخ مجتمعنا المعاصر. يحتاج الإرهاب -الذي عرّفناه للتو - إلى ثلاثة أركان ليسمى إرهابا: أولا: الغطاء الديني من كتب التراث الذي لا يرى أغلب من يتكلمون عن الموضوع سواه، فالتراث دائما (رغم أن العنف هامش في النظام الأخلاقي الإسلامي ومحدد بقيود) متهم دون تفكير أو تحليل للواقع الاجتماعي الذي تولد فيه الظواهر. ثانيا: الفاعل العقلاني الذي يقرأ التراث في أقصى تطرفه، و يرى مبررا أخلاقيا وحافزا لا يقاوم لتطبيقه، هذا إما أن ينتقل للفعل فيسمى «إرهابيا» (الانتقال إلى - خانة - الفعل مصطلح معروف في علم النفس)، وقد يظل خاملا في انتظار عوامل تحفزه. ثالثا: العمل «الإرهابي» أي العنف بأي صورة لمبرر ديني. بدون هذه الأركان مجتمعة لا يمكن أن نقول إن هناك إرهابا، وليس لدينا دراسات تظهر عدد السعوديين الذين من الممكن أن يكونوا إرهابيين لو توفرت الشروط المطلوبة. الإرهابي يتخفى عن الأنظار، يعرف أنه يخالف «الإجماع الأخلاقي»، ويخالف قواعد القانون التي تحفظ السلم المجتمعي. لا يخرج الإرهابي مزهوا يتجول في الشوارع بقنابله وأحزمته الناسفة ويلتقط الصور مع المارة. التستر على الإرهابيين جريمة أخلاقية وقانونية، هذه أبجديات يعرفها أي فرد في مجتمعنا. هل تعرفون أحدا تباهى بإيواء الإرهابيين أو التستر عليهم؟ لا توجد عصابة في العالم ليس لديها تراث تقرأه وقواعد للالتحاق والعمل. نحن نفكر في الإرهاب بوصفه خطرا على المجتمع ومعوقا للازدهار، أليس كذلك؟ إذن فلنفكر بالطريقة الصحيحة لنخلص للحلول الصحيحة: ما هي أسباب وجود «عصابة» الإرهابيين الخارجين على الإجماع الأخلاقي والسلم المجتمعي والقانون ولدى الحكومة شرعية كاملة للتعامل معها؟ إذن، ما هي الأسباب التي تؤدي إلى نشوء معوقات للازدهار ومخاطر على المجتمع وعلى الوحدة والسلم الاجتماعي؟