مكة أون لاين - السعودية الدستور في المجتمعات الحديثة هو النص القانوني الأعلى الذي يمثل اتفاقا عاما، اتفاقا لا يرقى إليه شك على الأسس التي يقوم عليها المجتمع ويبني عليها تطوره. ولذلك يمكن النظر إلى موضوع الدستور من ناحيتين: قيمته القانونية وقيمته الأخلاقية (الرمزية). فمن ناحية، الدستور نص قانوني، أي وثيقة ذات صيغة تعاقدية. وثيقة بين أفراد الشعب، على اتفاق المجتمع على مبادئه وكيفية إدارته وكيفية تطويره مستقبلا وضمان السلم المجتمعي. وبوصفه وثيقة قانونية، يحدد الدستور حقوق وواجبات الفرد في المجتمع حسبما يتوافق عليه. كما يحدد السلطات ووظائفها بما يضمن للمجتمع الازدهار والديمومة. من ناحية أخرى، فالدستور يمثل سجلا للقيم العليا للمجتمع التي تلخص تاريخه الطويل ودروسه ورسالته إلى المجتمعات الأخرى، وتوقه إلى المستقبل. وهذه هي قيمة الدستور الرمزية: أنه رمز الوحدة الاجتماعية وعقدها. هل يكفي دستور ليستقيم الحال في مجتمع ما؟ التجربة التاريخية تخبرنا أن الدستور وحده لا يكفي بل يجب أن يكون دستورا يحظى بالإجماع وترافقه ممارسة دستورية سليمة وإدراك بأن الدستور هو العقد الذي يحمي تماسك المجتمع وازدهاره. في موقع "الحياة العامة" على الشبكة المعلوماتية، وهو موقع تابع للحكومة الفرنسية وظيفته توعية الأفراد (الفاعلين العقلانيين في المجتمع) بقواعد وقوانين الحياة العامة في المجتمع، نجد إجابة لسؤال عنوان المقال: في غياب الدستور، تحكم العادة تنظيم مؤسسات الدولة، ولذلك مخاطر حكم عشوائي عالية للغاية. صياغة دستور تسمح ب: 1 - ضمان حقوق الجميع بالتساوي وضمان المساواة أمام القانون. 2 - تحديد وظائف مؤسسات الدولة واستقرار النظام السياسي في المجتمع. غالبية اللغط الذي يحدث في مجتمعنا تجاه كثير من القضايا مرده غياب دستور في المجتمع. فحين يكثر الكلام عن موقوفي الرأي، أو الموقوفين في سجون المباحث، أو المتهمين بقضايا إرهاب أو المتهمين بالتخابر مع دول أخرى أو حتى وظيفة "الهيئة" في المجتمع وقضايا الفساد فهذا لأنه ليس هناك دستور متفق عليه يحمي المجتمع ويكون أبا القوانين التي توقف الخارجين على الصالح العام. ليس الدستور ضرورة للأفراد في المجتمع فحسب، بل هو ضرورة لحماية نظام الحكم وضمان ديمومته. كل منا يستطيع في كل ما يحيط به أن يفكر في عشرات الأسباب التي تفرض الحاجة إلى دستور، واليوم قبل أي وقت مضى.