تنص المادة 12 في الباب الثالث من النظام الأساسي للحكم والمعنونة ب (مقومات المجتمع السعودي) على أن «تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام»، وهذا النص نص محترم تعارفت عليه معظم الأنظمة والدساتير في مختلف دول العالم. هذا النص يشكل حجر الزاوية في ديمومة وضمان وحدة وبقاء الدولة والكيان الأساسي، وبدون صيانته وتعزيزه يصبح أي بلد عرضةً للتمزق والانقسام والتفكك. فمما لا شك فيه أن الوحدة الوطنية محل إجماع من قبل جميع المواطنين لأنهم يرون فيها مصدر قوة وتماسك بينهم. في ظل هذا الإجماع يفرض علينا أسئلة عما ينبغي عمله لتفعيل هذا النص الدستوري المهم، وذلك ببعديه المتمثلين في تعزيز الوحدة الوطنية ومنع الفرقة والفتنة والانقسام، وما هي الجهات المعنية للقيام بهذه المسؤولية الكبيرة؟ ثم ما هي الخطط والبرامج التي قامت بها في هذا المجال منذ صدر النظام الأساسي للحكم عام 1992م حتى الآن؟ خلال العشرين سنة المنصرمة -أي منذ إقرار النظام الأساسي وإلى الآن- مرت المملكة بتحولات كبيرة وواسعة؛ اُستحدثت خلالها كثير من القضايا التي تستلزم إعادة مراجعة بعض النصوص الواردة في النظام وتطويرها بما يتناسب مع هذه التحولات والتغيرات القائمة، وذلك في ظل بروز نعرات بعضها علناً على فترات ساهمت في تصعيد حدة التحريض على الكراهية بين فئات من المواطنين مشتملة في ذلك على الإساءة والتهديد. الأمر الذي كان من شأنه -ولا يزال- تهديد أمن الوطن ووحدته، مما يستدعي وجود ضوابط متمثلة بمختلف أشكال الحماية القانونية مادياً ومعنوياً. فمن الناحية التشريعية، يلزم أن يتحول هذا النص الموجز والمختصر إلى مواد قانونية مفسرة بوضوح أكثر بعيداً عن الإجمال العام، واستحداث أنظمة وقوانين مستمدة من مضمون وروح هذه المادة المهمة. كما يلزم أن تؤخذ بعين الاعتبار جميع الأسباب الجذرية المعوقة للوحدة الوطنية والتأكيد على وضع الحلول المناسبة والبعيدة المدى؛ كسياسات وبرامج التنمية المتوازنة ، والمشاركة العامة. أما من ناحية الممارسات، فإنه يلزم إيجاد مؤسسات تهتم بترجمة مبادئ وقيم الوحدة الوطنية على أرض الواقع، وأن تكون قادرةً على معالجة أي خلل أو تجاوز في هذا المجال. لتتحول مختلف مؤسسات الدولة التعليمية والإعلامية والثقافية والسياسية راعية وحامية لهذه المبادئ والقيم.