شركة كوكا كولا الأمريكية، مثل أي شركة أخرى، همها الأكبر هو تحقيق أقصى مستوى ممكن من الأرباح، ولهذا فهي لم تجد ما يمنع من إنتاج فيلم ترويجي لمشروبها الشهير من خلال تكريس صورة نمطية سيئة عن العرب. ماذا يهمها من أمر العرب طالما هي تتوقع أن الفيلم سيسهم في ترويج بضاعتها!؟ الفيلم الترويجي تم بثه كخبر في أكثر من قناة فضائية وموقع إنترنت وشاهده كل المهتمين بمن فيهم العرب، وشركة كوكا كولا غير مهتمة بردود الفعل العربية سواء من قِبَلْ المنظمات العربية الأمريكية أو من الشعوب والحكومات العربية. لا أعرف كم تبلغ مبيعات كوكا كولا في العالم العربي، لكن المعروف أن شركة كوكا كولا امتنعت عن إقامة مصنع لتعبئة مشروباتها في إسرائيل حتى النصف الثاني من عقد الستينيات الميلادية من القرن الماضي خوفاً من المقاطعة العربية لمنتجاتها. وعندما تنبه اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة إلى ذلك ضغط على بعض الشركات الأمريكية لكي تقاطع منتجات كوكا كولا، وفي النهاية استسلمت الشركة للضغوط وأقامت مصنعاً في إسرائيل، فقاطعها العرب بدورهم بدءاً من أواخر الستينيات الميلادية حتى استسلموا وتوقفوا عن المقاطعة في مطلع التسعينيات. هل يملك العرب أي أوراق للضغط على شركة كوكا كولا لإلغاء إعلانها المسيء لهم؟ علينا أن نعلم أن العائدات المالية الكلية لشركة كوكا كولا من مبيعاتها في العالم بلغت في عام 2011 أكثر من 46 مليار دولار!! ولا بد أن مبيعاتها في العالم العربي تبدو متواضعة بالمقارنة مع ذلك الرقم لكنها تشكل حجماً ما. وأظن أن الشركة يهمها استمرار مبيعاتها في العالم العربي، ولو عرفت أن العرب سيقاطعونها فإنها ستقارن بين العائد المالي الذي سيجلبه لها الإعلان الجديد والعائد المفقود نتيجة المقاطعة العربية، وعندها ستصنع قرارها. أشك في قدرة العالم العربي على اتخاذ قرار بالمقاطعة، فقد قاطعوا الشركة من قبل ثم تراجعوا. لكن الشركة، هذه المرة، ليست في مقام المقارنة بين مصالحها مع اللوبي اليهودي ومصالحها العربية، وبالتالي فإن الوضع قد يكون مختلفاً لو أن الشركات العربية المتعاملة مع كوكا كولا الأمريكية أخذت زمام المبادرة وطلبت من «الشركة الأم» وقف الإعلان المسيء للعرب. كما أن العالم العربي اليوم غيره بالأمس خصوصاً في ظل مواقع التواصل الاجتماعي التي لو تم توظيفها لمقاطعة منتجات الشركة فسوف يكون لها أثراً موجعاً عليها. على هذه الفروع والوكالات العربية أن توصل رسالة فورية إلى هذه الشركة تتضمن طرحاً مقنعاً بأن إعلانها المسيء كان فكرة غبية، وأن الإعلان لا يخدم مصالحها في العالم العربي. وفيما لو تقاعست هذه الفروع والوكالات فهي الأحق بالمقاطعة من قبل المستهلك العربي، وسوف يوجعها ذلك كثيراً لأنها - في النهاية - ليست كوكا كولا الأم بمدخولاتها المليارية العالمية حتى وإن تعاظمت مدخولات الوكلاء المحليين بمقاييسنا العربية المحدودة.