واشنطن - أ ف ب - قبل 125 سنة، خلط صيدلاني من أتلانتا عقاقير لمعالجة أوجاع الرأس والإرهاق، مبتكراً وصفة أصبحت في ما بعد واحداً من اكثر المشروبات الغازية شهرة في العالم وعلامة مسجلة سميت «كوكا كولا». واحتفلت كوكا كولا ليل السبت - الأحد في أتلانتا، بمرور 125 سنة على دخول جون بمبرتون في العام 1886 الثقافة الأميركية من بابها العريض، من خلال ابتكار المشروب الغازي الذي يباع اليوم في أكثر من 200 دولة، ما يدر على الشركة أرباحاً تجعل منها من بين ابرز 100 شركة في العالم. وبخلاف الأنواع المتعددة لهذه العلامة التجارية و«كوكا دايت» مثالاً، تبقى الكوكا العادية مشروب الصودا المفضل عالمياً، إذ يحصد 17 في المئة من السوق العالمية. ووصفة الكوكا كولا تعتبر سراً تتناقله الأجيال، ولكنها محفوظة بعناية، في قبو في الشركة كما تقول الأسطورة. ويقول مارك بندرغراست، في كتابه «لله والبلاد والكوكا كولا»، الذي يؤرخ لسيرة هذا المشروب، أن «قصة الكوكا كولا الملحمية بقيت محفوظة وتم الاعتناء بها عبر السنوات». أما النسخة الرسمية لتسلسل الأحداث في هذه الرواية التي تؤرخ لصعود المشروب، ف «تحمل العلامات المميزة لأسطورة النجاح الأميركي». ووفقاً للأسطورة التي حيكت حول الكوكا، فإن الفقير الطيب بمبرتون تحول من غسال أوان إلى مليونير. ولكن بمبرتون كان مجرد طبيب أعشاب وقع صدفة على هذه الوصفة السحرية، في فناء منزله الخلفي، كما يؤكد بندرغراست. وكان الكوكا كولا منتجاً جانبياً نموذجياً خلال «العصر الذهبي لمصنعي الأدوية الدجالين»، في نهاية السنوات 1800، حيث كان العديد من الأطباء يحاولون تسجيل براءة اختراع لكل أنواع العقاقير والعلاجات لمختلف أنواع الأمراض. وكان الصيادلة ومصنعو الأدوية الدجالون يعرضون سلعهم للبيع في الشوارع، في ظل الفوضى التي تفشت إبان عصر التطور الصناعي، من اجل علاج كل أنواع الأمراض، وكانت تلك بدايات الطب العصري. ويشير بندرغراست إلى أن طعم الكوكا كولا الأصلي كان مختلفاً جداً عن طعمه اليوم: «لقد كان مثل غيره من المشروبات السرية، علاجاً مسجلاً مع نفحة كوكايين متميزة». ويعتقد أن بمبرتون اكتشف «معجزته» الطبية الجديدة في 8 أيار (مايو) 1886، وسماها «كوكا كولا». في البداية، تحاشى الناس تناول إكسير الحياة المذهل هذا. وفي السنة الأولى لم يبع الرجل إلا ما معدله تسعة كؤوس من المشروب يومياً. ولم تزدهر الأعمال حتى عام 1888، عندما اشترى رجل الأعمال آزا شاندلر حقوق التصنيع، وبدأ في إنتاج هذا «العقار الطبي» ولكن كمشروب غازي منعش. وما هي إلا سنوات قليلة، حتى بات كوكا كولا المشروب المفضل في الولاياتالمتحدة، قبل أن يعبر المحيط الأطلسي، باتجاه أوروبا عام 1919، حيث تم طرحه للبيع في فرنسا، ومن ثم في ألمانيا في 1929. إلى جانب نجاحه كسلعة، يعتبر الكوكا كولا، ظاهرة ثقافية. فهو يبقى المشروب المفضل رقم واحد عالمياً، رغم القلق الناجم عن احتوائه عنصر السكّر، في وسط ارتفاع مستويات البدانة وخصوصاً عند الأطفال. وحققت الشركة العام الماضي، عائدات صافية قدرت بنحو 35 بليون دولار، ما درّ عيها أرباحاً بلغت 12 بليون دولار. ويقول مايكل اف. جاكوبسون، من مجموعة الضغط «مركز من اجل العلم في المصلحة العامة» أن بيع هذا المشروب على نحو متزايد للأطفال سيؤدي إلى «كارثة في الصحة العامة». أما كونستانس هايز فتقول في كتابها «ذي ريل ثينغ: تروث اند باور ات ذي كوكا كولا كومباني»، إن من الصعب هزيمة عملية التسويق الحيوية تلك وإسقاط صورة العلامة التجارية التي حولت الكوكا بشعاره الأبيض والأحمر المميز، من مجرد سلعة استهلاكية إلى سلعة مشتهاة». وأتى ذلك «من خلال إعلانات متواصلة وخطة تسويق ذكية وأحياناً بفضل الحظ فقط». ولكن ماذا عن الوصفة السرية هذه؟ هل ستبقى محفوظة تحت سابع ارض، حتى لو ادعى البعض انهم اكتشفوا بالفعل الخلطة الدقيقة للكوكا؟