ابو (منصور) شاب في منتصف الستينات تقاعد قبل سنتين بعد خدمة وطنية تجاوزت اربعين عاما لم يأخذ طوالها اجازة الا سبعة اشهر متقطعة -مجبرا- بسبب الحاح زوجته ، ولم يتأخر عن الدوام الا لايام معدودة لأسباب قاهرة ! وبعد صدور قرار تقاعده وبسبب ادمانه على العمل حاول (ابو منصور) التمديد لكن كونه تجاوز الستين كان عائقا أمام شركة الاستشارات التى تقدم كل الخدمات لوزارته من التعاقد معه وبالتالي قرر مواجهة الفراغ بفتح حساب له في تويتر حتى يقتل وقت فراغه بالتغريد او بتعقب المغردين ولكونه من مدرسة المحافظين فقد قاده تفكيره العفوى - كالآلاف من العرب - الى اسم وهمي واختيار صورة وهى عبارة عن فارس يمسك بسيف قاطع. بدأ ابو (منصور) التخفي وممارسة التُقية في التغريد تحت اسم (فاضح الخونة) - رغم انه كان وطوال عقود يتهم زميله ابو(عباس) بأنه يمارس التقية ! ، ولأنه خاوي الفكر فلا توجد تغريدات لأبو منصور سوى الشتم والتخوين ، ولا ينسى ابو (منصور) ان يغرد وبشكل يومي احد القراءات لأحد المقرئين دون ان يستمع اليها وذلك لضمان انه يتظاهر بالفضيلة وانه يحب نشر الخير . يصحو ابو منصور صباحا ليفتح جهاز الحاسب الآلي ليقرأ ما فاته من تغريدات طوال الست ساعات التى ضيعها بالنوم بعيدا عن تويتر ! وليستمر متنقلا بين رحابات تويتر وخلال فترة الظهيرة والعصر يجري ابو (منصور) عشرات الاتصالات وإرسال عشرات الرسائل حول نشاطات المغردين لأبو (فيصل) في وزارة شئون التغريدات . وبعد اداء سريع لصلاة المغرب يتجه ابو (منصور) لحضور جلسة وعشاء ابو (نواف) والتى طالما كانت تعج بأحاديث الثقافة والأدب والشعر ورواية بطولات العرب في الفتوحات والتى وصلت الى جبال الالب الاسبانية وقاربت سور الصين العظيم ، اما الان فان الجلسة اصبحت( تويترية) بحتة فلا حديث الا عن (متنبي العصر الحديث وشاغل دنيا العرب -تويتر)، يبدأ ابو منصور بعد السلام خلال فترة العشاء ينشغل الضيوف بالأكل الا ابو (منصور) والذي تطور وأصبح يحمل (آي باد) وفجأة يصرخ (انه يسخر من خالك) لقد عاد المغرد المشاكس للحديث عن خال ابو (نواف) والذي تولى رئاسة (نادى المحرومين) منذ اربعين سنة ولم يقدم للنادي أي فوز الا ان ابو منصور يقطع الأكل ليقوم من مكانه ليقرأها على ابو(نواف) خشية أن يمسحها المغرد المشاكس اطلاع ابو (نواف) على تغريدات البعض الذين هاجموا احد المغردين لأنه تجاوز خطوطهم الحمراء ثم ينتقل ابو منصور ليقرأ للحضور تغريدات النشطاء السياسيين وخاصة المغرد (سياسي) . و يصرخ ابو (منصور) وهو يتابع المغردة (المشاكسة) والتى طالما ما دافعت عن الطفل (فراس ) والذي غرّد عن حديقة الحيوانات واقترح على مدير البلدية تحسين وضع القطط في فصل الشتاء ، ورغم ان التغريدة بريئة الا ان ابو(منصور) واستنادا على حسه الرقابي وثقته في ابو (نواف) اكد ان (فراس) تجاوز الخطوط الحمراء عن قصد. خلال فترة العشاء ينشغل الضيوف بالأكل الا ابو (منصور) والذي تطور وأصبح يحمل (آي باد) وفجأة يصرخ (انه يسخر من خالك) لقد عاد المغرد المشاكس للحديث عن خال ابو (نواف) والذي تولى رئاسة (نادى المحرومين) منذ اربعين سنة ولم يقدم للنادي أي فوز الا ان ابو منصور يقطع الأكل ليقوم من مكانه ليقرأها على ابو (نواف) خشية أن يمسحها المغرد المشاكس... تنفض الجلسة وينام ابو (منصور) على مضض وهو ينتظر تغريدات الغد وهو يردد (وَيْلٌ لِّلْمُغردِينَ).