لأن مغردي (التويتر) يتمتعون بحرية مطلقة وهذا من فضل الله عليهم أولا ومن توفيقه لبعض خلقه ثانيا لكي يسهلوا لأبناء هذا العالم التواصل فيما بينهم بيسر وسهولة فإن هذه الحرية جعلتهم يتفقون (أحيانا) ويختلفون أحيانا أخرى ولكن هذا الاختلاف قد يخرج عن منحاه الطبيعي المقبول فيتحول إلى ما يشبه الصراع بين فئتين كل فئة لها منهج خاص في التفكير، وقد اتضح هذا الصراع الفكري في النظرة إلى إعصار (ساندي) الذي ضرب بعض السواحل الأمريكية وأحدث فيها أضرارا كبيرة. البعض أظهر الفرح بهذا الإعصار لأنه أحدث أضرارا بالأمريكان وهذا البعض كان يتبع إظهار الفرح بالدعاء عليهم بالهلاك وربما ألحق كل الكفار بهذا الدعاء وما أشبهه من أنواع الأدعية.. أما الجانب الآخر فقد كان يظهر السخرية بجهل الطرف الآخر؛ فكل الاختراعات المادية التي يستخدمها الطرف المعارض من المخترعات الأمريكية أو الأوروبية فكيف يدعون على قوم يعتمدون عليهم في معظم شؤون حياتهم !!. ولأن هذا النوع من الاختلاف يظهر ما بين آونة وأخرى ويظهر العجز عن إدراك بعض الحقائق السياسية أولا وبعض الحقائق الشرعية ثانيا فإن من المصلحة لكل أبناء المجتمع وضع الأمور في نصابها السليم لكي لا يمارس البعض بعض الأعمال التي لا تتفق مع دينهم ومصالحهم. أتفهم كراهية كثير من المسلمين وليس السعوديين وحدهم للأمريكان بسبب سياساتهم في البلاد الإسلامية عامة، وبسبب قضية فلسطين بشكل خاص، ولعل هذا الواقع هو الذي يدفع البعض للاندفاع في التعبير عن هذه الكراهية بطرق متنوعة!!، لكن الذي أفهمه أن الذي يمارس هذه السياسة ليس الشعب الأمريكي وإنما الحكومة الأمريكية وهناك فرق كبير بين الاثنين !!، والذي يعرف الأمريكان يعرف أن معظمهم لا يعرفون كثيرا من السياسة فهذه ليست من أولوياتهم فقد تركوها لحكومتهم وانشغلوا بحياتهم الخاصة. والأمر الآخر، إن معظم الأمريكان لا يحملون حقدا مسبقا للمسلمين مثل بعض الشعوب الأوروبية ولهذا فإن الإسلام ينتشر بسرعة في أمريكا وهذا يعرفه من عاش هناك خاصة قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 م ، وبالتالي فإن الأمريكان ليسوا أعداء للعرب أو المسلمين بالمطلق، أما حكومتهم فهي تبحث عن مصالحها ولو وجدتها مع العرب والمسلمين لتغير الحال!!، القضية الأخرى إن الدعاء على عموم غير المسلمين بالهلاك، أو الأمراض أو ما شابه ذلك من الأدعية لا يجوز شرعا وإنما يخصص الدعاء على من قاتل المسلمين أو على أشخاص أساؤوا إلى إلاسلام وأهله، أما الآخرون فلا يجوز الإساءة إليهم واستغلال بعض الظروف لمثل تلك الأدعية. وإعصار (ساندي) ليس الأول الذي يضرب بعض السواحل الأمريكية فقد سبقه عشرات أعاصير وربما يلحقه أعاصير أخرى، وهذه إرادة الله عز وجل وربما تصلنا هذه الأعاصير يوما ما فقد وصلت جيراننا سلطنة عمان وأحدثت أضرارا كبيرة هناك، فهل يسعدنا لو حصل ذلك أن نسمع الغربيين والأمريكان يظهرون الفرح والشماتة بما حصل لنا من آلام لأننا (مسلمون) ؟!!. سمعت مثل هذا الدعاء من أحد خطباء الجمعة حيث سأل الله أن يهلكهم ويجمد الدم في عروقهم.. إلخ فقلت له بعد الصلاة : لو استجاب الله دعاءك فستتوقف حياتنا لأن معظمها متوقف على ما نستورده منهم !!، ونحن لم نستطع حتى الآن الاعتماد على أنفسنا حتى في أبسط الأشياء وقلت له ولغيره إن ما ألبسه من قمة رأسي حتى أخمص قدمي كله مستورد فكيف أصنع أنا وغيري لو مات هؤلاء جميعا؟!. إن الفهم السليم للإسلام ولواقع حياتنا يفرض علينا أن لا نذهب بعيدا في إظهار الكره والحقد على سائر الغربيين والأمريكان، فقد عاش في المجتمع المسلم جماعات تنتمي إلى كل الأديان والطوائف وكانت تتمتع بحقوقها مثل سائر الطوائف الأخرى، ولو كان الخلفاء الأوائل ينظرون إلى غير المسلمين كما ينظر إليهم البعض اليوم لما بقي أحد من غير المسلمين في المجتمع المسلم. هذا ما لم يحصل.. ما أحسن الاعتدال وما أجمل الفهم السليم لديننا الرائع الذي يعطي كلا حقه دون بخس أو تطفيف .