يأتي إعصار ساندي ليكشف الكثير من المستور. كما المحن التي تُظهر المعادن. كشف المستور، لا على مستوى الاستعداد لأي كارثة، وإنما ليفضح بعض الأدواء التي نعاني منها ثقافياً. الدعاء على الآخرين بالهلاك أمر عجيب، أن يتمنى البعض زوال كل البشر وبقاءه هو ومن معه في الفكر على ظهر الكوكب أمر ضد الطبيعة والشريعة، ذلك أن الله قادر على أن يخلق كل الناس على الإسلام لكنه أراد له الاختلاف. فُجعنا بدعوات تنادي بالهلاك المطبق وريح مثل ريح عاد وصيحة مثل صيحة ثمود للأميركيين جميعاً، مع أن الرسول عايش اليهود والنصارى، وفي الحديث الصحيح أنه توفي عليه السلام ودرعه مرهونة عند يهودي! يجلس هذا العبقري، متأبطاً كمبيوتر ماك، يختلس النظر من شاشة هاتفه إلى هاتفه الآي فون، يغرد نعيقاً فيدعو على البشر بالهلاك. يتمنى أن يكون الإعصار ساندي، مدمراً لأمريكا ومن فيها! وينسى أو يتناسى أنه يدعو على مجتمع آوى أبناءنا المبتعثين، ففي أميركا 47 ألف مبتعث يصل عددهم مع مرافقيهم 70 ألفا، وتمثل الطالبات 30 في المئة من العدد الإجمالي للمبتعثين في أميركا وذلك بحسب صحيفة "الاقتصادية". بمعنى أننا بدعائنا على الأميركيين إنما ندعو على آلاف المبتعثين من السعوديين المسلمين! هذا على فرض صحة مبدأ الدعاء على الكفار بالإطلاق. وهذا الدعاء يبين مستوى عدم الوعي بالدعاء نفسه، الذي هو صلاة وصلة بين الإنسان وربه، والاعتداء في الدعاء هو عمل عنفي كلامي، وإلا فكيف يدعو الإنسان على 300 مليون إنسان في أميركا، وبخاصة أننا ندعو على أنفسنا لجهة وجود المبتعثين، ناهيك عن ارتباطنا اقتصادياً بالاقتصاد هناك، فلو عطست أميركا، لأصيب العالم كله بالزكام. نسي هؤلاء أن الإعصار هبط بأسعار النفط ونحن دولة نفطية و20% من استيراد الولاياتالمتحدة للنفط هو نفط سعودي، بمعنى آخر، لا نكن من السذاجة بمكان لأن ندعو على أنفسنا ولكن بشكل غير مباشر. البشر يتكاملون مهما كانت انتماءاتهم وأديانهم، وإرادة إهلاك ال4 مليارات ونصف المليار غير المسلمين في الكرة الأرضية فكرة عجيبة وضد نواميس الكون وقانون الوجود. الاختلاف ضرورة، ولو أراد الله لخلق الناس منذ ولادتهم على الإسلام لكنه أراد التنوع والاختلاف! بآخر السطر، لنكن أقل كراهية وعنفاً مع المجتمعات الأخرى، حتى مع اختلافنا مع الحكومة الأميركية بمواقفها السياسية، غير أن الشعب الأميركي لا يكن الكراهية في مجمله للسعوديين أو المسلمين، بل يدافعون عن حرية المسلمين في الحجاب والعبادات، فهل من مدّكر؟!