د. عبدالقادر بن عبدالرحمن الحيدر - الاقتصادية السعودية مما لا يدع مجالا للشك، أن للولايات المتحدةالأمريكية بحكم نفوذها الاقتصادي والعسكري والاستخباراتي تأثيرا كبيرا في كثير من القرارات السياسية في المنطقة العربية، على سبيل المثال هناك دول هي في واقع الأمر صنيعة للاستخبارات الأمريكية، فإزالة الحكم الملكي الليبي وتولية القذافي الحكم، أعلنه السفير الأمريكي للملك السنوسي في قصره الملكي في بنغازي عام 1969، حين رفض الملك السنوسي أن تُقدم المساعدات الليبية للدول الإفريقية باسم الأمريكان، مع العلم أن كثيرين كانوا يتصورون أن السنوسي كان دمية بيد الأمريكان، لذلك عندما جاء القذافي أصبح بخطاباته النارية يحارب الأمريكان لإثبات عدم عمالته، ولا ننسى رد خادم الحرمين الصريح الملك عبد الله (حفظه الله) عليه وعلى تاريخه ومن جاء به إلى الحكم. لكن - الحمد لله - أعلنها القذافي بملء فيه: «أنا كنت حليفكم أيها الغربيون وكذلك دولة إسرائيل، وقد حميتكم وضحيت من أجلكم»، ولكنه نسي أو تناسى بأنه لا يختلف عن أي شيء من الموجودات، بعد أن انتهى عمره الافتراضي، فالأمريكان ليس لهم صديق دائم، بل مصالح دائمة. كان صدام حسين في بداياته، ولفترة طويلة، صديقا غير معلن للأمريكان، ولكن فصول مسرحية تلك العلاقة أوقعته وبمباركة أمريكية في فخ احتلال الكويت، واعتبر الأمريكان هذه نهاية خدمة صدام، سؤالنا إلى الساسة الخليجيين، ما دام أنه لا توجد أخلاقيات أو صداقات في السياسة الأمريكية، هل يمكن أن نعاملهم بالطريقة العربية أو الإسلامية مقابل طريقتهم الهوليوودية؟ أي قد يتحول دور البطل إلى جبان والعكس صحيح، فيكون التعامل مبنيا على مصالح متحركة، فالشيء غير الموجود في قاموسهم السياسي هو الصداقة المجردة. تجربتنا مع الأمريكان في العراق كانت مريرة، فقد كان لدول الخليج الدور اللوجستي في سقوط نظام صدام، لكن بعد أربع سنوات صرح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بتصريح تاريخي شجاع وصريح ضد الاحتلال الأمريكي وتسليم العراق للاحتلال الإيراني، الذي حسب فصول المسرحية الهوليوودية يعتبر أمريكا الشيطان الأكبر، وهي بالفعل الشيطان الأكبر لأنه سلمهم العراق على الرغم من المناوشات الإعلامية التمثيلية. وقد أجمع الكثيرون من العراقيين أن سبب قوة النفوذ الإيراني في العراق هو وجود القوات الأمريكية التي تدافع عن بقائه، بل إن حلفاء إيران جميعهم (بما فيهم الصدر وجيشه) يصرون على تمديد بقاء القوات الأمريكية في العراق. لنا كذلك، في البحرين تجربة واقعية، فلو عملت دول الخليج بنصائح الأمريكان لاحتلت البحرين من قبل إيران بل وحسب الكثير من التقارير فإنهم لا يمانعون من تقسيم بعض دول الخليج (الحليفة لهم) بل وابتلاع غيرها من قبل الإيرانيين. خلاصة القول إن السياسة الأمريكية مبنية على المصالح المؤقتة، وليس لديهم صديق دائم أو حتى عدو دائم، فهم في واقع الأمر يحرصون على وجود عدو مصطنع أو حتى حقيقي حتى يكون لهم مبرر للإنفاق العسكري والتدخل في شؤون الدول، فهم سياسيون قبل كل شيء، فالسياسة لديهم كما قال رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل (ليس لنا أصدقاء ولا أعداء ولكن لنا مصالح)، وقد سبق قبل شهر أن أشار رئيس التحرير في مقاله رائعة «نحن وأمريكا .. الصداقة أم المصالح»، أوصي بقراءتها وقراءة تعليقات القراء. كما أود في الختام أن أهمس في إذن من يهمه الأمر وأقول: خل بالك من أمريكا وخل بالك على عيالك!!.