أعرف أن هناك اختلافا كبيرا في نظرة المجتمع السعودي في التعاطي مع بعض قضايا المرأة؛ فهناك اختلاف حول قيادتها للسيارة، واختلاف حول ممارستها للرياضة، وأيضا حول عملها في بعض الأماكن التي تبدو فيها شبهة الاختلاط، وأشياء أخرى من هذا القبيل.. أقدر هذا الاختلاف، وأعرف أنه حق لكل أحد، فالمرء له كامل الحرية في إبداء رأيه في أي قضية تمس مجتمعه وأمنه وقيمه، لكن الاختلاف يجب أن لا يصل إلى حد الاعتداء على كرامة الآخرين وكيل الصفات السيئة لهم دون وجه حق.. فالذين ينادون بحق المرأة في قيادة السيارة، أو العمل في بعض الأماكن شبه المختلطة أو ممارسة الرياضة في المدارس ليسوا أعداء لهذه البلاد، كما أنهم لا يتلقون توجيهات من أحد، ولا يصح إطلاق تهم تمس أخلاقهم أو دينهم، وإنما يجب أن تنحصر وجهة نظر الآخرين لهم بأن ما ينادون به يعبر عن قناعاتهم، وأن لهم الحق في هذا التعبير. كما أن الذين قالوا بعكس ذلك ليسوا متخلفين، ولا طالبانيين، ولا يريدون العودة ببلادنا إلى عصر التخلف إلى غير ذلك من الصفات السيئة التي أطلقها البعض على من نادى بذلك وإنما يجب النظر إليهم على أنهم مؤمنون بما يقولونه، وأنهم ينطلقون من قناعاتهم بمصلحة الدين والوطن ولا شيء آخر، لكن الذي وقفت عنده طويلا الاتكاء على النظرة الجنسية للتدليل على ضرورة منع المرأة من ممارسة بعض حقوقها، وكأن المرأة كائن لا يملك أي إرادة وكأن الرجل كائن ينتظر أي فرصة للانقضاض على فريسته التي بحسب تلك الرؤية ستستجيب له مباشرة!! فإذا قادت المرأة السيارة فإنها ومنذ خروجها من منزلها وحتى عودتها فإنها متهمة جنسيا، أحيانا رغم أنفها، وأحيانا بإرادتها!! هكذا قال البعض!! والذين مع قيادتها للسيارة أيضا هم متهمون في دينهم وأحيانا في شرفهم وولائهم لبلادهم .. هكذا قال السيد المنجد، لست أدري كيف استساغ أن يقول مثل هذه الأقوال؟! والمرأة إذا مارست الرياضة في المدارس فهي معرضة لفقدان غشاء البكارة!! ولست أدري أهم أكثر حرصا من الفتاة على غشائها أم هي؟! أما الطامة الكبرى في الهوس الجنسي عند البعض فهو اتهامهم لمطار جدة الجديد بأنه يمثل عملية جنسية!! ولست أدري كيف يضيع أحدهم وقته للوصول إلى هذه النتيجة التي لم تخطر على بال أحد؟! ثم ما المصلحة من مثل هذا الكلام؟! كنت أتمنى من الممانعين أن يطرحوا بدائل معقولة كما فعل الأخ إبراهيم السكران، وأن يبتعدوا عن طرح الاتهامات للمرأة في دينها أو عرضها فهذا غير مقبول ولا مبرر .. . * أكاديمي وكاتب