محمد بن عبدالله المشوح - عكاظ السعودية يروى عن أحد المشايخ، وهو من العلماء الذين تولوا التعليم والتدريس والإفتاء في مدينة بريدة، وتوفي رحمه الله ولم يتجاوز عمره خمسة وأربعين عاما إلا أنه كان آية في الزهد والورع والعبادة، أنه لما توفي لم يكن له عقب وورثه أخ له كان رجلا عاديا بسيطا، فأخذ «المشلح» أو «البشت» العائد للشيخ ثم نفضه وقال «والله إن ما رأيته من الطاعة مع الشيخ لأرينك مثله من المعصية». تذكرت ذلك وأنا أتابع مناشط وحراك وليالي نادي الرياض الأدبي الذي يريد أن يعوض سنوات الهدوء التي عاشها فترة من الزمن .. فلا تمر ليلة من لياليه إلا وثمة منشط أو أمسية أو ندوة أو دورة وكانت له سنن ومبتدعات حسنة. المفاجأة غير المتوقعة أن يتم إيقاف بعض مناشط النادي خصوصا الدورات. لقد شاهدت ووقفت على تلك الدورات التي أقامها النادي والتي كانت مبتكرة ورائعة في موضوعها وتتماشى جملة وتفصيلا مع دور النادي الثقافي والأدبي. القائمون على الدورة ينظمونها تبرعا واحتسابا بدلا من تلك المبالغ الخيالية التي تستهلكها مقرات التدريب ومراكزها التي تستحلب مبالغ من شباب وفتيات قد تكون قوتهم اليومي إلا أن رغبة بعضهم في تنمية مهاراته وقدراته ومعلوماته تقوده إلى دفع تلك المبالغ على مضض وإكراه. النادي مشكورا قام بهذه الخدمة والعمل الإبداعي المتميز بلا مقابل وإلا فما معنى حضور أكثر من مائة مشارك في دورة المخطوطات التي أقامها الدكتور عبد العزيز المانع. ومثلها في التصوير الفوتوغرافي وكتابة القصة والنص المسرحي وغيرها كثير ثم يتم حجب دورة في كتابة المقالة والصحافة الإلكترونية!!!. أعتقد أنه كان من المتعين أن يتم إسداء الشكر وإعلان التميز لنادي الرياض الأدبي على هذا الحراك الكبير الذي يقوده وسط العاصمة الرياض واستطاع بفاعلية ومهنية وجدية عبر المايسترو القدير الدكتور عبد الله الوشمي أن ينال باستحقاق شكر وتقدير أمير الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز الذي يسعد بهذه المناشط التي تزيد الرياض إضاءة ووهجا في سماء الثقافة العربية. إن من واجبنا ككتاب أن نعلن الإشادة كما نرصد التقصير، ونادي الرياض الأدبي الذي قاد ليالي التكريم والوفاء لغازي القصيبي وأبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري والشيخ عبد الله بن إدريس وسن الأسابيع الثقافية وخصص ليالي لبعض الدول والجاليات المقيمة تعرض فيه إبداعها وثقافتها وفنها. يؤكد كذلك على إعلان حالة الرفض للركون والركود والتكاسل وأكد على النزول إلى ميدان العمل بتلك المناشط المتزاحمة حتى لم يبق مثقف أو فنان أو ناشط ثقافي إلا ودلف أبواب النادي. فالليلة اليمنية وأسبوع الرياض الثقافي، حتى منبر النادي الذي حضرت وشاركت في بعض مناشطه صفق له الجميع فلم يقتصر على الدقة والتمييز في الأسماء والمشاركين بل في المواضيع الجديدة والفاعلة والمشاركة المقدرة من نخب المدعوين والمبدعين. هل كنا نتصور أن يتم دعوة السفارة اليابانية لتقيم نشاطا ثقافيا في النادي تقدم إبداعات فنية ضاقت بها الصالة والممرات. زادها إبداعا وجمالا ومشاركة بعض الطلاب السعوديين الذين يدرسون اللغة اليابانية فكانت ليلة سعودية يابانية قمراء. السؤال الأبرز والأهم لماذا يتم إيقاف بعض تلك المناشط والدورات من قبل وكالة الثقافة بدلا من دعمها وتشجيعها. هل تمت مساءلة بعض الأندية الأدبية في بعض مناطق المملكة والغارقة في سبات عميق عن سبب غياب مناشطهم وعدم تقديمهم لبرامج ثقافية فاعلة بدلا من مساءلة العاملين النشطين. لن أقف مادحا أو مشيدا بنادي الرياض الأدبي لكن وقفة صادقة منصفة مع حشد من الأعمال والمناشط سوف تقود حتما إلى أهمية وضرورة الإسراع بعرض تجربة النادي على بعض الأندية الأدبية التي مازالت تفكر كيف تبدأ؟. كما أن إقامة معارض خيرية للكتاب المستعمل والجديد قدمت أنموذجا فاعلا على تنمية روح القراءة ونشر الكتاب. لقد توقفت كثيرا عن سر وسبب الحضور الكثيف للدورات الإبداعية التي يقيمها النادي فعزوتها في نظري إلى أسباب بعد أن تأملت كثرة الحضور من الشباب والفتيات. أدركت أن السبب أنها استطاعت أن تخاطب الجيل الحاضر في مجتمعنا السعودي وهم الشباب الذين يبحثون عن تنمية مهاراتهم وإبداعاتهم وابتكاراتهم، وهناك ثمة تساؤل مشروع ومطروح وهو هل النادي الأدبي معنى ومناط به إقامة مثل هذه الدورات الإبداعية؟ أعتقد أن ليس ثمة مانع، فهي تصب في خدمة المشهد الثقافي الذي يقصد منه أساسا تنمية وإذكاء روح الإبداع لدى الجنسين لينهضا بإبداعهم ومواهبهم التي استطاع النادي عبر عقله المستنير ورؤيته المنفتحة وصدق القائمين عليه وعلى رأسهم رئيسه الفاعل النشط قادت إلى هذا التفاعل الكبير الذي مع الأسف كانت نهايته إيقاف هذه الدورات. [email protected] فاكس : 014645999