هل كان سعادة الدكتور – أحمد العيسى – صاحب النظرية الشهيرة عن اختطاف المناهج وجسد التعليم، يريد ترميم علاقته مع أقصى اليمين الإسلاموي المتطرف على حساب الكاتب يحيى الأمير، وهل أراد أحمد العيسى من نقده الجارح لحلقة طاش عن مناهج التعليم أن يعيد بناء الجسر بينه وبين ذلك الفريق على طريقة – قلب الدفاع – الذي سجل الهدف في مرماه ليرضى كباتنة الهجوم الذين حاصروه كل ثواني ودقائق المباراة. في بحر الأسبوع الماضي، قال أحمد العيسى – هنا في ثقافة "الوطن" – إن يحيى الأمير عاد بنا إلى المربع الأول في الجدل الوطني الشامل حول تقييم وتقويم المناهج وأن حلقة الأمير المكتوبة لحلقة طاش التلفزيونية ربما تستفز أكثر مما تحاول أن تشرح وأنها تقتل الجهود الرامية إلى إصلاح الخلل أكثر مما تجرح. والمدخل اليوم إلى رؤية أحمد العيسى الطويلة تبدأ من مسيرة العودة إلى – المربع الأول – فأي مربع يظن العيسى أن الأمير أعادنا إليه. الذي نعلمه جيداً جيداً أن الدكتور أحمد العيسى بنهايات العام 2008 فقط، وأشدد هنا على (نهايات العام 2008) وقبل أقل من عام بالتحديد كان وحده صرخة وطنية هائلة لم تحدثها العشرات من حلقات طاش وهو يجسد ذات رؤية يحيى الأمير مرتين متتاليتين ولاحظوا قبل أقل من عام: المرة الأولى حين كتب كتابه الشهير الذي كان أكبر حجر في بحر اختطاف المناهج وبنية التعليم بما أحدثه من جدل وطني عارم وجرأة غير مسبوقة ونقد إحصائي أكاديمي وإثباتات جريئة حول سيطرة التيار الديني المتطرف على بنيتي بناء التعليم والمناهج. وفي المرة الثانية، مطلع هذا العام بالتحديد، كان الدكتور أحمد العيسى ضيف برنامج – إضاءات – الشهير مع الزميل تركي الدخيل فلا أظن أن أحداً من قبل العيسى قد قال بكل صراحة لا مواربة فيها كل ما كان خلاصة الحوار الوطني حول هذه النقطة الجدلية بالذات، وما زالت هذه الحلقة الشهيرة من – إضاءات – على موقع قناة العربية حتى اللحظة لمن أراد بالبرهان أن يتثبت من أن مواقع أحمد العيسى متقدمة جداً في الطرح والجرأة اللامسبوقة التي، مع احترامي لما كتبه الأمير، ولكن حتى بأي قياس فإن – طاش – أحمد العيسى الحقيقي، وبقلمه في الكتاب وبلسانه في البرنامج لا يمكن بينهما المقارنة والمقاربة. تعالوا الآن لآخذكم إلى مقتطفات حرفية من كتاب الدكتور أحمد العيسى (إصلاح التعليم) الصادر للتو قبل بضعة أشهر كي نكتشف بالبرهان أنه أول من اقتحم المربع الأول الذي يقول إن يحيى الأمير أعادنا إليه، رغم أن يحيى الأمير، وبالإثبات، قد كتب حلقته التلفزيونية الشهيرة في فترة سبقت طباعة كتاب العيسى الأخير. يقول أحمد العيسى بالحرف: (لقد فقد الفكر التربوي والتعليمي هويته الحقيقية في ظل تأزم ثقافي عام شهدته الساحة الفكرية السعودية في العقود الثلاثة الماضية بين التيارات التي تدعي الأصالة والتي تسعى بما تملكه من (نفوذ) إلى التمسك بهوية متشددة في البلاد وبين التيارات التي تسعى إلى الحداثة ومزيد من المشاركة مع العالم والافتتاح. (يواصل) لقد نشأ صراع على مستقبل الجيل الشاب وعلى العقل والتوجهات والانتماءات ليس من خلال مناهج التعليم الرسمية فحسب، بل أيضاً من خلال مناهج (خفية) يتبناها بعض المعلمين (المؤدلجين) والتي أصبحت أكثر جاذبية للشباب. (يواصل) يهتم النظام التعليمي في المملكة اهتماماً خاصاً بالشريعة واللغة ويدرس الطالب في 12 عاماً 3488 حصة في علوم الدين بينما لا يدرس إلا 1408 حصص في الرياضيات والعلوم. (يواصل) إضافة إلى تدريس وطغيان المواد الشرعية في مراحل التعليم العام كافة فإن صياغة تلك المقررات قد جاءت من خلال الاحتفاظ بالسياق العام لعلماء السلف وليس بأساليب حديثة تجعل الطلاب أكثر تفهماً لمدلولاتها كما أن تدريس تلك المواد يعتمد بشكل كبير على الحفظ والتلقين والتكرار. لا يمكن أن نبرئ النظام التعليمي بمؤسساته وبرامجه ودروسه ومناهجه وأنشطته من توفير بيئة مساندة لأفكار التطرف). انتهى. ولأخي الدكتور أحمد العيسى أقول: إن الشجاعة الحقة في الوقوف مع المبادئ لا في القفز على حواجز المربعات وكتابك يثبت بالتاريخ أننا ما زلنا في ذات المربع الذي انتقدت يحيى الأمير بالوقوف فيه. كل صفحة من كتابكم تحتاج فقط إلى – سيناريست – يكتب منه مسلسلاً بعدد صفحات الكتاب في مقابل حلقة يتيمة حاولت بها أن ترمم ما ظننت أنك فقدته بالجرأة التي نحترمها لك. فقط أحببت اليوم أن أقرأ كتابك عليك.