تواصل الجدل في فرنسا بعد أيام من إقرار الحكومة لمشروع يتيح لدولة قطر استثمار مبالغ ضخمة من أجل تحسين أوضاع ضواحي العاصمة باريس عبر صندوق تشارك فيه الحكومة الفرنسية نفسها، وانضمت إلى النقاش أصوات من اليمين واليسار أشار بعضها إلى وجود المسلمين بكثافة في تلك المناطق، واصفين الأمر بأنه "حصان طروادة" إسلامي الطابع. وكانت السلطات الفرنسية قد أقرت إطلاق مشروع الصندوق الاستثماري الذي كان التفاوض حوله قد بدأ في حقبة الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي، قبل أن يصار إلى تعليقه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية آنذاك. وقالت ليلى الغمارة، نائب رئيس جمعية "أنيلد" التي تضم ممثلين منتخبين محلياً وتقوم بالدفاع عن التنوع في المناطق الفقيرة، إن الجمعية التقت بأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وذلك في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بهدف ضمان الاتفاق على استثمار مبلغ 50 مليون يورو. وقالت الغمارة لCNN إنها غالباً ما تعجز عن مساعدة الشبان في تحقيق أهدافهم ومشاريعهم الطموحة بسبب فقدان القدرة على تمويلها، علماً أن الهدف الرئيسي للمشروع هو توفير الأمل للضواحي الفقيرة التي تقطنها غالبية من المهاجرين. وقد اجتمعت جمعية "أنيلد" قبل أسبوع مع أرنو مونتبور، وزير الإصلاح الصناعي في الحكومة الفرنسية، والذي وافق على الخطة، كما قرر تقديم مبلغ يوازي المساهمة القطرية، ما رفع قيمة الصندوق إلى مائة مليون يورو. غير أن الأوساط السياسية والاجتماعية الفرنسية استقبلت الموضوع بالكثير من الجدل، خاصة وأن استثمارات قطر بدأت تظهر بشكل واضح في فرنسا، بعد الاستحواذ على حصص في شركات مثل "سويز" و"فيولا" ومؤسسات إعلامية مثل "لاغاردير" وصولاً إلى الفرق الرياضية مثل باريس سان جرمان لكرة القدم. وتسبب ذلك بموجة من ردود الفعل الصادرة عن القوى اليمينية واليسارية في البلاد، فمن جانبه طالب النائب ليونيل لوكا، ممثل حزب "اتحاد الحركة الشعبية" اليميني الوسطي بفتح "تحقيق برلماني" حول "مصالح قطر" في فرنسا، وذلك في رسالة بعث بها إلى رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان.) وقال لوكا في رسالته: "لم يكن للأمر أهمية لو أن قطر كانت دولة ديمقراطية علمانية، أو حتى دولة دينية لا تطمح إلى نشر معتقداتها، ولكنها في الواقع تمارس الإسلام المتشدد." أما نيكولا ديموران، رئيس تحرير صحيفة "ليبراسيون" اليسارية، فقد تساءل بدوره حول الدوافع التي تقف خلف خطوات قطر الاستثمارية. من جانبها، قالت مارين لوبان، زعيمة حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتشدد، والذي يؤيد خطوات صارمة بمواجهة المهاجرين في البلاد، وخاصة أصحاب الأصول الإسلامية، فاعتبرت المشروع "حصان طروادة" بطابع إسلامي، متهمة الدوحة بتعمد الاستثمار في تلك المناطق لوجود عدد كبير من المسلمين فيها. وقالت لوبان: "هذه الاستثمارات لا يمكن أن تكون لأسباب إنسانية، بل دينية وسياسية، وقبولها خطأ سياسي كبير سيكون على حساب استقلالنا ليس على المستوى الداخلي فحسب بل على صعيد السياسة الدولية أيضاً." يشار إلى أن CNN طلبت الحصول على ردود فعل حول هذه المواقف من الحكومتين القطرين والفرنسية، ولكنها لم تتلق أي رد حتى لحظة إعداد التقرير. يشار إلى أن الأرقام الأخيرة للعاطلين عن العمل في فرنسا أظهرت وصول أعدادهم إلى ثلاثة ملايين شخص في أغسطس/آب الماضي، وذلك لأول مرة منذ عام 1999.