خيمت اتهامات بالتزوير من قبل معارضين على انتخابات مجلس الشعب المصري التي أجريت يوم الأحد والتي عمل الحزب الوطني الديمقراطي على ألا تشهد المكاسب التي حققتها جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات التي أجريت قبل خمس سنوات. وقال شهود عيان وحقوقيون ومعارضون إن مندوبي مرشحين معارضين مُنعوا من دخول مراكز اقتراع، وإن أعمال اقتراع نيابة عن ناخبين غائبين فيما يسمى تسويد بطاقات الاقتراع جرت على نطاق واسع. وقالت اللجنة العليا للانتخابات إن النزاهة سادت عمليات الاقتراع، وإن هناك شكاوى من تجاوزات يجري التحقيق فيها. وأضافت أن النتائج الرسمية ستعلن يوم الثلاثاء. وبحسب توكيلات مصدق عليها من اللجنة العليا للانتخابات يتعين أن يتابع مندوبون عن مختلف المرشحين عمليات الإدلاء بالأصوات وفرزها وإعلان النتائج. وفي بعض الحالات قال مسؤولو مراكز اقتراع إن الأختام والتوقيعات على توكيلات مندوبي مرشحين غير واضحة أو غير مطابقة ما دعاهم إلى رفضها. وقال معارضون وحقوقيون إن منع مندوبي المرشحين المعارضين من دخول لجان أو طردهم من لجان وتأخير بدء الاقتراع في لجان ومناوشات بين أنصار المرشحين بما في ذلك إطلاق رصاص في الهواء كان سمة الانتخابات. وقال حسن سلام وهو يخرج من لجنة اقتراع في دائرة الرمل بمدينة الإسكندرية الساحلية إن ما يجري ليس انتخابات وإنما تزوير فحسب، ودعا على مَِن يقومون بالتزوير واصفاً الانتخابات بأنها فضيحة. وأضاف "لم تكن هناك سرية. كانت الصناديق مليئة بالبطاقات (قبل الاقتراع)". لكن عبد السلام المحجوب وزير التنمية المحلية ومرشح الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم نفى حدوث تزوير في الدائرة التي يخوض الانتخابات فيها. وقال لرويترز "هذه اتهامات من ناس يبحثون عن ذريعة للتغطية على فشلهم". وهتف أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين "باطل .. باطل" في وقت توجّه فيه ناخبون إلى مركز اقتراع. وقال صبحي صالح المرشح الإخواني المنافس للمحجوب إن منشورات زائفة وزعت باسمه تقول إنه انسحب من الانتخابات. وقال حسن سعيد (25 عاما) إنه حاول التصويت في مصلحة صالح في أبيس بدائرة الرمل، لكن ضابطا في مباحث أمن الدولة رأه وهو يدلي بصوته في بطاقة التصويت وطلب منه ضرورة أن يقترع لمرشح الحزب الوطني. وقال سعيد "قاومنا لكنه قال إذا لم تقترعوا مثلما أقول لكم لن تخرجوا من لجنة الانتخاب". ولا شك في أن الحزب الوطني سيفوز في الانتخابات لكن ما هو غير معروف نسبة الفوز. ولم يسبق أن هزم الحزب الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك في الانتخابات وقال مسؤولون فيه إنهم يريدون تحقيق أغلبية الثلثين مرة أخرى. ويحكم مبارك (82 عاما) مصر منذ عام 1981 ويتوقع أن يرشح نفسه لانتخابات الرئاسة العام المقبل في وقت يشعر فيه مستثمرون أجانب بالقلق لغموض عملية نقل السلطة التي باتت قريبة بسبب تقدم سن الرئيس. وقال تاجر نقد في سيتي بنك في القاهرة إن بعض رؤوس الأموال تركت مصر الاسبوع الماضي، لكنه عزا ذلك على نحو أكبر إلى الانسحاب من الأرصدة التي تتعرض لخطورة أكبر بسبب التوتر في شبه الجزيرة الكورية وأزمة الديون الإيرلندية. وقال "إذا لم تكن هناك مشكلات حول هذه الانتخابات، فإن ذلك يمكن أن يعطي دفعة للجنيه". وقيمة الجنيه تقف عند أقل معدل لها في خمس سنوات كانت قد وصلت إليه في أوائل نوفمبر. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (0600 بتوقيت جرينتش) وانتهى الاقتراع في الساعة السابعة مساء باستثناء بعض اللجان التي بقي بها ناخبون لم يقترعوا بحلول الميعاد بحسب اللجنة العليا للانتخابات. ويتوقع أن تكون هناك إعادة في دوائر يوم الأحد المقبل. ونظم المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين احتجاجا بعد إغلاق مراكز الاقتراع ردّدوا خلاله هتافات تندد بالتزوير. وتسعى جماعة الإخوان للفوز بنسبة 30 في المئة من مقاعد المجلس الذي شغلت خمس مقاعده في انتخابات عام 2005 محققة أفضل مكسب انتخابي لها، لكن محللين يقولون إن الحكومة تريد تقليص تمثيل الجماعة قبل انتخابات رئاسية ستجرى العام المقبل. ويخوض أعضاء الجماعة الانتخابات كمستقلين لتفادي حظر مفروض عليها منذ 56 عاما. ووصفت منظمة تراقب حقوق الإنسان الانتخابات خلال ساعاتها الأولى بأنها "مأتم" للديمقراطية وقالت إن مراقبين تابعين لها تعرضوا للاحتجاز والضرب في دوائر انتخابية رغم حصولهم على تصاريح من اللجنة العليا للانتخابات لمراقبة عمليات الاقتراع. وقالت الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي في بيان إن مراقبين لها رصدوا رغم منعهم من دخول مراكز الاقتراع "العديد من الانتهاكات والتجاوزات" شملت "إرهاب الناخبين باستخدام مواد حارقة.. ومنعهم من دخول لجان التصويت" في بعض الدوائر. وتقول المنظمة إنها نشرت خمسة آلاف مراقب في البلاد. ويمكن أن تمثل الانتخابات التي يجري التنافس فيها على 508 مقاعد بينها 64 للنساء اختبارا لكيفية إدارة الحكومة للانتخابات الرئاسية المقبلة. وقالت مصادر أمنية إن السلطات في محافظة بورسعيد، إحدى محافظات منطقة قناة السويس، ألقت القبض على 80 عضوا في جماعة الإخوان المسلمين في المحافظة "لمحاولتهم إثارة الشغب أمام لجان الانتخاب". كما ألقت السلطات في محافظة أسيوط بجنوب البلاد القبض على 14 شخصا"لقيامهم بإطلاق نار في الهواء لإرهاب الناخبين" بحسب مصدر أمني في المحافظة. وخلال الحملة الانتخابية تبادل الحزب الوطني وجماعة الإخوان الاتهامات بممارسة أعمال التخويف والعنف التي شملت اشتباكات بين أنصار المجموعات المتنافسة استخدمت فيها السيوف والسلاسل والمدى والرصاص. وقالت منظمات مصرية معنية بحقوق الإنسان إن أربعة أشخاص قتلوا وأصيب ثلاثون آخرون في أعمال عنف متصلة بالانتخابات قبل الاقتراع. وقال ممثلون لمرشحي إخوان إن عمليات اقتراع واسعة نيابة عن ناخبين غائبين تمت في محافظات مختلفة لمصلحة مرشحين للحزب الوطني. وقالوا إن تلك العمليات استدعت طرد مندوبين عن مرشحين معارضين أو ضربهم وإصابة عدد منهم. وقال معارضون إن هناك "بلطجية" جابوا الشوارع في سيارات وحافلات خارج مراكز اقتراع لإبعاد ناخبين بالقوة. وقال ناخبون لمندوبة رويترز في محافظة الشرقية، شمال شرقي القاهرة، إنهم مُنعوا من الإدلاء بأصواتهم لمرشح جماعة الإخوان المسلمين. لكن مدير مباحث الشرقية اللواء عبد الرؤوف الصيرفي شدّد على أن "الشرطة تقف على الحياد ولا تتدخل إلا في حالة تطور المشاحنات بين أنصار المرشحين المتنافسين بصورة تهدّد الامن العام". وفي عام 2005 قالت منظمات تراقب حقوق الإنسان إن اشتباكات وقعت بسبب منع ناخبين من دخول لجان الاقتراع. وتقول الحكومة إن العنف ينتج عن الصراع بين أنصار مرشحين متنافسين. وقتل 14 شخصا في انتخابات مجلس الشعب السابقة. وكانت الولاياتالمتحدة التي تقدم لمصر مساعدات كبيرة قد طلبت من البلاد السماح بدخول مراقبين دوليين للانتخابات، لكن مصر رفضت ذلك واعتبرته عملاً من أعمال الوصاية غير الجائزة على الدول ذات السيادة.