لو قدّر لك أن تكون من محبي كرة الطائرة، لكن واجهتك مشكلة في حفظ مصطلحاتها وطريقة تحرك اللاعبين الستة خلف الشبكة، فما عليك من الهم شيء، فالإعلام العربي في خدمتك متى ما وجدت نفسك قد نسيت أيا من المصطلحات في لعبة كرة الطائرة. كل ما هو مطلوب منك لاستعادة بعض المصطلحات التي نسيتها أن تختار أية قناة رسمية حكومية وتستمع إلى بدايتها، فمثل هذه القنوات لا تقع الأحداث المهمة في مقدمة نشراتها، حتى لو قامت حرب كونية جديدة، فهي تستهل بدايتها بتقليدها وإرثها القديم من أيام كان كل شيء تحت السيطرة، بما فيها تدفق المعلومات. فالمتابع لكلاسيكية الإعلام الموجهة في نشراته الإخبارية، يخيّل إليه أنه يتفرج على مباراة في كرة الطائرة، من خلال استخدامه مفرداتها الشائعة التي لا تخلو من: (استقبل، تلقى، أرسل، رفع)، وهي دارجة في كرة الطائرة. ويمكن القول إن الإعلام العربي والرسمي تحديدا وشبه الرسمي والتابع وتابع التابعين ومن سار على نهجهم المتخلف واستنادا إلى واقع مسموع ومشاهد وملموس؛ يمكن القول إنه إعلام كرة الطائرة، أو تخفيفا إعلام يشبه كرة الطائرة إذا بقي على وضعه دون أن يمسه شيء من المهنية العلمية التي تتطلب قبل البدء بالصياغة والمعالجة الأخذ بشيئين مهمين لا يمكن إغفالهما، وهما: القرب الزماني والمكاني من حيث الأهمية للمشاهد والمستمع. فلا يمكن ونحن في عصر الشاشة الكونية أن نتجاهل أحداثا مهمة ونستمر في لعبة كرة الطائرة ونفرضها على المشاهد والمستمع والقارئ، الذي أصبحت لديه خيارات كثيرة ومتاحة بسهولة هي أقرب إليه من حبل الوريد، إذا جاز التعبير والإيضاح على هذا النحو، لمتابعة أهم الأحداث في عالم متصل وعلى الهواء on line. وقد يتساءل سائل أين الخبراء والمختصون؟ والجواب بالتأكيد ليس في بطن الشاعر كما يقولون، وسنبقى كذلك إذا كنا لا نريد لإعلامنا الانتشار ومواكبة الأحداث، ونبقيه رهينة لمجموعة من الإنشائين (غير الأحرار) المقولبين على نمط متخلف من حيث صناعة الرسائل الإعلامية والتفاعل مع الأحداث. ويبدو أن هناك من هو بيننا خارج الزمن ولم يصل بعد إلى القرية الكونية التي أصبحت أيضا في ذمة التاريخ، وهو المصطلح الشهير (العالم أصبح قرية كونية)، وأطلقه عالم الإعلام والاتصال الكندي الراحل البروفيسور مارشل مكلاهان في الستينيات من القرن الماضي، ولو كان عائشا وشهد التطورات المتلاحقة في عالم الإعلام والاتصال لأجرى تغييرا على هذه التسمية. وكنت قد كتبت مقالا في (عناوين) قبل عام بعنوان (العالم شاشة كونية ولو في الربع الخالي)، يحكي باختصار عن ثورة الاتصال وتجاوزنا عصر القرية الكونية والحي الكوني والعمارة الكونية والشقة الكونية، إلى عالم نعيشه الآن، وهو عالم الشاشة الكونية. يبقى القول: إن الإعلام العربي أو (إعلام كرة الطائرة)، وهو التعبير الأنسب لتوصيفه، سيستمر في تآكله من حيث الانتشار والتأثير إن لم تعاد صياغته على أسس منهجية علمية وفنية تتفق وتقنيات صناعة الإعلام. (محمد السلوم)