يعد الفنان محمود ياسين من أبرز الفنانين العرب الذين قدموا كافة الأدوار المختلفة منها الاجتماعية والدينية والتاريخية من خلال أعمال درامية متميزة ساعده على ذلك عدة مقومات وسمات شخصية أهلته للقيام بهذه الأدوار بكل اقتدار من أبرزها تمكنه من أداء اللغة العربية بطريقة سليمة ومواصفاته الشكلية والالتزام والحفاظ على القيمة والتفاني فى العمل والصدق فى الأداء بدأ مشواره الفنى من ستينيات القرن الماضى ولعب أول بطولة سينمائية فى فيلم (نحن لا نزرع الشوك) عام 1969 للمخرج حسين كمال وقدم ما يزيد على 165 فيلما تنوعت ما بين الوطنى والاجتماعى والرومانسى رصدت تطور المجتمع. والمشاهد يذكر له دوره فى مسلسل (جمال الدين الأفغانى) و(العز بن عبدالسلام) و(ابن سيرين) و(سيف الدولة الحمدانى) و(أمير الشعراء أحمد شوقى) و(محمد رسول الله) و(أبو حنيفة النعمان).. وفيما يلي نص الحوار: فى البداية سألناه: ما معايير اختيارك لأدوارك؟. الأساس عندي هو أن يلبي العمل احتياجات جماهيرية بشكل واع دون تزييف أو ابتذال وأن يناقش العمل طموحات وأحلام وهموم الجماهير ويتفاعل معها كما أسعى في الدور الخاص بي ل أن يكون جديدا لم أقدمه من قبل حتى يتيح لي اكتشاف جوانب الشخصية وأيضا كشف الجديد في إمكانياتي كممثل والاستفادة منه مستقبلا ويكون إضافة لمشواري الفني. القضايا المطروحة ما الوسيلة لكى يحافظ الفنان على النجاح؟ لابد أن يهتم الفنان بتثقيف نفسه وأن يطور دائما من أدائه وأن يتفهم الوسط المحيط به ويساير القضايا المطروحة من حوله وأن يكون لديه مبدأ لا يحيد عنه وأن يتناول من خلال أعماله قضايا مهمة ويعبر عن نبض الشعب وبذلك يستطيع الفنان أن يحافظ على النجاح الذى وصل إليه لأن الحفاظ على النجاح شيء صعب خاصة بعد الوصول إليه والمجهود الذى بذل من أجله. رأس المال حدثنا عن صناعة السينما فى الوقت الحالى.. وماذا يمثل لك التكريم؟ عملت فى السينما 165 فيلما لأننا كنا نمتلك صناعة ولدينا صناع سينما لا نظير لهم في العالم. وأننا نمتلك مخرجين عباقرة وكتابا وممثلين يقف أمامهم الجميع بدهشة بالغة ولكن القضية ليست قدرات وإنما صناعة لديها أزمة. فقد كنا ننتج أكثر من 130 فيلما والآن بالكاد نصل ل 15 فيلما والقضية في حقيقتها تكمن في رأس المال الذي يحقق ما نرجوه. وأننا نمتلك إمكانيات ضخمة معطلة مثل استديو مصر واستديو الأهرام واستديو نحاس الذي كان يعشقه كل النجوم الكبار في مصر لأنه شهد أعمالهم. فمما لاشك فيه اننا نمر بمرحلة تستدعى ان يبذل كل منا اقصى ما فى وسعه حتى نمر من هذه المرحلة بسلام. وتكريم الفنان في حياته بأنه أفضل هدية يمكن أن يتلقاها المبدع على الإطلاق. مدرسة الرأى ما مدى حبك للأعمال التاريخية؟ حبي للأعمال التاريخية يرجع إلى شغفى بالتاريخ الإسلامي خاصة الشخصيات التي كانت صاحبة مدرسة الرأى ويعتبر من أفضل وأعظم الذين أنجبتهم البشرية وهذه النوعية من الأعمال تتطلب أسلوبا خاصا في الأداء وأعتقد أنها تمد المشاهد الذهبي للحضارة الإسلامية بكل مراحلها. مما يساهم في اعتزاز المسلمين بحضارتهم وتاريخهم الذي امتد لقرون طويلة تستحق منا أن نجسدها من خلال تقديمنا لهذه الأعمال الفنية التاريخية دائما. مهمة جدا وما مواصفات الممثل الذي يجسد الشخصيات الإسلامية كالإمام أبي حنيفة؟ لابد أن تكون لديه ثقافة واعية بالشخصية التي يقدمها وبالمراحل التاريخية التي عاشتها الشخصية وتأثيرها في تاريخ الإسلام. كما أن المواصفات الشكلية مهمة جدا بالنسبة للممثل الذي يؤدي شخصية إسلامية فأنا مثلا بعد أن قرأت كثيرا عن الإمام أبي حنيفة تأكدت أن هناك مساحة مشتركة بيني وبين الإمام في المواصفات الشكلية سواء في الطول أو العرض ومهم أيضا للممثل أن يكون متذوقا للغة العربية وقادرا على أدائها بيسر وهذا يسر لي كثيرا أداء شخصيات إسلامية أخرى منذ بدأت تقديم الأدوار الدينية. حالة الطوارئ هل تأثرت بشخصية أبي حنيفة بعد أدائك لها؟ بعد أن قرأت كل آرائه في المجتمع والسياسة والحكم تأكدت أننا أمام واحد من أعظم مفكري البشرية لايستطيع (ديكارت أو سقراط) أن يطاولا قامة هذا الإمام الأعظم وتأكدت أن الإمام أنصف المرأة وأعطاها حقها كاملا في كل آرائه واجتهاداته.. واحترم إرادتها وسبق الكثيرين في هذا الشأن... وعندما أخبرني المخرج حسام الدين مصطفى بترشيحه لي لأداء شخصية الإمام أبي حنيفة أعلنت حالة الطوارئ في البيت استعدادا لأداء دوري في المسلسل فقرأت كل ما كتب عن الإمام وتتبعت في المراجع التاريخية حياته وسيرته والولاة الذين عاصرهم على مدى (70 سنة) قضى منها (52 سنة) في الدولة الأموية و(18) سنة في الدولة العباسية وهي سنوات مليئة بالأحداث التاريخية الجسام ولا تخلو من الفتن والدسائس وكان للإمام رأيه في كل هذه الأحداث فكان شاهدا على عصره وعندما يقول رأيه فهذا يعني رأى الدين في كثير من الأحداث. فالأمر إذن كان حساسا جدا لذلك لم أترك سطرا كتب عن الإمام إلا ورجعت إليه وفعلا قرأت 70 مرجعا تناولت حياة الإمام والمراحل التاريخية التي عايشها ورأي معاصريه من الأئمة فيه. الطريق إلى القدس وما أبرز الأعمال التاريخية والدينية التي قدمتها للتليفزيون؟ في التليفزيون قدمت عددا كبيرا جدا من الشخصيات التاريخية ولكنها لم تعرض للأسف الشديد في التليفزيون المصري رغم عرضها في جميع التليفزيونات العربية والمحطات الفضائية!! منها (الطريق إلى القدس) وهو أهم الأعمال الدرامية التي تعبر عن قضية القدس وتاريخه من تأليف أحمد وإخراج أحمد توفيق وشخصية (جمال الدين الأفغاني) في مسلسل يحمل اسمه. وسلطان العلماء العز بن عبدالسلام وابن سيرين وسيف الدولة الحمداني وأبو فراس الحمداني وأمير الشعراء أحمد شوقي الذي تم عرضه مرة واحدة منذ زمن وأتمنى أن يعاد عرضه. والجزء الرابع من مسلسل (محمد رسول الله) وإضافة لهذه الأعمال التاريخية هناك مسلسل ديني بعنوان (بعثة الشهداء) وتدور أحداثه حول 6 شخصيات من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم أرسلهم في مهام للدعوة من تأليف أحمد رائف وإخراج جلال غنيم ومسلسل (الإمام أبو حنيفة النعمان) من إخراج حسام الدين مصطفى وتأليف د. بهاء الدين إبراهيم. كما قدمت مع المخرج عبدالله الشيخ مسلسل (جوهرة القصر).. وهو عن سيرة خامس الخلفاء الراشدين (عمر بن عبدالعزيز) من تأليف أحمد راجح ولا أرى سببا لعدم عرضه حتى بعد قيام التليفزيون بإنتاج مسلسل (عمر بن عبدالعزيز) الذي مثله الصديق نور الشريف. ومع احترامي لزميلي الفنان نور الشريف فقد قدمت شخصية عمر بن عبدالعزيز في مسلسل عرض في معظم تليفزيونات العالم العربي وحقق نجاحا كبيرا وللأسف الشديد لا يعرف عنه الجمهور المصري ويعز على أن يذكر الجمهور أن نور الشريف جسد شخصية عمر بن عبدالعزيز ولا يذكرني أحد فهذا يؤثر في نفسيتي جدا. وبالطبع أنا لا أقصد هنا اعتزازا أو كبرياء بنفسي ولكن لأنني أديت دورا بكل أمانة وصدق وأرغب في أن يصل للجمهور ويتحقق من ورائه الرسالة التي أنتج من أجلها. الحدث الجلل هل ما زلت تذكر كواليس الأفلام التى قدمتها عن حرب اكتوبر؟ اتذكرها وكأنى كنت اصورها بالأمس فكل فنان شارك فى هذه الأعمال كان يتعامل معها وكأنه بطل فى الميدان فقد كنا جميعا متأثرين بهذا الحدث الجلل وكان كل واحد فينا يسعى باجتهاد شديد لأن يقدم واجبا لوطنه حتى لو كان مجرد عمل بسيط خاصة اننا جميعا كنا فى سن الشباب. الأجيال الجديدة هل ترى عندما قدمت افلاما عن حرب اكتوبر قامت السينما لتوثيق هذا النصر العظيم؟ بالتأكيد فالسينما من اكثر العوامل التى يمكننا الاعتماد عليها لتوثيق اى مرحلة تاريخية او حدث هام فى تاريخ الأوطان خاصة بالنسبة للأجيال الجديدة فهل كان يمكن للشباب الان ان يشعروا بحرب اكتوبر شكلا وموضوعا إلا من خلال الأفلام التى تحدثت عن حرب اكتوبر خاصة اننا من الشعوب التى تعتمد بشكل اكبر على الثقافة المرئية والمسموعة اكثر من اعتمادها على الثقافة المقروءة. خالص التقدير ما سبب عدم تقديم فيلم يجسد حرب أكتوبر بشكل ضخم يليق بالحدث؟ وقتها كانت هي الامكانات المتاحة أما الآن فإن أردنا تقديم عمل على مستوى هذا الحدث العظيم فلابد من تكاتف كل أجهزة الدولة وعلى رأسها القوات المسلحة العظيمة مع خالص التقدير لما سبق أن قدموه إلينا في فيلمي (بدور) و(الرصاصة لا تزال في جيبي) وهذان الفيلمان كل لقطة عسكرية قمنا بتقديمها كانت تحت إشراف عسكريين متخصصين. ظن المشاهد ما الشخصية التاريخية التى وضعتك فى مأزق جعلتك تتردد عند تقديم أعمال جديدة؟ بعد تقديم شخصية الإمام أبي حنيفة يصعب التفكير فى أى عمل يقل عن مستواه خاصة معى لسابق تقديمى شخصيات تاريخية قيمة وأود دائما أن أكون عند حسن ظن المشاهد بى وهى مسئولية يجب أن أحترمها. نقطة نور وآخر اعمالك الفنية؟ قدمت خلال شهر رمضان المسلسل الإذاعي (نقطة نور) تأليف بهاء طاهر وتدور أحداثه بعد حرب أكتوبر بأربع سنوات مع وجود متغير جديد في المجتمع سياسي واقتصادي واجتماعي. والمسلسل اجتماعي إنساني يناقش قضايانا المصرية والعربية من خلال احدي الأسر المصرية وتأثير الحالة الاقتصادية والسياسية على كل واحد منهم. دراما مختلفة وماذا حول ارتباط المستمع بالإذاعة؟ الإذاعة ما زالت الصديق الصدوق للمستمع وهي مصدر المعلومة الحقيقية لمن أراد الحصول على معلوماته وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمستمع الذي تربي عليها خاصة في شهر رمضان حيث لها مذاق آخر في هذا الشهر الفضيل بما تقدمه من برامج مختلفة ودراما مختلفة أيضا ينتظرها المستمع من العام إلى العام وأنا شخصيا ابن الإذاعة المصرية وتربيت داخل استديوهاتها وقد اشتقت إليها كثيرا حيث كان آخر أعمالي منذ خمس سنوات وسعيد بعودتي لها مرة أخرى وقد كنت سعيد الحظ بعمل مسلسلات إذاعية في شبكات مثل الشرق الأوسط والبرنامج العام وصوت العرب. عمالقة الفن تعليقك عن ارتباط المستمع بالدراما الإذاعية؟ الدراما الإذاعية كانت وما زالت مرتبطة بالمستمع المصري ولن أنسى أبدا مسلسل (الخامسة إلا ربع) والذي كان يقدم أهم الأعمال الدرامية الإذاعية التي شارك فيها عمالقة الفن أمثال محمود مرسي وشادية وسميحة أيوب وغيرهم من النجوم الكبار والتي تربى عليها أجيال وأجيال. واننى سعيد بالتطور الذي حدث في شبكات البرامج الإذاعية ومنها البرامج التي يستضيف خلالها مفكرين وسياسيين وفنانين ومثقفين، وأشعر عندما اسمع هذه البرامج أنني أراها ولا اسمعها فقط. فقد استطاعت الإذاعة اللحاق بركب الثورة المعلوماتية التي وصلت لكل العالم ولم يستطع التليفزيون أو الفضائيات بكثرة عددها أن تقلل من دورها وأهميتها ولهذا ما زالت تحتفظ بمكانتها وعشاقها وأنا واحد منهم. الدراما المسرحية وأين أنت من المسرح؟ أنا دائما فى اشتياق لتقديم عمل مسرحى وأتمنى أن تتاح لى الفرصة لتحقيق ذلك علما بأننى قدمت للمسرح أكثر من عشرين مسرحية منها مسرحيات (الحلم) تأليف محمد سالم واخراج عبدالرحيم الزرقانى و(سليمان الحلبى) تأليف الفريد فرج واخراج سعد أردش و(وطنى عكا) تأليف عبدالرحمن الشرقاوى واخراج كرم مطاوع و(حدث فى أكتوبر) تأليف إسماعيل العادلى واخراج كرم مطاوع و(عودة الغائب) تأليف د. فوزى فهمى واخراج شاكر عبداللطيف و(بداية ونهاية) تأليف نجيب محفوظ واخراج عبدالغفار عودة و(واقدساه) تأليف يسرى الجندى واخراج المنصف السويسى و(أهلا يا بكوات) تأليف لينين الرملى واخراج عصام السيد و(الخديوى) تأليف فاروق جويدة واخراج جلال الشرقاوى و(حلاوة زمان) تأليف د. رشاد رشدى واخراج كمال ياسين. وعشقى للمسرح كان سببه وجود نادي المسرح في بورسعيد ومن يدخل هذا النادي يشعر وكأنه حديث البناء ولن يخطر في باله أنه صاحب تاريخ يعود لتسعين عاما. وأنا من أشد المعجبين بالدراما المسرحية وهي التي شكلت وجداني.